السؤال:

** ذكر في كتاب هداية القاري إلى تجويد كلام البارئ للشيخ عبد الفتاح المرصفي ، المجلد الأول الطبعة الأولى مكتبة مجد الإسلام ،صـ 66 :

 

مخرج حرف الضاد : " إحدى حافتي اللسان و ما يليها من الأضراس العليا التي في الجانب الأيسر أو الأيمن .

و يخرج منها حرف واحد و هو الضاد المعجمة و خروجها من الحافة اليسرى أكثر و أيسر .

و من اليمنى أصعب و أقل .

و من الحافتين معا أقل و أعسر و هذا ما أشار إليه الإمام الشاطبي بقوله:

... ... و هو لديهما ** يعز و باليمنى يكون مقللا اهـ

 

1ـ أغلب كتب التجويد لا تذكر الوجه الثالث لإخراج حرف الضاد ( من الجانبين معا ) و إنما تقتصر على ذكر ( الجانب الأيسر و الأيمن ) معللة ذلك ـ كما فهمت ـ بصعوبة و تعذر و عدم إمكانية إخراج هذا الحرف من الجانبين معا ، فهل فعلا و من خلال خبرتكم في دراسة و تدريس علم التجويد ترون أن النطق بهذا الحرف من حافتي اللسان معا من الأمور العسيرة و المتعذرة جدا كما هو مفهوم من كتب التجويد ... ؟!

الجواب:

 كتب التجويد تتحدث عن حالة أكثر الناس بأن الله خلقهم في نطقهم للضاد من اللسان مع الحافة اليسرى، ولا يمنع من نطقها بخلاف ذلك ما دام النطق صحيحا.

------------------

س2: بعض معلمي التجويد يلزمون أنفسهم و طلابهم بإخراج حرف الضاد من حافة اللسان اليسرى ، و لا يرون إمكانية إتقان النطق بها بإخراجها من حافتي اللسان معا معللين ذلك بـأن زمان إمكانية إتقان نطقها من الجانبين معا إنما هو زمان ولى و انقضى (و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرجها من الجانبين ، و قيل : بأن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يخرجها من الجانبين أيضا ـ من كتاب نهاية القول المفيد في علم التجويد للشيخ الجريسي صـ 45 ـ ) ، أما الآن فلا يمكن ذلك لأحد .. !!

و لا أدري لماذا ؟

ـ هل تغيرت التركيبة الخلقية البشرية لأعضاء النطق بحيث صارت لا تستطيع النطق بالحروف العربية الفصيحة التي نزل بها القرآن الكريم ؟

ـ أم أن التداخل و التأثر باللغات و اللهجات الغير عربية أدى إلى أن صارلا يوجد في هذا الزمن لسان عربي يستطيع النطق بحرف الضاد الفصيحة كما أنزلت ..؟!

و لعل بعض من يقول بتعذر إمكانية إخراجها من الجانبين معا يعتمد في رأيه و يستشهد بما يرد في أغلب كتب التجويد عند الحديث عن حرف الضاد :

(و خروجها من الحافة اليسرى أكثر و أيسر ، و من اليمنى أصعب و أقل ، و من الحافتين معا أقل و أعسر ) ..

 

ـ أرجو منكم بارك الله فيكم ردا استوضح من خلاله ما أشكل علي في فهم هذه المسألة ..

 

الجواب:

 ليس لكل ما ذكرتم دخل، ولكن أرأيتم لو أنكم قصدتم زيارة احد في مكان جبلي، وكانت عدة طرق تؤدي الى المكان، طريق سهل معبد يأتي أسفل الجبل يوصل للمكان بيسر، وطريق آخر يصعدك للجبل مع وعورته حتى تصل لمقصودك بمشقة، كذلك الضاد فطرة أكثر الناس التي خلقهم الله عليها بأن ينطقوا الضاد من اللسان مع الحافة اليسرى، فليس من الحكمة ولا العلم أن نعسر عليهم ما يسره الله عليهم، وبالعكس لو وجد شخص ينطق الضاد من اللسان مع الحافة اليمنى بسهولة ويعسر عليه أن ينطقها مع الحافة اليسرى فليس من الحكمة ان يحمل على ذلك.

 

وليس كل ما يذكر في كتب التجويد لا بد ان يطبق على كل أحد، ولذلك تعددت القراءات ووجوها وهيئاتها، فما يسهل على ألسنتنا في قراءتنا يعسر على غيرنا في قراءتهم، وما يسهل على غيرنا في قراءتهم يعسرنا علينا في قراءتنا، ولذلك قال نبينا الكريم ( نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف، فاقرأوا ما تيسر منه ) اذاً أي وجه منها شاف كاف، واقرأوا ما تيسر منه، أي ما يتيسر لكم قراءته بذلك الوجه وبذلك الشرط، فأنتم مصيبون للغاية.

