طباعة
المجموعة: دراسات وبحوث
الزيارات: 3091

 يمثل مساهمة فعالة في تلبية احتياجات في المجتمع -

 

أكد موسى بن خميس بن محمد البوسعيدي مدير إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية إنّ المتتبع لتاريخ الأوقاف منذ القرن الأول الهجري خلال عصور الدولة الإسلامية بداية من عهد الخلفاء الراشدين وحتى عهود الدولة العثمانية في العصر الحديث، يجد أنه ما من مؤسسة من المؤسسات إلا ولها مورد وقفي يمولها.

 

وقال: كان للأوقاف الإسهام الفعال والدور الناجح في تعدد المؤسسات سواء كانت دينية أو تعليمية أو صحية أو اجتماعية وما نلحظه من تنوع لمجالات الوقف في تاريخ الأمة الإسلامية عبر عصورها المتعاقبة لهو دليل على تجسيد وشمول الوقف في تمويل ورعاية الخدمات في شتى مجالات الحياة.

 

وأوضح ان فكرة توسيع التكافل الاجتماعي للوقف في المجتمع عبر العصور ترسخت لكونه يُعد نظاما راقيا للصدقات المستمرة، وموردا مستثمرا للإنفاق، ويلبي حاجات ومنافع عظيمة للأفراد والجماعات فأصبح أحد مرتكزات التوازن الاجتماعي والفكري والمعرفي في الحياة.

 

وبين أنّ كل دولة حددت لوائحها التنظيميّة لفلسفة قانون الوقف وتزامنه مع العصر، بسبب ما اقتضاه الواقع من أهمية تطوير الأوقاف.

 

وأشار الى أن نشأة الوقف في عُمان ترجع إلى ارتباطها بأول مسجد بُني في عُمان في العام السادس للهجرة من قبل الصحابي العماني (مازن بن غضوبة).

 

وقال: ومن خلال استقراء أحداث التاريخ العماني في عهد الإمام الوارث بن كعب الخروصي- رحمه الله- الذي قام بوقف ماله الذي يملكه في قرية الهجار بوادي بني خروص وجعلها وقفاً خاصاً للجماعة الذين ناصروه على قيام الإمامة في عُمان.

 

واكد ان الأوقاف كانت تمثل أحد عوامل العصور الذهبية العمانية ولم يقتصر أهل عُمان بالوقف في بلادهم بل تعدى ذلك إلى خارجها نظراً للمصلحة العامة للمسلمين.

 

وتعددت أنواع الأوقاف في السلطنة في شتى مجالات الحياة الدينية والتعليمية والصحية والاجتماعية وحتى العسكرية، تمشياً مع مقتضيات العصر الماضي لتاريخ عُمان تصل إلى أكثر من خمسين نوعاً.

 

جاء ذلك في ورقته التي قدمها في الندوة الإقليمية التي تنظمها المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (إيسيسكو) ومنظمة الدعوة الإسلامية دولة الإمارات العربية المتحدة– الشارقة التي عقدت في الفترة من 14– 16 يناير 2013م وإلى المزيد مما قاله في الجزء الأول من هذه الورقة:

يقول موسى بن خميس البوسعيدي في مقدمة ورقته: إنّ المتتبع لتاريخ الأوقاف منذ القرن الأول الهجري خلال عصور الدولة الإسلامية بداية من عهد الخلفاء الراشدين وحتى عهود الدولة العثمانية في العصر الحديث، يجد أنه ما من مؤسسة من المؤسسات إلا ولها مورد وقفي يمولها، فلا تكاد تخلو تلك المؤسسات بشتى أنواعها من فائدة وريع الوقف لتغطية احتياجاتها.

 

فكان للأوقاف الإسهام الفعال والدور الناجح في تعدد تلك المؤسسات سواء كانت دينية أو تعليمية أو صحية أو اجتماعية وغيرها، تصب خدماتها ومصلحتها في المجتمع الإسلامي ومن خلال تتبع تاريخ الأوقاف في الدول الإسلامية، نجد أن مؤسسة الوقف اتخذت لدورها في المجتمع الإسلامي منحيين:

 

المنحى الأول: اجتماعي، أي شمول مؤسسة الوقف للجانب الاجتماعي بمعنى إذا ما نظرنا إلى تنوع خدمات الوقف هي في حقيقتها كلها تصب في الجانب الاجتماعي لحياة الناس، وذلك كرعاية المساجد والمدارس والمتعلمين وفطرة الصائمين ورعاية الفقراء والأيتام ورعاية الأفلاج والآبار والمقابر والمجالس وغير ذلك.

