بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

خطبة الاستسقاء

 

 الحمد لله رب العالمين، الحمد لله المبدئ المعيد، ذي الأمر الرشيد والبأس الشديد، الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) (الشورى/28)، سبحانه له الخلق والأمر، والحكم والقهر، لا معقب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا ينفع ذا الجد منه الجد، لا حد لأوليته، ولا أول لأزليته، ولا آخر لأبديته، ولا يفنى دوامه، ولا تحصى أنعامه، عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو وهو علام الغيوب،  المدبر لكل شيء، والجامع لكل شيء، والرازق لكل حي، قدر الرزق المقسوم، ووقت الأجل المعلوم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، يحيى ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير، قصم الجبارين ببطشه بعد أمنه، وأسبل على العاصين ستره بمنه، وتكفل بأرزاق البرايا إنسه وجنه (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) (البقرة/255)، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله رحمة للعالمين، وسراجا للمهتدين، وإماما للمتقين، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في سبيل ربه حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه، وعلى كل من اهتدى بهديه، وسار على نهجه، واستن بسنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أما بعد:

فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، والعمل بما فيه رضاه، فاتقوا الله وراقبوه، وامتثلوا أوامره ولا تعصوه، واذكروه ولا تنسوه، واشكروه ولا تكفروه.

عباد الله:

إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، فاعلموا أن الله سبحانه وتعالى ما حبس مطر سمائه بخلا برزقه؛ إذ لا حاجة به إلى حبس الغيث عنكم، ولكن ذلك تذكرة للغافلين، وعظة للمتعظين، واستدعاء للمسرفين، وزجر للعباد عن استمرارهم في المخالفات وإصرارهم على الصغائر والكبائر الموبقات، وتنبيه لهم على عظيم قدرته وسلطانه، وعلى عجزهم وافتقارهم إليه، وأن عقوبة الأخذ بالسنين والنقص في الأموال والأنفس والثمرات وحلول ضروب البلاء بهم؛ إنما هو عدل من الله سبحانه وتعالى من حيث حكمه، وفضل من حيث استعتابه إياهم واستدعاؤه لهم؛ ليتوبوا إليه؛ وليعلموا منازل العبودية ومرتبة الربوبية (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام/99) (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) (الأعراف/58) (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا) (الفرقان/48ـ49) (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) (الشورى/28) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ) (الملك/30) يأتي به الله السميع العليم، البر الكريم، الرؤوف الرحيم، ذو الفضل والتكريم والإحسان العميم، استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، وأعول في إجابة دعائنا عليه.

عباد الله:

لعل ما يلحظ مما ابتلي به كثير من الناس من المحن والشدائد التي من جملتها منع الغيث، ونزول القحط، ونضوب المياه، وانتشار الأمراض المستعصية ح أثر من آثار الغفلة عن الله تعالى، والتمادي في معصيته، والانحراف عن طاعته، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما سلبت نعمة إلا بمقارفة معصية (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم/41) (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) (الشورى/30)، ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بهلاكها، ما من قوم يظهر فيهم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله، ما من قوم ظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة؛ أي بمنع الغيث ونزول القحط، ما نقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، وما منعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، والمعصية يا عباد الله قبيحة في نفسها، قبيحة في وضعها؛ لأنها خروج على أمر الله وجحود لفضله، وأقبح منها المجاهرة بها وإعلانها والاستهتار بعقوبتها، فهو طغيان ليس وراءه من طغيان، لذلك كان جزاء المجاهر بالمعصية أشد وأعظم من جزاء غيره كما ورد في الحديث: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين»؛ أي لا يكون المجاهرون في سلامة وعافية من عذاب الله ونقمته؛ جزاء جرأتهم عليه، واستهتارهم بعقوبته، وشقهم الطريق للآخرين بالانحراف إلى مسلك الرذيلة، فكانوا قدوة سيئة، عليهم وزر من أضلوه وانحرفوا به، فمن دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، والمعصية يا عباد الله كما أنها مظهر من مظاهر الغفلة عن الله تعالى فهي نكران للجميل، وكفران لنعمة المنعم العظيم، والنعمة من حقها أن يشكر عليها المنعم ولا يكفر، وأن يطاع ولا يعصى، وأن يذكر ولا ينسى، فإذا انعكس الوضع، وقامت المعصية بدلا من الطاعة؛ كان ذلك نكرانا للجميل وكفرانا للنعمة، وحلت النقم، ونزل البلاء، وعظم الخطب (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد/11) (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (الكهف/49) (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) (فصلت/46 ( (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (النحل/118) (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت/40) (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (النمل/52-53) استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، وأعول في إجابة دعائنا عليه.