 

نعم من يتدرب على ذلك ويمارس ليتعلم فلا يمنع من ذلك، ولكن لا يعمم على الناس، وقد احسن هذا المدرس في التصرف، وليس هذا الأمر منوط بالسابقين بل بفطرة الله التي فطر الناس عليها، وربما يوجد الآن من يتيسر له بسهولة ما تيسر للسابقين.

-------------------

السؤال:

 كذلك نجد من يقول بأن حرف الضاد الذي ننطق به في زماننا هذا ليس هو حرف الضاد الذي نطق به الرسول صلى الله عليه و سلم و إنما قد حدث لنطق هذا الحرف انحراف و تغيير ..

 

 

** و أيضا ذكر في موقع ملتقى أهل التفسير في منتدى الملتقى العلمي للتفسير وعلوم القرآن عنوان الموضوع ( ليلة علمية ممتعة في المدينة النبوية مع مشرفي ملتقى القراءات والتجويد وعدد من الأعضاء ) رقم المشاركة 7 :

 

( وسئل فضيلته عن حرف الضاد هل انحرف (نطقا) في فترة من الفترات؟؟ فقال: صرح الدارسون بهذا.. وما نستطيع أن ننسب (لسيبويه) أنه أخطأ في الوصف،.. سيبويه دقيق في وصف المخارج، فعندما وصف الضاد بأنها من الحافة أو من أقصى الحافة وأنه مستطيل وأنه رخو وأنه مجهور...إذا تضع هذا بجوار الضاد الآن ومن يقول إنها شديدة ومخرجها من طرف اللسان واللثة وما هي مستطيلة فاختلف المخرج واختلفت بعض الصفات كيف نفسر هذا الاختلاف هل أخطأ سيبويه في ذلك الوصف وهو نفس الصوت؟؟، العلماء السابقون-رحمهم الله- يقولون قلَّ من يحسنها تستعصي.. حتى قال سيبيويه استعصت على بعضهم فنطق بها ضعيفة، علماء القراءات والتجويد كانوا يشيرون و ينصون أن الناس انحرفت الضاد على ألسنتهم، حتى ابن الجزري ذكر أربع صور لنطق الضاد..، موضوع التحول في الضاد حقيقة ثابتة والله أعلم. ) . اهـ

 

ـ كيف أوفق بين هذا القول و بين قوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ) فنحن نؤمن بأن الله سبحانه و تعالى قد تكفل بحفظ كتابه من التغيير و التحريف و هذا يشمل بالطبع حفظ اللسان القرآني العربي الفصيح بما في ذلك مخارج حروفه و صفاتها فكيف إذن يقال بأن التغيير و التحريف قد دخل في نطق الحروف العربية القرآنية ..؟

ـ أم أن هذا القول ( القول بأن النطق بالضاد الفصيحة قد دخل على نطقها تغيير و تحريف ) لا يقصد به إلا لعموم القراء و طلبة العلم و لا يندرج تحته خاصتهم من أهل القراءات و علماء هذا الفن الراسخون فيه فهؤلاء ينطقون بالضاد الفصيحة كما كان ينطقها الرسول صلى الله عليه و سلم ..؟؟

 

الجواب:

 هذا موضوع يطول لم أفرغ للكتابة فيه، والا فالمادة العلمية جاهزة عندي، والخلاصة الآن بأن الله لم يكلفنا عسيرا بل كلفنا يسيرا، واللغة العربية حفظت بحفظ القرآن، ولكن الخلاف في النطق طرأ من أن الناس بدأت تنقل من الكتب التوصيف لنطق هذا الحرف، والتوصيف شيء والتطبيق شيء آخر، ولو أنهم اكتفوا بالنقل المتواتر بالتلقي لما اختلفوا، على ان هذا الاختلاف حديث لم يوجد في القرون المتقدمة، واكتفي الآن بأن أنقل لكم بعض نصوص علامة الأدب شعرا ونثرا الفقيه العلامة البليغ أبو مسلم البهلاني، حيث شرح هذه القضية في نثار الجوهر في عدة مواضع:

 

* ( إذا عرفت هذا فاعلم أن الفرق بين الضاد المعجمة والظاء المشالة في القراءة واجب، وإخراج أحدهما من مخرج الثاني لحن فتجنبه في الصلاة وفي القراءة مطلقاً، لأن القراءة سنة متبعة، وعدم الفرق بين هذين الحرفين كعدم الفرق بين سائر الحروف المشتركة في بعض الصفات، ولا تغترر بما في ( المصباح ) من حكاية الفراء عن المفضل أن من العرب من يبدل الضاد ظاءً، فيقول: عظَّت الحرب بني تميم، وأن من العرب من يعكس فيقلب الظاء ضاداً، فيقول: في الظهر ضهراً، فهذا وإن صح نقله لغةً فلا يصح قراءةً، لأنها سنة متبعة، ولم ينقل متواتراً في جانب القراءة... الخ ) نثار الجوهر ج2، ص 334، 335

ويقول:

* « العربي الحاضر والبادي وابن المدر وابن الشيح والقيصوم قبل ظهور الرسالة المحمدية على صاحبها أكمل الصلوات والتسليم، وقبل نزول القرآن العظيم، كان يتقن الحروف الثمانية والعشرين مخرجاً وصفة جرياً على سليقته وفطرته، اتقاناً لا يحتاج معه إلى الأخذ من معلّم.

