قَالَ تَعَالى:{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ  تَعْلَمُونَ } البقرة: ١٨٤

 

تعلَّمْ - أَخِي، سَلَّمَكَ اللهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ومَكْرُوهٍ- أَنَّ اللهَ عز وجل قَدْ شَرَعَ لأَفْرَادِ هَذِهِ الأُمَّةِ المجتَبَاةِ مِنْ أَحْكَامِ اليُسْرِ والسُّهُولَةِ مَا لمْ يَشْرَعْ لِلأُمَمِ السَّابِقَةِ، فَوَضَعَ عَنْهُمْ بِبِعْثَةِ الرَّسُولِ النَّبيِّ الأُمِّيِّ صلى الله عليه وسلم إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتي كَانَتْ عَلَيهِمْ، وإِنَّ مِنْ مَظَاهِرِ هَذَا اليُسْرِ وهَاتِيْكَ السُّهُولَةِ أَنْ أَبَاحَ لِبَعْضِ العَابِدِينَ الإِفْطَارَ في نهَارِ رَمَضَانَ وتَرْكَ فَرِيْضَةِ الصِّيَامِ وُجُوبًا أو إِبَاحَةً أو نَدْبًا[1].

 

وهَا نحْنُ هُنَا نَذْكُرُ هَذِهِ المُبِيْحَاتِ مُقَسَّمَةً حَسَبَ حُكْمِهَا الشَّرْعِيِّ، ومَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ لَوَازِمَ ومُوجِبَاتٍ شَرَعَهَا اللهُ لجَبرِ ذَلِكَ النُّقْصَانِ ولإِتمَامِ مَا اعْتَرَى تِلْكَ النُّفُوسَ مِنْ حِرْمَانٍ:

 

 

فَصْلٌ فيمَنْ يجِبُ عَلَيهِ الإِفْطَارُ والقَضَاءُ

 

يجِبُ الإِفْطَارُ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ المُكَلَّفِينَ العَابِدِينَ ويحْرُمُ في حَقِّهِمُ الصِّيَامُ ومَعَ ذَلِكَ يجِبُ عَلَيهِمْ فَقَطْ قَضَاءُ مَا أَفْطَرُوا بَعْدَ تمَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وفِطْرِ يَومِ العِيدِ، ولا يجِبُ عَلَيْهِمْ فَوْقَ ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ التَّكْلِيفِ أوِ التَّكْفِيرِ، وهَؤُلاءِ هُمْ:

 

‌أ- الحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ:

 

وقَدْ تَقَدَّمَ الحَدِيثُ حَولَ عُذْرِهمَا الَّذِي يُبِيحُ لهُمَا الإِفْطَارَ، بَلْ يحَرِّمُ عَلَيْهِمَا الصِّيَامَ في الحَالِ ويُوجِبُ عَلَيْهِمَا القَضَاءَ في المآلِ[2]؛ قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: " كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ نَطْهُرُ فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصِّيَامِ وَلا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلاةِ"[3].

 

{تَنْبِيْهٌ أوَّلٌ}: المُسْتَحَاضَةُ لا تُمْنَعُ مِنَ الصَّلاةِ والصِّيَامِ بَلْ يجِبُ عَلَيْهَا كُلُّ ذَلِكَ، ويُحْمَلُ مَا ترَاهُ مِنْ دَمٍ عَلَى أَنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ لا حَيْضٍ، كَدَمِ الصَّبِيَّةِ ودَمِ المرْأَةِ الآيِسِ، يَقُولُ مُفْتي زَمَانِهِ -حَفِظَهُ اللهُ-: " القَوْلُ المُعْتَمَدُ أَنَّ المرْأَةَ إذَا بَلَغَتِ السِّتِّينَ مِنْ عُمُرِهَا فَهِيَ آيِسٌ، وَليْسَتْ في حُكْمِ مَنْ يَأتِيهَا الحَيْضُ، فَإِنْ رَأَتِ الدَّمَ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ في هَذِهِ الحَالَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ"[4]. 