عباد الله:

إن هذه العقوبات الدنيوية الصغيرة المنقضية التي ابتلي بها الناس بسبب معاصيهم؛ ليست بشيء في جانب العذاب المقيم، والإفلاس الأبدي، ومقت الله تعالى، والطرد عن رحمته، وإبداء الفضائح يوم العرض الأكبر على رؤوس الأشهاد، مع ما يصحب ذلك من الغم الدائم على فوت السعادة الأبدية، والمنازل العلية في فراديس الجنان مع ما يتقدم ذلك للعصاة من شدة نزع الروح، وغمرات الموت، وعذاب البرزخ، والفزع الأكبر عند النفخ في الصور، وشدة الحساب، والتفليس من الحسنات، وهول الموقف، وتبريز النيران، وإحداق الملائكة بالخلق، والأخذ بالنواصي والأقدام (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ * وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (الأنعام/93-94)، فعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى، ونمتثل أوامره، ونجتنب نواهيه، ونراقبه في السر والعلانية، وأن نستفتح أبواب السماء بالتوبة النصوح، والرجوع إلى الله عز وجل، وإدامة الاستغفار؛ فإن تقوى الله عز وجل والتوبة الصادقة وإدامة الاستغفار هي مجاديح السماء، وهي من أسباب نزول البركات، وكشف الكربات، وكثرة الخيرات، يقول عز من قائل: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق/2 - 3) ، ويقول سبحانه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق/4)، ويقول عز من قائل: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) (الجن/16)، ويقول جل شأنه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) (الأعراف/96) ويقول سبحانه حكاية عن هود عليه السلام: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ) (هود/52)، ويقول سبحانه حكاية عن نوح عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) (نوح/10-12)، وقد ورد: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب، فاتقوا الله يا عباد الله، وامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه، وراقبوه في السر والعلانية حافظوا على الصلوات، واحضروا الجمع والجماعات، واجتنبوا المحرمات، وابتعدوا عن الشبهات، طهروا بيوتكم من آلات اللهو ومن الصور ومن سائر المحرمات، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة/2) (وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (الأنفال/1)، واستفتحوا ما انحبس من قطر السماء بالتوبة الصادقة، والرجوع إلى الله عز وجل والفزع إليه، والمعاهدة على أن تمضوا في سبيله؛ ممتثلين لما أمركم به؛ منتهين عما نهاكم عنه، وكونوا بحقيقة التوبة مستشعرين، ولحقيقة الاستغفار منطوين، وبحقيقة الانكسار والافتقار متلبسين، وبحقيقة التضرع والابتهال لاهجين وعليها منطوين، وقولوا كما قال الأبوان: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الأعراف/23)، وقولوا كما قال ذو النون: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (الأنبياء/87)، وتوبوا إلى الله عز وجل توبة نصوحا، والتوبة النصوح ليست هي مجرد استغفار باللسان، وإنما هي الندم والإقلاع عن المعصية، والعزم على أن لا يعود إلى الذنب كما أن اللبن لا يعود إلى الضرع، وإذا كان الذنب متعلقا بحقوق المخلوقين فلا توبة منه إلا برد المظالم إلى أهلها (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) (البقرة/279)، «ردوا الخيط والمخيط»، «القليل من أموال الناس يورث النار»، «الذنب ذنبان: ذنب بين العبد وربه، وذنب بين العبد وصاحبه، أما الذنب الذي بين العبد وربه فمن تاب منه كان كمن لا ذنب له، وأما الذنب الذي بينه وبين صاحبه فلا توبة منه إلا برد المظالم إلى أهلها».

