طباعة
المجموعة: بأقلام القراء
الزيارات: 1800

الحادثة ملخصة من حديث دين ودنيا للمفكر الأديب علي الطنطاوي بشيء من التصرف والزيادة:

----------------------

حادثة وقعت 19 نوفمبر 1946م

طائرة عسكرية أمريكية صغيرة كان فيها اثنا عشر راكبا.. قائد الطائرة ابن جنرال وأمه كانت موجودة مع الركاب، وكان معهم طفل، وأربع نساء..

 

الطائرة أقلعت من أميونخ إلى مرسيليا، وكان خط سيرها فوق جبال الألب السويسرية..

 

أثناء سير الطائرة إضطربت إضطراباً فجائياً، كأنها صارت ريشة في مهب الريح، ثم أفلتت الكراسي صارت تتحرك من جهة إلى جهة من شدة إضطراب الطائرة..

 

وأحست أم قائد الطائرة بأنها وقعت عن المقعد، وسال دمها، بعد ذلك خرج ولدها قائد الطائرة من مقصورة القيادة وطمأنهم بأن الأمور بسيطة وأنه لا يوجد خطر، وكان الدم يسيل من وجهه، ولا يزال جهاز الاتصال اللاسلكي سليماً، فبعث إشارات الاستنجاد....

 

بعد ذلك استقرت الطائرة وانحشر الركاب كلهم في زاوية منها، لأن أرضيتها صارت مائلة، أمضوا ليلة من اشق الليالي وأبردها وأصعبها...

 

لما أصبح الصباح سكنت الريح وكانت شديدة، وصفا الجو، ففتحوا باب الطائرة ونظروا وإذا هم على جانب شفير وادي من الأودية ، واذا بالطائرة مائلة على حافة جبل على شفير واد سحيق وكان شفير الجبل قطعة ثلج متجمد لشدة برودة الجو...

 

فدهشوا كيف هبطت الطائرة من علو 126 ألف قدم، ثم لم يصب أحد من ركابها بأذى، إلا بعض الجروح والشجوج الخفيفة، كيف استقرت على هذا الشفير؟..

 

وصلت النجدة وأخرجوا الركاب، وجاءوا ليشكروا قائد الطائرة على براعته في إنزال الطائرة بدون أن تتحطم، فقال لهم: أنا لم أعمل شيئاً، لما رأيت الطائرة تضطرب بشدة يئست ولم أستطع أن أعمل شيئاً...

 

وكان جميع الأزرار بين يدي ولكن ذهبت عني خبرتي كلها، ولم يمر على عقلي شيء إلا أني تذكرتُ كلمة قالها لنا أحد أساتذتنا ونحن في المدرسة الابتدائية...

 

قال لنا: اذا واجهتم في الحياة موقفاً لم تستطيعوا وحدكم أن تقابلوه.. فلا تقابلوا هذه المشقة وحدكم، بل اطلبوا من الله أن يكون فيها معكم...

 

قال قائد الطائرة: أنا توجهت إلى الله بالدعاء ولم يبق عندي شيء أفكر فيه إلا الله، فكان أن استقرت الطائرة على هذا الشفير والجرف الخطير المشرف على الوادي السحيق وقد سلمها الله من أن ترتطم بالجبال فتتحطم، وسلمها أن تميل فتسقط في الوادي السحيق وبذلك نجونا.

 

فانظروا إلى هذه العبرة والموعظة التي ألقاها مدرس غير مسلم على طالب غير مسلم، كيف كان أثرها في قلب هذا القائد بعد عشرات السنين!! لكنها حقيقة من الحقائق التي يقبل بها المسلم وغير المسلم.

00000000000000000000000000

تعليق من غير الأديب الطنطاوي:

ومن هنا نعرف مدى فقرنا وحاجتنا إلى الله، وأننا بعدنا كثيرا عن الله، وان المادة طوحت بنا بعيدا عن ديننا وخالقنا، فلنتوجه إلى الله بقلوبنا وصالح أعمالنا في كل حوائجنا وكشف كربنا وإزاحة همومنا، ولو كنا مع الله لما احتجنا الى أحد سواه.

 

ان العبد لما يكون مع الله يحس بالطمأنينة والسكينة، ويشعر بسعادة غامرة لا تعدلها سعادة، يقول الله تعالى :{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }( البقرة 186) .

 

عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال : قال النبي- صلى الله عليه وسلم-عن رب العزة جل وعلا في الحديث القدسي: ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) رواه البخاري و مسلم .