 

المنحى الثاني: اقتصادي، أي دفع الكفاية الاقتصادية للوقف بفعل رأس المال المتمثل في الجانب العقاري لأصول الأوقاف عن طريق الاستثمار، حيث إن عناصر الاستثمار والجدوى الاقتصادية للوقف متوفرة فيها تبعا لتنوعها ومواقعها الجغرافية، وهذا يعمل على رفع العائد الاستثماري للوقف.

 

وبذلك نستطيع القول إنه أصبح للوقف رؤية حضارية حقيقية لرعاية مستقبل الأمة والمجتمع، لكونه يمثل مساهمة فعالة في تلبية احتياجات عدة فئات ومجالات في المجتمع، فصار للوقف دور تنموي واكتفاء ذاتي مستقل، وما نلحظه من تنوع لمجالات الوقف في تاريخ الأمة الإسلامية عبر عصورها المتعاقبة لهو دليل على تجسيد وشمول الوقف في تمويل ورعاية الخدمات في شتى مجالات الحياة.

 

كما ترسخت فكرة توسيع التكافل الاجتماعي للوقف في المجتمع عبر العصور، لكون الوقف يُعد نظاما راقيا للصدقات المستمرة، وموردا مستثمرا للإنفاق، ويلبي حاجات ومنافع عظيمة للأفراد والجماعات، فأصبح الوقف الإسلامي أحد مرتكزات التوازن الاجتماعي والفكري والمعرفي في حياة المسلمين، من خلال هذا الجانب من الصدقات الذي تميز بالاستمرار في العطاء.

 

ونظراً لتطور الإدارة الحديثة للأوقاف بتشكيل وزارات خاصة بالأوقاف في مختلف الدول، فإنّ كل دولة قد حددت لوائحها التنظيميّة لفلسفة قانون الوقف وتزامنه مع العصر، بسبب ما اقتضاه الواقع من أهمية تطوير الأوقاف، وإثبات شخصية الوقف الحديثة وفق الوسائل والأساليب الإدارية والاستثمارية، التي تلبي احتياجات جهات الوقف الشرعية، لأجل المحافظة على بقاء الأصول الوقفية، وإيجاد أصول أخرى تحقق النماء الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الإسلامي، لا سيما وأن العالم اليوم يشهد تطورات عدة خاصة في مجال التعليم والبحث العلمي الحديث الذي يصب في مجالات كثيرة مهمة.

 

ومن خلال ورقة البحث هذه سنسلط الضوء على بعض النماذج الوقفية التي ساهمت بشكل كبير في حل بعض المشكلات الاجتماعية بالمجتمع العماني عبر فترات تاريخية سابقة ومقترحات التي نأمل أن تكون نماذج للتجربة الوقفية في العصر الحديث.

 

وبناء على عنوان هذه الندوة ومحاورها فقد قسمت ورقة البحث إلى ثلاثة مباحث وفق الآتي:

المبحث الأول: نبذة مختصرة عن تاريخ الأوقاف في عُمان وإدارتها وأنواعها.

المبحث الثاني: التكافل الاجتماعي من المنظور الإسلامي.

المبحث الثالث: نماذج مساهمة الأوقاف في معالجة بعض المشكلات الاجتماعية ووسائل تطويرها.

 

النشأة التاريخية للأوقاف

وفي المبحث الأول تناول: نبذة مختصرة عن تاريخ الأوقاف في عُمان وإدارتها وأنواعها، مبتدئا بالنشأة التاريخية التي أكد فيها: أن نشأة الوقف في عُمان ترجع إلى ارتباطها بأول مسجد بُني في عُمان في العام السادس للهجرة من قبل الصحابي العماني (مازن بن غضوبة) الذي أسلم على يد رسول الله، وعاد إلى عُمان وبنى المسجد المعروف بـ(مسجد المضمار) بولاية سمائل، إلا أن المصادر التاريخية لا تسعفنا عن تأكيد وجود عقار وقفي لتلك النشأة التاريخية الأولى للوقف في عُمان.

 

ومن خلال استقراء أحداث التاريخ العماني في عهد الإمام الوارث بن كعب الخروصي- رحمه الله- الذي قام بوقف مقدار أربعين سهماً من بستان النخيل الذي يملكه في قرية الهجار بوادي بني خروص وجعلها وقفاً خاصاً للجماعة الذين ناصروه على قيام الإمامة في عُمان، نستنتج أن هذا العقار الوقفي يعتبر أقدم وقف موجود في عُمان إلى اليوم منذ القرن الثاني الهجري وتحديداً في عام (179هـ/ 798م).