 

{تَنْبِيْهٌ ثَانٍ}: إذَا وَضَعَتِ المرْأَةُ حمْلَهَا عَنْ طَرِيقِ شَقِّ البَطْنِ أو مَا يُعْرَفُ بـ"العَمَلِيَّةِ القَيْصَرِيَّةِ"[5] ولم يخرُجْ مِنْ مَوضِعِ الدَّمِ مِنْهَا دَمُ النِّفَاسِ فَإِنها تُعَدُّ طَاهِرَةً لا نُفَسَاءَ؛ ولِذَا فَلا عِدَّةَ عَلَيهَا، ويجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُؤَدِّيَ صَلاتها وتَصُومَ نهَارَهَا قَدْرَ اسْتِطَاعَتِهَا كَغَيرِهَا مِنَ النِّسَاءِ، أَفْتى بِهِ شَيْخُنَا الإِمَامُ سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ-[6]، وقَبْلَهُ نَظَمَ الإِمَامُ السَّالميُّ -رَحِمَهُ اللهُ- قَائِلاً:

 

 

وَإِنْ أَتَى الموْلُودُ لمْ يَكُنْ مَعَهْ *** دَمٌ فَذَاكَ طَاهِرٌ مَنْ وَضَعَهْ[7]

 

 

‌ب-المرِيْضُ:

 

المرِيْضُ يُشْرَعُ في حَقِّهِ الفِطْرُ، وهَذَا أمرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ بَينَ الأُمَّةِ الإِسْلامِيَّةِ، بَلْ هُوَ مَنصُوصٌ عَلَيْهِ في كِتَابِ اللهِ -تبَارَكَ وتَعَالى- ولا إِشْكَالَ فِيهِ، لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَرَضٍ يُسَوِّغُ لِلْمُكَلَّفِ الإِفْطَارَ كالزُّكَامِ وصُدَاعِ الرَّأْسِ ووَجَعِ السِّنِّ كَمَا نَصَّ عَلَيهِ جمْهُورُ أَهْلِ العِلْمِ؛ إذِ الصِّيَامُ لا يُعْدَمُ مِنْ مَشَقَّةٍ يَسِيرَةٍ، وهَذَا هُو مُقْتَضَى التَّكْلِيفِ، فيَجِبُ عَلَى المرِيضِ أَنْ يُفْطِرَ إذَا كَانَ هَذَا المرَضُ يَضُرُّ بِصِحَّتِهِ ويُلْقِي بِهِ في مهَاوِي الرَّدَى؛ فَإِنَّ اللهَ يُرِيدُ بِعِبَادِهِ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بهمُ العُسْرَ[8]، يَقُولُ شَيخُنَا أبُو عَبدِ الرَّحمنِ القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ- في هَذِهِ القَضِيَّةِ : "..ولا شَكَّ أنَّ قَولَ الجُمْهُورِ هُوَ القَولُ الصَّحِيحُ الَّذِي تَعْضِدُهُ الأَدِلَّةُ"[9].

 

وقَدْ قَسَّمَ شَيخُنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحمنِ القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ- المرَضَ إِلى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ تَبَعًا لِلْمَشَقَّةِ والحُكْمِ الشَّرْعِيِّ:

 

*   القِسْمُ الأَوَّلُ: مَرَضٌ يَضُرُّ بِصَاحِبِهِ = يجِبُ الفِطْرُ

 

*   القِسْمُ الثَّاني: مَرَضٌ يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ = يُنْدَبُ الفِطْرُ

 

*   القِسْمُ الثَّالِثُ: مَرَضٌ خَفِيفٌ غَيرُ مُضِرٍّ وَلا شَاقٍّ = يحْرُمُ الفِطْرُ[10].

