بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر ، الله أكبر ،الله أكبر

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر تكبيرا

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا .

    لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .

   الحمدُ للهِ الذي تفرَّد بالدوامِ والبقاء، له الجلالُ والعظمةُ والكبرياء، الذي سبَّحه مَن في الأرضِ ومَن في السماء، خضعَ الوجودُ لعظمتِه، وانقاد بقدرتِه، وسبَّحه الطيرُ في جوِّ السماء، وحمِده الحوتُ في بطنِ الماء، ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ )،   ( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) .

   ونشهدُ أن لا إله إلا الله الكبيرُ المتعال، مالكُ الملكِ ذو الجلالِ والإكرام، ( لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ).

   ونشهد أن سيدَنا محمداً عبدُهُ ورسولُه، النبيُّ الكريم، الرؤوفُ الرحيم، صاحبُ اللواءِ المعقودِ والحوضِ المورود، ختم اللهُ به الرسالة، وأتمَّ به الدين، وبصَّر به مِن العمى، الذي شرح اللهُ صدرَه، ورفعَ ذِكرَه، وجعله سراجاً للمهتدين، ورحمةً للعالمين، لِيُنذِرَ مَن كان حياً ويحِق القولُ على الكافرين.

   صلَّى الله وسلم عليه تسليماً كثيرا، وعلى آلهِ الأطهار، وأصحابهِ الأخيار، وعلى تابعيهِم من عبادِه الأبرارِ إلى يومِ يقومُ الناسُ لربِّ العالمين.

  الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا.

 

عباد الله:

    إنكم في أيام عظيمة كريمة، هي أيام المشاعر العظام، إذ يجتمع فيه حجاج بيت الله الحرام من كل فج عميق، ملبين نداء  الخليل إبراهيم u إذ أمره ربه جل جلاله ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) ، هناك تسكب العبرات، وتغفر الزلات، وتصفو النفوس فلا تعرف إلا الله جل جلاله.

   قد فارقوا الأهل والأموال والديار، ولبسوا لباساً واحداً يهتفون بتلبية واحدة، تساووا في زيهم وعبادتهم، فلا تمايز ولا تفاضل ولا تفاخر ولا تسابق إلا بالتقوى والعمل الصالح، قد حشروا من كل صوب، وتجردوا من زهرة الدنيا ومتعها، وتذكروا يوم القدوم على الملك الجبار الذي يأخذ بالنواصي والأقدام، ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) .

 الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر تكبيرا.

   أيها المسلمون:

   إنكم تشاركون حجاج بيت الله الحرام بتعظيم أيام العشر كما عظمها الله، إذ أقسم بها في قوله ( وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، وتعيشون فرحة عيد الأضحى المبارك الذي عظم الله قدره، لما فيه من خير وبركة ورضوان، وشرع ربكم لكم أضاحي العيد زيادة في الأجر والمثوبة، ولتعم الفرحة الأهل والقربى، بإطعام الطعام وصلة الأرحام، فتتآلف النفوس وتتصافى القلوب، ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ).

  فليكن شعاركم في هذه الأيام التهليل والتكبير والتحميد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: ( ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد )، وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً .

وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعاً، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم.

والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره.

 

 الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد.

عباد الله:  

     إن الفقه في الدين من أبرز صفات المسلم، وهو من علامة محبة الله لعبده، كما جاء بذلك الحديث الشريف « من أراد الله به خيراً فقَّهه في الدين »، وقد دعا r لعبدالله ابن عباس بقوله « اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل » .

   من ثَم كان الفقه بتلك المنزلة العلية، يسير صاحبه على سواء الصراط في معرفة أحكام معاشه ومعاده، فهو على نور من ربه إذ عرف الحلال والحرام، والجائز والممتنع، وأنقذ نفسه من شباك إبليس التي ينسجها بخيوط الجهل، فيملي على ابن آدم إرادات الشر والفساد والمنكر، ويزعم أنه له ناصح وعليه حريص، فيتبعه ذلك الجاهل؛ لأن نور الفقه عنده معدوم أو شبه معدوم .