 

ويصرف ريع هذا الوقف بشراء أرز يقسم على أهالي هذه البلدة حتى الآن، وهذا الوقف عبارة عن مزرعة يقوم بالإشراف عليها وكيل خاص يتولى رعايتها.

 

ثانياً: إدارة الأوقاف العمانية وأهميتها وتطورها:

من خلال تتبع التاريخ العماني يتضح أن إدارة الأوقاف كانت تتم من خلال الإشراف العام عليها من قبل إمام المسلمين، الذي يقوم بتعيين مشرفين يقومون بتعيين وكلاء لتلك الأوقاف ومحاسبتهم، وأغلب أولئك المشرفين هم من العلماء والقضاة الذين يشغلون منصب القاضي والوالي في الوقت نفسه.

 

وقد كان للأوقاف دور رئيس في خدمة الدولة العُمانية عبر عصورها، حيث كانت النخلة تُعد الدخل القومي الأول فاعُتمد على الأوقاف في تسيير أمور الدولة، ولذلك كانت معظم الأوقاف العمانية عبارة عن بساتين النخيل والأراضي الزراعية، وكانت الأوقاف تمثل أحد عوامل العصور الذهبية العمانية، من ذلك ما ذكر أن الإمام سلطان بن سيف اليعربي الثاني المتوفى عام(1131هـ/ 1719م)، اقترض أموالا كثيرة وقّـفت للمساجد لأجل استكمال بناء حصن الحزم بولاية الرستاق.

 

ولم يقتصر أهل عُمان بالوقف في بلادهم بل تعدى ذلك إلى خارجها نظراً للمصلحة العامة للمسلمين، فقد وقَّف يزيد بن عزيز بن راشد بن محمد العماني قطعتين من المزارع اللتين تسقيان من "فلج ضوت" (بولاية نزوى) أوقفهما لعمار المسجد الحرام ولصلاحه، وكان ذلك في القرن السابع الهجري وحررت الوثيقة بتاريخ 15 ذي الحجة سنة 648هـ. (المصدر السابق نفسه).

 

وخلال العصر الحديث ظهر أول مسمى إداري للأوقاف في عهد السلطان (سعيد بن تيمور)، بتأسيس دائرة للأوقاف في عام 1950م بالعاصمة مسقط، وكان مديرها السيد هلال بن محمد بن سعيد البوسعيدي.

 

وببزوغ فجر النهضة الحديثة للعهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم– حفظه الله ورعاه- في عام 1970م تطورت إدارة الأوقاف فتم إنشاء وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، ثم تم إنشاء وزارة الأوقاف مستقلة بذاتها في عام 1997م، ثم صدر المرسوم السلطاني رقم (65/2000م ) الخاص بقانون الأوقاف العماني، وصار للوقف مفهوم إداري حديث يتصف بالشخصية الاعتبارية، له أهميته الاجتماعية والاقتصادية، كما جاءت اللائحة التنظيمية لقانون الأوقاف العماني موضحة لأسلوب الإدارة الحديثة للأوقاف وسبل تطويرها وتنميتها تحقيقا لمصلحتها وفق المسوغات الشرعية.

 

أبرز أنواع الأوقاف الموجودة

وتطرق الى أبرز أنواع الأوقاف الموجودة في السلطنة قائلا: قبل ذكر أنواع الأوقاف العمانية لا بد من الإشارة إلى أن الأوقاف في سلطنة عُمان أغلبها عبارة عن بساتين النخيل المنتشرة معظمها بالمنطقة الداخلية بعمان هذا إلى جانب الأراضي الزراعية، حيث توجد أنواع جيدة من أصناف النخيل إلى جانب الأنواع الأخرى يتم طناؤها سنويا وهو ما يعرف بالمزاد العلني لثمار النخيل.

 

كما أن بعض تلك الأوقاف عبارة عن سهام أو حصص من سقي مياه الأفلاج والتي تسمى بـ(الآثار) مفردها أثر وهو المدة الزمنية للسقي من الفلج (نصف ساعة للأثر الواحد) حيث إن لأثر الماء الواحد قيمة نقدية تؤجر لصالح الأوقاف أو يباع بقيمة مجزية تصل إلى قرابة ما بين ألف وخمسمائة إلى ثلاثة آلاف ريال عماني.

 

وتعددت أنواع الأوقاف في سلطنة عُمان في شتى مجالات الحياة الدينية والتعليمية والصحية والاجتماعية وحتى العسكرية، تمشياً مع مقتضيات العصر الماضي لتاريخ عُمان، نظراً لحال واقع الحياة وحاجة الناس في ذلك الوقت، باختلاف تنوع مجالات الحياة، وفيما يلي بيان لأبرز تلك الأنواع:

أولا: أوقاف المساجد: وهي أغلبها من الأموال الخضراء المتمثلة في بساتين النخيل والأراضي الزراعية وبعضها من الأراضي البيضاء والسكنية، ويشرف عليها وكيل شرعي معتمد من قبل الوزارة.