 

وعَلَيهِ فَإِنَّ العِلَّةَ الَّتي تُوجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ الإِفْطَارَ هِيَ الَّتي تُؤَدِّي إِلى حُدُوثِ هَذَا المَرَضِ الشَّدِيْدِ أو زِيَادَتِهِ، أو تَأَخُّرِ الشِّفَاءِ مِنْهُ، أو المَرَضُ الذِي يَتعَبُ فِيهِ المَرِيضُ بِسَبَبِ أَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْكُلَ كِفَايَتَهُ بِاللَّيلِ حَتى يَتَمَكَّنَ مِنَ الصِّيَام نهارًا[11]، وهَذَا كُلُّهُ يحَدِّدُهُ الطَّبِيبُ الأَمِينُ ولَو كَانَ غَيرَ مُسْلِمٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِندَ العَلاَّمتَينِ الخَلِيلِيِّ والقَنُّوبيِّ -حَفِظَهُمُ اللهُ-؛ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ- اتَّخَذَ دَلِيلاً كَافِرًا -وهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُرَيقِطٍ- عِندَما خَرَجَ مِن مكَّةَ المكَرَّمَةِ إِلى المدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، وهَذَا كُلُّهُ إنِ اطْمَأَنَّتِ النَّفْسِ لِصِدْقِ قَولِهِ وَصِحَّةِ خَبرِهِ، ولمْ يَكُنْ هُنَاكَ أيُّ شَكٍّ أو رَيْبٍ[12].

 

وفَوْقَ ذَلِكَ فَإِنَّ العَاقِلَ الأَمِينَ طَبِيبُ نَفْسِهِ يَسْتَفْتي نَفْسَهُ بنَفْسِهِ فيُدْرِكُ مَا يَتَحَمَّلُهُ ومَا لا يَتَحَمَّلُهُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ } بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } القيامة: ١٤ - ١٥.

 

حِينَهَا يجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ الفِطْرُ في الحَالِ وَالقَضَاءُ في المآلِ مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى القَضَاءِ؛ قَالَ تَعَالى:{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ  } البقرة: ١٨٤[13].

 

‌ج- الحَامِلُ والمُرْضِعُ:

 

الأَصْلُ في الحَامِلِ والمُرْضِعِ أنْ تَكُونَا قَادِرَتَينِ عَلَى الصِّيَامِ، لَكِنْ إِنْ خَافتَا عَلَى نَفْسَيهِمَا أوْ وَلَدَيْهِمَا مِنَ الصِّيامِ أو قَرَّرَ الطَّبِيْبُ الأَمِينُ ضَرَرَ الصِّيَامِ عَلَى الجَنِينِ أوْ عَلَى الرَّضِيْعِ أو عَلَى المرْأَةِ نَفْسِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا الفِطْرُ في هَذِهِ الحَالَةِ؛ لأَنها بمَنزِلَةِ المَرِيضِ لا سِيَّمَا إِنْ تَعَلَّقَ الضَّرَرُ بحَقِّ الغَيرِ، ومِنْ قَوَاعِدِ الإِسْلامِ أَنْ " لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ"، وهَكَذَا فَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إِلى إِيقَاعِ الضَّرَرِ أو الحَرَجِ أو المَفْسَدَةِ عَلَى المُكلَّفِ أو غَيرِ المُكَلَّفِ فإنَّهُ يُرفَعُ ويُزَالُ[14]..

 

 

وَجَاءَ لا ضُرَّ ولا ضِرَارا *** قَاعِدَةٌ نَبْنِي بِهَا آثَارا[15]

 

 

واخْتَلَفُوا في وُجُوبِ الفِدْيَةِ عَلَى الحَامِلِ والمُرْضِعِ إِنْ أَفْطَرَتَا -مَعَ كَوْنها أَحْوَطَ بِلا خِلافٍ-، والمُعتمَدُ عنْدَ الشَّيخَينِ الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ -حَفِظَهُمُ اللهُ- أنْ لا فِدْيَةَ ولا إِطْعَامَ عَلَى الحَامِلِ والمُرْضِعِ إِلا وَاجِبَ القَضَاءِ قِيَاسًا عَلَى المَرِيْضِ، والحَمْدُ للهِ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ[16].