   لذلك تنقلب عنده الأمور، فيتصور الحق باطلاً والباطل حقا، والمعروف منكراً والمنكر معروفا، والخير شراً والشر خيرا، فيُفسِد ويُعربِد فيُضِل نفسه ويُضِل غيره .

   كم قد رأينا من يعمل السوء والشر ويزعم أنه الخير المحض، ومن يركب الباطل ويتخرَّص بأنه الحق الأبلج، ومن يتقحَّم عن الفضيلة بدعوى الحرية، وتنحرف مبادئه بدعوى التفكير النيّر، ويأكل أموال الناس ويزعم النباهة والفهم، ويهتك الأعراض بدعوى الحب، ويرتكب من صنوف الموبقات بدعوى الفن والإبداع.

 

   لماذا يستنكف بعضنا عن تعلم أمور دينه؟ متذرعاً بدعاوى مستمدة من الوهم والجهل، كما أن من النساء من تستنكف عن السؤال عما يهمها في أمر عبادتها بدعوى الخجل والحياء .

   وإنه مما لا يتقضَّى منه العجب أن يهتم البعض بمعرفة ما لا خير فيه، من تتبع العورات، وتقصي أسرار البيوت، والحديث عن أعراض الناس، والاستفاضة في معرفة القليل والكثير مما يدور في فلك نيل مآربه وقضاء شهواته، فإذا ذاكرته في أقل القليل من الواجب عليه في أمر دينه، وجدته خالي الوفاض، يقع في مهاوٍ ومغالق تضيع عليه عبادته وتفسد طاعته، وربما يكون قد بلغ من الكبر عِتياً، ومع ذلك فهو متشبع بالجهل إلى أذقانه، لا تختلف عبادته في كبره عما كان في صغره.

   وصنف من الناس من يبزّك بزَّاً في تدقيق حساباته وجمع دراهمه، بينما أمر دينه لا يُبدئ فيه ولا يعيد، رغم سهولة فهمه وتعلمه، لكنه لم يُلقِ إليه نظراً، ولا كان من اهتماماته يوماً، على مثل هؤلاء يتوجع قلب الناصح.

   وعندما خجل هؤلاء عن تعلم أمر دينهم والسؤال عنه، رجالاً كانوا أو نساء، رأيت ضروباً من الأعاجيب، ربما لا تصدقها أو تنكرها لكنها حق، وما خفي كان أعظم، ولا أدل على ذلك ممن يصلي أربعين سنة المفروضة تاركاً تكبيرة الإحرام، وهي فاتحة الصلاة وركنها الأعظم، ومنهم من لا يعرف أصول الاغتسال من الأحداث الكبرى كالجنابة، بل بعضهم تركه رأساً، ومن النساء من تضيع صلوات وصيام؛ لأنها لا تفرق بين وقت طهرها ووقت عذرها، ولا شرائط ذلك كله، ومَن يعاشر أهله سنوات وهما لا يغتسلان، ومن لا يُميِّز بين المياه الثلاثة، ومن يترك الصلاة في مرضه بدعوى أنه معذور، رغم أن المريض يصلي على حسب ما أمكنه، ولا يصح له ترك الصلاة، ناهيك بمن يأكل رمضان جهلاً، ويفسد حجه لسوء فهمه وعدم علمه، ويترفع عن السؤال .

   هذا أقل القليل في أمر عبادته، فكيف بفقه المعاملات، كالبيع والشراء، ومعاملة المعتدة معاملة تنفر منها الطباع، الحقوق الزوجية وتضييعها، والأبناء وتربيتهم، وكم جر هذا الجهل من ويلات وبليات على الأفراد والأسر والمجتمعات! ولو عددت ما استقيصت، وهل يداوى هذا الجهل بالخجل والاستحياء؟‍‍‍‍‍‍‍‍! كلا، فلا بد من سؤال العلماء، والاسترشاد بأحكام الشرع الشريف .