ولما نزل الوحي بالفصحى كانوا يتلونه بعد إسلامهم كما أنزل، وإنما كانوا يتعلمونه، بمعنى أنه كان يأخذه صدرٌ عن صدر، ومتحفّظٌ عن حافظ، فكان قارئهم يؤدي ما عنده من القرآن أداء كما أنزل؛ لأن أصل إنزاله على تلك اللغة التي هي فطرتهم.

وإذا كانوا يقرؤونه كذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم يتلونه بحضرته، وفي خلواتهم وجلواتهم، وفي فراغهم وفي صلواتهم لم ينكر عليهم في الأداء اللساني واللسان العربي حرفاً زائغاً عن مستقره ومخرجه، اطمئناناً منه إلى عربيتهم التي لم تشبها العجمة، وإنما كان يلقنهم الآية أو الآيتين أو الآيات أو السورة، يتلوها عليهم كما أنزلها الله، فيتلقونها عنه كما يسمعونها منه وقع الحافر على الحافر، لا تحوجه عربية القوم إلى تعريف مخارج الحروف وصفاتها، وتبيين الفروق بينها، ثقة منه بأن القوم قد ضبطوا لسانهم طبعاً وفطرة.. ». نثار الجوهر ج2، ص 338 .

ويقول:

* « فتعليم القرآن الذي كان تفتقر إليه العرب وغيرها في ذلك العصر، عصر العربية الخالصة ليس لتعليم العرب حروفهم وعربيتهم، ولكن لتعليمهم ما هو مجهول لديهم مما هو خارج عن الأدب اللغوي، مما ذكرناه وكررناه هنا غير مرة.

 

نعم لما اختلطت العربية بالعجماء اختلاط اللبن بالماء، احتاجت العربية إلى الصون والحفظ ، لا جرم وضع لها علماء الإسلام القوانين الضابطة من سائر العلوم الأدبية؛ كالصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع وغيرها، ووضعوا علم التجويد لحفظ التنزيل من تلاعب الألسن واللُّغى؛ ليُتلى ويبقى على النحو الذي أنزل عليه، ومن لوازم علم التجويد العلم بمخارج الحروف والعلم بصفاتها، إلى غير ذلك من فنون التجويد، فهذه العلوم لم تحدث إلا لما زاحمتنا الأعجام في عربيتنا، فتغيرت وخرجت عن قانونها الطبيعي .. ».

نثار الجوهر ج2، ص 338 .

 

* « ثم إن عناية أصحابنا- رحمهم الله- بمعرفة الفرق بين الضاد والظاء ليس لأن الحرفين مخصوصان بالإجادة، فالتجويد مطلوب مشروع في قراءة القرآن ليتلى كما أنزل، ولكن اشتدت عنايتهم بالحرفين لتشابههما إلى غاية صار كثير من الناس لا يدرك فيها حقيقة الفرق، حتى تهاونوا في إخراج الضاد، فربما اخرجوها من مخرج الظاء، وربما أخرجها البعض من غير مخرجها ومخرج الظاء، ولوقوع الضاد في الفاتحة، وهي لا تحتمل اللحن؛ لأن من نقص حرفاً منها صدق عليه أنه لم يقرأها بتمامها، فلهذا اعتنوا بها، وقاموا وقعدوا في التأكيد على حسن أدائها بصفتها ومن مخرجها » . نثار الجوهر ج2 ص 342 ، 343

------------------------------

 

س4: من المعلوم أن حرف الضاد من الحروف المفخمة و التفخيم يعني أن يمتلئ الفم بصدى صوت الحرف عند النطق به ، ألا يظهر أثر هذا التفخيم في الشكل الخارجي للفم عند النطق بهذا الحرف .. بمعنى أن الشكل الخارجي للفم عند النطق بحروف التفخيم كالطاء و الخاء و الصاد و بقية الحروف المفخمة يتخذ وضعية معينة تبدو للرائي كضم أو تقبيب الشفتين مثلا عند النطق بهذه الحروف ..

إلا أن هناك من يقول بأن حرف الضاد لا يشبه هذه الحروف المفخمة في اتخاذ هذه الوضعية التي ذكرتها عند النطق به ... فهل هذا الكلام صحيح .. ؟؟

 

الجواب:

 لا شك بأن تفخيم حروف الاستعلاء يختلف من حرف الى حرف بحسب طريقة نطقه، فجميعها في تفخيمها يكون بملء الفم بالهواء ولكن الضاد مستطيلة فلعل وضيعة الفم لا تسعف لهذا الضم المذكور.