 

‌د-  المُكْرَهُ:

 

هُوَ المُكْرَهُ عَلَى الإِفْطَارِ إِكْرَاهًا مُلْجِئًا بحيْثُ إِنْ لمْ يُفْطِرْ أَوْقَعَ بِهِ المُكْرِهُ مَا لا يُطِيقُهُ مِنْ مَكْرُوهٍ وَضُرٍّ بَالِغٍ كقَتْلٍ أو ضَرْبٍ أو بَتْرِ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ، فالوَاجِبُ عَلَيهِ هُنَا أَنْ يُنْقِذَ نَفْسَهُ بِالشُّرْبِ أو يُنقِذَ نَفسَهُ بتَنَاوُلِ الطَّعَامِ وَلا عَلَيهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا القَضَاءُ؛ قَالَ تَعَالى:{ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ{ النحل: ١٠٦، وفي الحَدِيثِ الحَسَنِ[17] عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه"[18].

 

هـ- المُضْطَرُّ:

 

المُضْطَرُّ لِشِدَّةِ جُوعٍ أو لِشِدَّةِ ظَمَأٍ بِحَيثُ لا يَسْتَطِيعُ هَذَا المُضْطَرُّ أنْ يُواصِلَ الصِّيَامَ إِلى اللَّيلِ، ويخْشَى بِالموَاصَلةِ الهَلاكَ المحقَّقَ علَيهِ أَنْ يُفْطِرَ؛ لأنَّ المُسْلِمَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يُنْقِذَ نَفْسَهُ كمَا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ أَنْ يُلْقِيَ بِنَفْسِهِ إِلى التَّهْلُكَةِ؛ قَالَ تَعَالى:{ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } البقرة: ١٩٥[19].

 

وقَدْ شَدَّدَ مَنْ شَدَّدَ مِنَ الفُقَهَاءِ في المُضْطَرِّ فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مِقْدَارِ ضَرُورَتِهِ إِلا أنَّ هَذَا التَّشْدِيدَ لا محِلَّ لَهُ عِنْدَ شَيخِنَا العَلاَّمَةِ بَدْرِ الدِّينِ الخَلِيْلِيِّ -حَفِظَهُ اللهُ- نَظَرًا إِلى أَنَّ رِيقَهُ قَدِ انْتَقَضَ وصَومَهُ قَدِ ارْتَفَعَ وقَضَاءَهُ قَدْ وَجَبَ فَلا مَعْنى للإِمْسَاكِ؛ ولا يُكلَّفُ المرْءُ بِالوَاجِبِ مَرَّتَينِ، فَإِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ[20].

 

قلتُ: وقدْ أضَافَ شَيخُنا القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ- عِنْدَ المُرَاجَعَةِ بخَطِّ قَلَمِهِ "وَهذَا هُوَ الصَّحِيْحُ عِنْدِيْ".

 

{تَنْبِيْهٌ}: عَلَى مَنْ أَفْطَرَ شَيئًا مِنْ رَمَضَانَ لأَيِّ عُذْرٍ كَانَ أَنْ يَقْصِدَ في قَضَائِهِ الزَّمَنَ العَارِيَ مِنَ العَوَارِضِ أو الموَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كيَومِ العِيْدِ المحَرَّمِ صَومُهُ، وكَذَا عَلَى المرْأَةِ الَّتي تُرِيْدُ أَنْ تَقْضِيَ مَا عَلَيْهَا أَنْ تَقْصِدَ الأَيَّامَ الَّتي لا يَتَخَلَّلُهَا الحَيضُ أو النِّفَاسُ أو أَيُّ عَارِضٍ شَرْعِيٍّ، واللهُ أَعْلَمُ[21].

 

-------------------------

 

[1] - الخليلي، أحمد بن حمد. جواهر التفسير ج2 ص32.

 

[2] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص354.

 

الْبَابُ الثَّالثُ: في شروط الصِّيَامِ.

 

[3] - الترمذي، بَاب: مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ الْحَائِضِ الصِّيَامَ دُونَ الصَّلاةِ، رقم الحديث 717.

 

[4] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص331، 343.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص251.