 

وثانيا: أوقاف الأفلاج: وتوجد في أغلب القرى العمانية، وهي من مميزات أهل عُمان، نظراً لاعتمادهم منذ القدم على تلك الأفلاج في الاستعمال المنزلي والزراعة، ولهذا فقد وقفت العديد من الأموال الخضراء والأراضي البيضاء لصالح هذه الأفلاج لضمان استمرار تدفق الماء ولصيانة عين الفلج وقنواته، هذا بالإضافة إلى وجود آثار المياه الموقوفة من الفلج نفسه لمصلحة الفلج والتي لها قيمة مالية عند التأجير والبيع سبق ذكرها، فيصرف من ريع تلك الأموال والآثار الموقوفة بما يخدم مصلحة الفلج.

 

وثالثا: وقف المتعلمين: في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، الذي أوصى به الإمام سلطان بن سيف اليعربي الثاني- رحمه الله- المتوفى عام (1131هـ/ 1719م)، حيث أوصى الإمام بوقف (29) أثر ماء من سقي فلج دارس بولاية نزوى، قسمها إلى ثلاثة أقسام (5 آثار ماء) لمتعلمي العلم الشريف من أهل نزوى، و(12 أثر ماء) لمتعلمي العلم الشريف من المسافرين، و(12 أثر ماء + أرض زراعية) لمتعلمي القرآن الكريم ببلدتي السفالة والعلاية بولاية نزوى، وتوجد في ذلك وثيقة شرعية وتاريخية محفوظة بيد الوكلاء في تلك الولاية.

 

ورابعا: أوقاف المراكب والسفن الحربية: ووردت في كتب الفقه العمانية باسم (الشذاء)، حيث سجّل التاريخ العماني وجود أساطيل السفن الحربية العمانية التي خاضت معارك بحرية زمن الأئمة والسلاطين، ضد الفرس والبرتغال، والتي كان يصرف على بنائها وصيانتها وتمويل مؤنها من عائدات الأوقاف وبيت المال.

 

وخامسا: أوقاف المدارس القرآنية والفقهية والمكتبات: التي انتشرت بصورة واضحة عبر فترات تاريخية في ولاية نزوى كمثل مدرسة جامع الشواذنة، ومدرسة جامع سعال ومدرسة جامع نزوى، ومدرسة مسجد الشجبي، وكذلك في ولاية بهلا ومن أمثلتها، مدرسة ابن بركة البهلوي، ومدرسة جامع بهلا القديم، ومدرسة حصن بهلا، ومدرسة حصن جبرين.

 

وسادسا: وقف (بيوت الرباط) بالقرب من الحرم المكّي، منذ القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي، وهما عبارة عن بنايتين كل واحدة من عشرة طوابق، وأصلهما بيتين قديمين، الأول منهما الذي كان معروفا في مكة المكرمة بدار أبو العز، واشتراه السيد حمود بن أحمد بن سيف البوسعيدي من ماله الخاص من ورثة محمد أبو العز، وجعله وقفاً للحجاج والزائرين الفقراء العمانيين، والبيت الثاني اشتراه من مالكه حسن بن محمد جمل الليل، وذلك خلال رحلة الحج بصحبة السيد برغش بن سعيد البوسعيدي (سلطان زنجبار) في عام 1289هـ/1872م، وقام بإقرار الوقف لدى المحكمة الشرعية بتاريخ ١٦ ذي الحجة ١٢٨٩هـ، وجعل الوكالة (النظارة) على الوقف حسن بن محمد جمل الليل وفي ذريته من بعده. وتم تأكيد توثيق الوقف في عهد الإمام محمد بن عبدالله الخليلي (1338هـ - 1373هـ/ 1920م – 1954م)، بمتابعة خاصة من قبل الشيخ الشيبه محمد بن العلامة عبدالله السالمي وبدعم من الإمام محمد بن عبدالله الخليلي الذي حمله خطابين في ذلك الصدد أحدهما الى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وثانيهما إلى ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز. ثم أحيل الموضوع إلى المحاكم في مكة المكرمة بناء على أمر من الملك وولي عهده وحكمت بثبوت أحقية العمانيين في وقف بيوت الرباط بمكة المكرمة. وفي العصر الحديث تم التنسيق مع الحكومة السعودية ومع الوكيل الحالي لوقف بيوت الرباط السيد محمد صافي جمل الليل وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف العمانية لإعادة بناء البيتين وتم إنشاء البناية الأولى في عام 1983م والثانية في عام 1991م. (ينظر: المغيري، الشيخ سعيد بن علي: جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار، تحقيق: الصليبي، محمد علي، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ط4، 2001م، ص 362، الخصيبي: مرجع سابق، ج 3، ص 317، 318 البوسعيدي، موسى: الشخصية الاعتبارية للوقف، ص 104، 155، وقف الرباط العماني، سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي، ورقة بحث مقدمة في ندوة (الوقف في عُمان)، جامعة السلطان قابوس، مسقط، 2009م).