 عباد الله:

إننا في زمن عولمة الثقافة والتيارات الفكرية الزاحفة، فلا بد من فهم ديننا، وتحصين أبنائنا بالعلم النافع، وإذا كان مفهوم التربية والتعليم مقتصراً على ذهاب ابنك إلى المدرسة وكفى لما حققت الأمة ما تصبو إليه من عزتها ومجدها وتقدمها، فالمدرسة ليست كل شيء؛ بل البيت هو اللبنة الأولى للتربية والتعليم، وإلا فإن بعض الأبناء يذهبون من البيت إلى المدرسة، وهم ضائعون بينهما، إذ يسرحون ويمرحون في الأودية والمنتزهات وعلى قوارع الطرق، أهل البيت يظنونهم في المدرسة، وأهل المدرسة يظنونهم في البيت، فتنبهوا-رحمكم الله-لخطورة التربية والتعليم فإنها أمانة تسألون عنها يوم القيامة.

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا .

أمة الإسلام:

 يقول نبي الإسلام-عليه الصلاة والسلام-: ( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ )، والحِر: هو الفرج أي يستحلون الزنا، والحرير: أي يلبسه رجالهم، والمعازف: هي آلات اللهو.

إي لعمر الحق، لقد ظهر ما أخبر به الصادق المصدوق r من أنه يظهر من أمته- عليه الصلاة والسلام- من يستحل الفواحش، فيقارف الزنا ويهتك الأعراض، حتى تذهب الغيرة من نفوس أناس، فلا يغارون على حرمهم، ولا يصونون شرفهم، وما تفشي الأمراض الفتاكة المهلكة كالإيدز ونحوها إلا عقوبة لهؤلاء، ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).

   ولبس الحرير من قبل بعض الشباب والتشبه بالنساء، هل سينتج جيلاً يحمل أمانة الدعوة ومسئولية الأمة؟! وقد لعن النبي r المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.

أما الخمر فإن بعض الذين لا يخافون الله أصبحوا يشربونها شرب الماء، صباحَ مساء، لذلك يذهبون إلى الأماكن البعيدة، ويختبئون وراء الستور، من أن تراهم العيون، ونسوا أنهم بعين الله الذي لا يخفى عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، لذلك لا غرابة أن ترى زجاجات الخمر ملقاة على قوارع الطرق وفي الأودية وتحت الأشجار، ونسوا قول الله تعالى أو تناسوه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)، وتغافلوا عن قول من لاينطق عن الهوى r ( لعن الله الخمر وشاربها وساقيها ومبتاعها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه ).

 أيها المسلمون:

كيف تطلب أمة النصر على عدوها والتمكين في الأرض والتقدم والرقي، وهذا حال بعض شرائحها؟! كيف تسعد أمة يهيم بعض شبابها في ترهات الأمور وسفاسف الأخلاق؟! وكيف يبارك الله في أرزاقنا وأعمارنا ويرحمنا، ويرفع البلاء والآفات عنا ومنا من يبارز الله بالعصيان ليل نهار، شرب للخمور وهتك للفروج، ولهو وعبث يؤذن بخراب البيوت وشتات الوحدة، وخراب الضمائر، ورفع البركات ونزول الكوارث والأمراض والبليات.

 فصونوا-رحمكم الله-أعراضكم، وصونوا حرمكم، وربوا أبناءكم وشبابكم على البر والتقوى،وحرموا ما حرم الله ورسوله، وقفوا عند حدوده، وازدجروا بزواجره، وانتهوا بنواهيه، وتناصحوا فيما بينكم، وخذوا على أيدي سفهاكم، فإن الله يمهل ولا يهمل، ولا يهلك الله أمة إلا بظلمها لنفسها وتركها تغيير المنكر، ( وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ).

 فانتبهوا من الغفلة قبل الفوات، فإن عدوكم لكم بالمرصاد، وإن مخالفة المسلمين لأمر الله هو الذي يمكن عدوهم منهم، فيسومونهم سوء العذاب، واعتبروا بمن سبق ومضى، وبمن جار واعتدى ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى)، (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ).

هذا وصلوا وسلموا.............