 

[5] - لَطِيفَةٌ: في سبب تسمية عملية شق البطن "بالقيصرية"، هذه الكلمة تعود نسبتها إلى قيصر أول ملوك الروم، يقول ابن خلكان في وفيات الأعيان: "وقيصر كلمة فرنجية تفسيرها بالعربية "شق عنه"؛ وسببه أن أمه ماتت في المخاض فشق بطنها وأخرج، فسمي قيصر، وكان يفتخر بذلك على غيره من الملوك، لأنه لم يخرج من الرحم". يُنظر:

 

ابن خلكان. وفيات الأعيان ج5 ص58.

 

[6] - الطيواني، خلفان بن سليمان. قاموس الصوم ص57.

 

[7] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص19.

 

[8]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكَامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1427هـ، يوافقه 27/9/2006م.

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م، مذكرة خاصة ص24.

 

[9] - القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ:  2 رمضان 1425هـ، يوافقه 17/10/2004م.

 

[10] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1430هـ، يوافقه 24/ 8/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

 

[11]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص319.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص252.

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 شعبان 1423هـ، يوافقه 3/11/2002م.

 

[12]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكَامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص249.

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى- القسم الأول، ص54.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1425هـ، يوافقه 17/10/2004م.

 

[13] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 11 رمضان 1428هـ، يوافقه 23/09/2007م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 جمادى الأولى 1427هـ، يوافقه 4/6/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1423هـ، يوافقه 13/11/2002م.

 

[14] - ينظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1427هـ، يوافقه 25/9/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1427هـ، يوافقه 27/9/2006م

 

[15] - السَّالِمِي، عبد " بن حميد، جوهر النظام ج1 ص113 .

 

[16] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص330، 331.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص249.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:30 شعبان 1424هـ، يوافقه 26/10/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسَائل وفتاوى/ القسم الأول ص54.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسَائل وفتاوى/ القسم الخامس ص45.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص199.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "أ" ص71.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج2 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص110- 111.

 

[17] - "حَدِيْثٌ حَسَنٌ بمجْمُوعِ طُرُقِهِ" كذا قال عنه شيخنا محدث العصر سعيد بن مبروك القنوبي -متعنا الله بحياته-. يُنظر:

 

مجلة المعالم- العدد الخامس ص50.

 

فَائِدَةٌ: الحديث الحسن لذاته أو لغيره وإن كان دون الحديث الصحيح في قوة الثبوت إلا أنه حجة يجب العمل به في الفروع والعمليات، أما الأمور الاعتقادية فلا بد لها من الأدلة القطعية من الكتاب والسنة.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 26 ربيع الأول 1425هـ، يوافقه 16/5/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، الإمام الربيع بن حبيب: مكانته ومسنده ص200.

 

القنُّوْبيُّ، السيف الحاد ص7- 13.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1428هـ، يوافقه 27/9/2007م.

 

[18] - ابن ماجه، بَاب: طَلاقِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي، رقم الحديث 2033.

 

[19] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص330، 355.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1427هـ، يوافقه 26/9/2006م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 14 رمضان 1427هـ، يوافقه 8/10/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/9/2008م.

 

[20] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1424هـ، يوافقه 29/10/2003م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 شعبان 1426هـ، يوافقه 2/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1424هـ، يوافقه 10/11/2003م.

 

[21] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص354.

-------------------------------------------------

فَصْلٌ فيمَنْ يجِبُ عَلَيهِ الإِفْطَارُ والإِطْعَامُ

 

أ‌- المرِيْضُ المُزْمنُ:

 

هُوَ المرِيْضُ الذِي لا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ في الحَالِ ولا يُرْجَى بُرْؤُهُ في المآل -حَسَبَ الظَّاهِرِ طَبْعًا- فَهُوَ لا يَسْتَطِيعُ الأَدَاءَ وَلا القَضَاءَ ولَوْ مُتَفَرِّقًا إِنْ لمْ يَسْتَطِعْ مُتَتَابِعًا، فَالوَاجِبُ في حَقِّهِ الإِفْطَارُ، والإِطْعَامُ عَنْ كُلِّ يَومٍ مِقْدَارَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ أو وَجْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَفَى[22]، وسَيَأْتي بَيَانُهُ فَأنْظِرْني وَلا تُعْجِلْني[23].