وادعوا الله سبحانه وتعالى وتضرعوا إليه وأنتم موقنون بالإجابة، فالله سبحانه وتعالى أمر عباده بأن يدعوه، ووعدهم أن يستجيب لهم فضلا ومنة ورحمة (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة/186) (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر/60) (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) (الأعراف/180) ، وتأسوا بنبيكم محمد صلى الله عليه وسلم في قلب الرادء تفاؤلا بانقلاب الحالة من الشدة إلى الرخاء، ومن البأساء إلى النعماء، اللهم لما مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا راد لما قضيت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، لك الحمد على ما أعطيت، ولك الشكر على ما أوليت، سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، نستغفرك ونتوب إليك، ونعول في إجابة دعائنا عليك، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل محمد كما صليت وسلمت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم تقبل منا صالح الأعمال، وسددنا في جميع الأقوال والأفعال، ووفقنا لمرضاتك يا رب العالمين، (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران/8) (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (الحشر/10)، اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت، خلقتنا ونحن عبيدك، ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، نبوء لك بنعمتك علينا، ونبوء بذنوبنا فاغفر لنا؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم نستغفرك من كل ذنب تبنا إليك منه ثم عدنا فيه، ونستغفرك من كل ما وعدناك به من أنفسنا ثم لم نوف لك به، ونستغفرك من كل عمل أردنا به وجهك فخالطه غيرك، ونستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علينا فاستعنا بها على معصيتك، ونستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب أتينا به في ضياء النهار وسواد الليل، في ملئ وخلاء، وسر وعلانية يا حليم، اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا  أنت، الأحد الصمد الذي (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (الإخلاص/3ـ4)، نسألك اللهم أن تغفر لنا ذنوبنا، وتستر عيوبنا، وتحبب إلينا الإيمان، وتزينه في قلوبنا، وتكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وتجعلنا من الراشدين، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، نعم المولى ونعم النصير، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة لك فيها رضى إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، اللهم إنك تعلم سرنا وعلانيتنا فاقبل معذرتنا، وتعلم حاجتنا فأعطنا سؤلنا، وتعلم ما في أنفسنا فاغفر لنا ذنوبنا، يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدا ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا غيثا مغيثا، هنيئا مريئا، غدقا مجللا، سحّا عاما، طبقا دائما، نافعا غير ضار، عاجلا غير آجل، اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت يا ذا الجلال الإكرام، اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت يا ذا الجلال الإكرام، اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعراء، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعراء، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعراء، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أخصب بلادنا، وآمن خوفنا، وبارك لنا في ثمارنا وذرياتنا وأعمارنا، وقنا بحمايتك ما نخشاه، وبلغنا ببلاغك ما نتمناه، اللهم أنت العليم بما نشكوه، واللطيف بما تشاء، فأردكنا بألطافك الوحية، وافتح لنا من فتوح فضلك ومواهب إحسانك ما لا نحتاج معه إلى غير بابك نغشاه، اللهم أكرمنا بمعيتك، وكن لنا بمعونتك، واجمعنا على كلمتك العلية، واحفظنا وانصرنا، وأغثنا وأمددنا، وأطلقنا من نير البغي وسلطة الطغاة، اللهم أغننا بآلائك، ولا تكلنا إلى أعدائك، ولا تسمنا الذلة تحت خصمائك، واجعل لنا سلطانا نصيرا من أوليائك، وأقمنا على نظام الحنفية، وأصلح ديننا ودنيانا بالقسط، وانعش عثرتنا بالعدل، واسلك بنا سبيلا ترضاه، اللهم ارفع عنا عقاب الغلاء، وضروب البلاء والقحط وشماتة الأعداء، وكل مخافة وشدة ورزيّة، واكفنا المحن والإحن والفتن ما ظهر منها وما بطن، وكل سوء جهلناه أوعلمناه، اللهم أعذنا من الكفر والفقر، ومن عذاب النار وعذاب القبر، ومن شرور أنفسنا، ومن عدوان ذي الكبر والبطر والجبرية، واحمنا من أي سوء أرادنا أو أردناه، اللهم أعذنا من التنافر والتباغض والحمية الجاهلية، ولا تترك عدوا إلا أهلكته، ولا ضرا أو شرا أو حسدا أو كيدا أو بغيا إلا كفيتنا إياه، اللهم أحطنا من الأخطار والأوزار والدنية، وعافنا واعف عنا، واكفنا مطالبنا، ويسر لنا فوق ما نتمناه، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واقطع شأفتهم، ولا تدع لهم من باقية، اللهم افعل بهم كما فعلت بثمود وعاد، وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، اللهم صب عليهم سوط عذاب، وحل بينهم وبين ما يشتهون، وافعل بهم كما فعلت بأشياعهم من قبل، واجعل بأسهم بينهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أحصهم عددا، ولا تبق منهم أحدا، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم رد عنا كيدهم، وفل حدهم، وأذهب عن أرضك سلطانهم، ولا تجعل لهم سبيلا على أحد من عبادك المؤمنين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعله في حيرة من أمره، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، الذين يجاهدون لإعلاء دينك، اللهم انصرهم على أعدائهم، وقوهم وثبتهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أدم نعمتك ورحمتك علينا، وارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أدم نعمتك ورحمتك علينا، وارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أدم نعمتك ورحمتك علينا، وارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، واكشف كروبنا، وأزل همومنا وغمومنا، وأعنا على طاعتك، ووفقنا لمرضاتك، وألحقنا بنينا محمد صلى الله عليه وسلم، وارزقنا شفاعته، ومنّ علينا ببركته، واحشرنا في زمرته، وأدخلنا جواره في جنتك مع أوليائك الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وافعل ذلك لإخواننا من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، ولمشايخنا وأئمتنا، وصالحي آبائنا وأمهاتنا، وأبنائنا وذرياتنا (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (غافر/7-9)، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أشغلنا بذكرك عن كل ذكر، وبشكرك عن كل شكر، وبطاعتك عن كل طاعة، وبخوفك عن كل خوف، وبرجائك عن كل رجاء، اللهم لا تخيب لنا رجاء، ولا ترد لنا دعاء، اللهم حقق رجاءنا، واستجب دعاءنا، اللهم لا تردنا خائبين ولا محرومين، اللهم لا تردنا خائبين ولا محرومين، اللهم لا تردنا خائبين ولا محرومين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل عسر يسرا، ومن كل ضلالة هدى، وإلى كل خير سبيلا، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما، اللهم اجعل خير أيامنا يوم لقائك، وخير أعمالنا خواتيمها، واجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم عليه تسليما، وزده شرفا وتكريما، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات/180ـ182)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.