 

وسابعا: وقف القرطاس: نظراً لقلة وجود الورق في الفترات السابقة والحاجة لصناعته. ويتم صرف هذا الوقف على نوعين، النوع الأول وهو ما يصرف لإعمال الكتابة للمدارس التعليمية كشراء الأوراق والأحبار، والنوع الثاني يصرف منه في تأجير الكتبة المختصين بتدوين الصكوك والإقرارات والأحكام الشرعية.

 

وثامنا: وقف الكتب: ويختص لشراء الكتب وصيانة القديمة منها وتجليدها وما يختص بها.

 

وتاسعا: وقف السراج: والمقصود به هو ما يختص بمصابيح المسجد، ويتعذر صرف ريعه حالياً، لكون استهلاكات كهرباء المساجد على نفقة الحكومة، وبهذا لا يصرف في شيء آخر إلا بفتوى شرعية من سماحة الشيخ المفتي حفظه الله تعالى.

 

وعاشرا: وقف حل التراب (زيت الكروسين): ويشترى بعائد هذا الوقف كيروسين (جاز)، ليستخدم في إضاءة السراج الذي ينير المساجد والمجالس العامة، تبعاً لظروف الحياة وقتذاك، ويتعذر صرف ريعه حاليا، كمثل وقف السراج.

 

والحادي عشر: وقف فقراء محلة: وهو مقيد لمنطقة معينة للفقراء منهم فقط.

 

والثاني عشر: وقف العميان أو (وقف العصي): الذي يخص فاقدي البصر ويصرف لهم من ريع الوقف لشراء العصي المعروفة باللهجة المحلية بـ(المقاشيع).

 

والثالث عشر: وقف الـبُـلّغ: وهو خاص للشباب البالغين الذين يتم تكليفهم بأعمال معينة ويصرف لهم من الوقف كحافز لهم.

 

والرابع عشر: وقف المجاذيم: ويصرف من ريعه لتلك الفئات المحتاجة مما يعود بالنفع لهم من ناحية الرعاية ونحوه، وهو الآن تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية.

 

والخامس عشر: وقف النوائب والحوادث: ويجعل ريع هذه الوقف في الغرم عن الحوادث والإصابات أو ديات القتلى في القتل التي تتحملها العائلة أو القبيلة، أو في الحوادث التي تصيب أهل القرية وتتطلب عوناً مادياً.

 

والسادس عشر: وقف الوقت: وهو وقف حديث، من قبل بعض مشائخ العلم القيام بوقف جزء من وقته سواء ساعة في اليوم أو يوم في الأسبوع وما شابه ذلك، لأجل تعليم القرآن والعلوم الشرعية احتساباً للأجر من الله تعالى.

إلى غير ذلك من الأوقاف التي تصل إلى أكثر من خمسين نوعاً لا يتسع المجال لذكرها.

 

وحقيقة القول من خلال استقراء أنواع الأوقاف العمانية نجد أغلبها مرتبطا بواقع الحياة الاجتماعية التي عاشها العمانيون عبر فترات التاريخ، وفي ذلك دليل لمعنى التكافل الاجتماعي بين أفراد وجماعات المجتمع من خلال العمل بسنة الوقف كأحد نماذج التعاملات الإسلامية الشريفة لابتغاء الأجر والثواب.

 

وسنحاول في المبحث الأخير من هذا البحث إبراز أهم المشاكل الاجتماعية التي ساعدت تلك الأوقاف في علاجها وتقديم منفعتها لأبناء المجتمع واقتراح التطوير المطلوب لتلك الأوقاف لكون أغلبها مندثرا ويتعذر صرف عائده، واعتبار بعضها الجهة المستفيدة متعذرا وجودها أو اختلف الزمان للصرف عليها.

_______________________________________

جريدة عمان: الجمعة 27 ربيع الأول 1434ه / 8 فبراير 2013م

متابعة: سيف الخروصي