السلام عليكم ورحمه الله وبركاته الشيخ عبدالله أذا تسمح عندي سؤالين وأتمنى منكم الرد :

امرأة تزوجت من رجل لا يعرف الدين أجبرها علي رؤية أفلام محرمه وقام بضربها إن لم تطعه، وطالت المشاكل مدة سنتين وفي آخر المطاف خلصها الله من أذيته بالطلاق، وهذه المرأة الآن متزوجة والحمد لله أم لثلاثة أبناء لكن لا زالت تراودها أحلام وأوهام من حياتها السابقة وتقرأ القرآن والأدعية لكن لا تفارقها هذه الأوهام فما نصيحتكم لها.

 

 والسؤال الثاني: أنها اعتبرت رجلاً من أقربائها كبير السن بمثابة أبيها ولكن فوجئت بأن هذا الرجل حاول التحرش بها فتجنبته فما وجب عليها لتكفر عن ذنبها وأسأل الله المغفرة .

---------------------

 

الحــل:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لا شك بأن الذكريات المرة تحتاج وقتاً لتُنسى، خاصة إذا عاشها صاحبها لحظة بلحظة وشرخت في قلبه شرخا سقاها كؤوس مرارة الأحزان والحرمان، والإنسان بطبعه كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر، انه ألم دفين وذكريات الماضي وجراحات ساخنة لا تفتر عن الألم .

 

إنها معاناة الأرواح، فهي من تسعد وتتعذب، وفي متاهات الدروب تتسامى تلكم الروح أو تتعثر في صخب الحياة .

 

 وبقدر ما يتناسى المرء هذه الذكريات القاتمة بقدر ما تتلاشى من نفسه، ومع مرور الأيام تختفي إلى الأبد، فالذكريات المؤلمة تحتاج إلى قوة إرادة في نسيانها وتجاهلها بعد توفيق الله، وذلك بإشغال الوقت بكل نافع وعدم ترك فراغ لتتسلل إليه تلك الآلام، ولتنظر هذه المرأة إلى مستقبلها وزوجها وأبنائها، وفيها شغل لها لتدير ظهرها إلى الأيام الماضية، ولتعلم بأنه كما يوجد في الحياة الألم توجد اللذة، وكما يوجد الظلم يوجد الحق والعدل، وأن السعادة والذكريات الجميلة والحياة الهانئة نحن نصنعها بأيدينا إن التزمنا أوامر الله، فمالنا وبما مضى! ومالنا وذكريات الألم والأحزان! فلنصنع سعادة تمتلئ بها القلوب وفرحة ترتسم على الشفاه، أنصحكم بالتفاؤل والاستبشار على الدوام، فإذا هجم عليكم ألم الماضي فتذكروا نعمة الله عليكم كيف أنقذكم منها، فتحمدون الله على تلك النعمة، فما بعد الصبر إلا الفرج، وقد فرَّج الله عنكم، فانظروا كيف أنعم الله عليكم، فلا تكدروا نعمة الله بتذكر ما مضى.

 

ثم أنصحكم بعدم الحديث عن ذكريات الماضي عند أحد أبداً، فإنك كلما تذكرتيها وتحدثتِ عنها أحرقت فؤادك وجددت آلامك، بل اشتغلوا بكل خير وملأوا حياتكم فرحة وسعادة، شاكرين لنعم الله، ولو رأيت غيرك من أخواتك في المجتمع اللاتي ما زلن يتعذبن لنعرفتم منة الله عليكم، حيث صرتم في سعادة، وفرج الله عنكم كل ضيق، ومن تذكر ألم غيره هان عليه ألمه ومصيبته.

 

 

ثم ذكر الله أولاً وآخراً ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) فما بالك والهم والألم؟ اسكبي عليه من برد ذكر الله ما يخفف لهيبه، والقرآن حياة القلوب، والصلاة ضياء ونجاة وفلاح، واقرأوا من سير الصحابة والصالحين ما يسلي همومكم، والتفتوا إلى أنفسكم بناء لشخصيتها وتقوية لإيمانها، فالعمر قصير فلا تقطعوه في الأحزان والآلام، بل حالفوا طاعة الله والأمل والتفاؤل يحدوكم إلى حياة الخير والسعادة والجد والعمل والشكر لنعم الله تعالى.

 

 

القضية الثانية: ينبغي للمرأة إن أجلَّت رجلا أجنبياً عليها ليس من محارمها لكبر سنه أن لا تنسى أنه بشر يخطئ ويصيب، وأن التزامها بأمر الله واجب عليها معه، كغض البصر، وعدم الخلوة، وعدم انكشاف شيء من الجسد، أو إظهار شيء من الزينة، وإذا كانت المرأة كبيرة السن مأمورة بالستر مع الأجانب فالشابة التي تُشتهي أولى بذلك الستر والتصون من غيرها ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:60).

 

ان التهاون في مثل هذه الأمور بدعوى الثقة والاحترام هو الذي جر البلايا على الأفراد والأسر، ولو التزم الرجال والنساء أخلاق الإسلام وآدابه لم نجد إلا مجتمعا صيناً طاهراً يحرص فيه الجميع على الستر والعفاف، لكن مع التساهل تقع المصائب، يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، ويقول عليه الصلاة والسلام: ( ألا لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ).

 

 

فننصحها بالاستغفار والتوبة مما سلف وكان، وأن تكثر من طاعة الله، وأن تلتزم شرع الله وآداب الإسلام مع كل أحد تتعامل معه، وأن تنظر في تعاملها بعين الشرع لا بالعاطفة والمشاعر، والله يكتب لنا ولكم التوبة والأوبة الصادقة والسعادة في الدنيا والآخرة.