 

ب‌- الشَّيْخُ الكَبِيرُ:

 

الشَّيْخُ العَجُوزُ الكَبِيرُ في السِّنِّ والمرْأَةُ العَجُوزُ الكَبِيرَةُ في السِّنِّ[24] اللَّذَانِ لا يَتَحَمَّلانِ الصِّيَامَ وَلا يُطِيقَانِ مَشَقَّتَهُ يجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يُفْطِرَا نهارَ الصِّيَامِ، وأَنْ يُخْرِجَا عَنْ كُلِّ يَومٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، أوْ يُطْعِمَا مِسْكِينًا وَاحِدًا وَجْبَةً وَاحِدَةً عَنْ كُلِّ يَومٍ.. [25]

 

 

وفي هَذَا الفَصْلِ مَسَائِلُ، فَأَيْقِظْ لهَا عَزْمَكَ:

 

{المَسْأَلَةُ الأُوْلى}: الدَّلِيْلُ عَلَى حُكْمِ هَذَينِ الصِّنْفَينِ المرِيْضِ المُزْمِنِ، والشَّيخِ الكَبِيرِ هُوَ قَولُهُ تَعَالى:{ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ }  البقرة: ١٨٤، بِنَاءً عَلَى رَأْي حَبْرِ الأمَّةِ  وتُرْجُمَانِ القُرْآنِ ابْنِ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، وهُوَ أنَّ المُرَادَ بِقَولِهِ:{ يُطِيقُونَهُ } يَتَكَلَّفُونَهُ بِشِدَّةٍ، فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالتَهُ فَلا يجِبُ عَلَيهِ الصِّيَامُ، ولَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ حِينَئِذٍ مِنَ الصِّيَامِ إِلى الفِدْيَةِ والإِطْعَامِ، وهُو المُعْتمَدُ في الفَتْوَى عِنْدَ الشَّيخَينِ الجَلِيلَينِ -حَفِظَهُمُ اللهُ-[26]، وقَدْ تَقَدَّمَ سَلفًا[27].

 

{المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ}: الحُكْمُ بِعَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى القَضَاءِ في المُسْتَقْبَلِ إِنما هُوَ بحَسَبِ الظَّاهِرِ والعَادَةِ وغَالِبِ الظَّنِّ، وبحَسَبِ مَا يُقَرِّرُهُ الأُمَنَاءُ مِنْ أَهْلِ الخِبرَةِ[28]، فَإِنْ أَطْعَمَ المرِيضُ مَرَضًا مُزْمِنًا أوِ الشَّيْخُ الكَبِيرُ ثمَّ كَسَاهما اللهُ لِبَاسَ القُوَّةِ والصِّحَةِ فأَطَاقَا الصِّيَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ فَلا يَنبَغِي لَهُ التَّفْرِيطُ في القَضَاءِ مِنْ بَابِ الاحْتِيَاطِ المطْلُوبِ في أُمُورِ الدِّينِ، أمَّا الإِيجَابُ فَفِيْهِ نَظَرٌ؛ وذلِكَ لما جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الشَّارِعِ أنْ لا يُكلَّفَ المكَلَّفُ بِالوَاجِبِ مَرَّتَينِ.. عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ:

 

 

أَلَيْسَ يُجْزِيْهِ الَّذِيْ قَدْ فَعَلا *** أَمْ ثَمَّ فَرْضٌ غَيْرُهُ قَدْ نَزَلا[29]

 

 

{المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ}: مَن لمْ يَسْتَطِعْ عَلَى الصِّيَامِ ولمْ يَقْدِرْ عَلَى الإِطْعَامِ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ سَقَطَ عَنْهُ الوَاجِبُ الشَّرْعِيُّ وكَانَ اللهُ أَوْلى بِعُذْرِهِ، وبَقِيَ عَلَيهِ دَينًا في ذِمَّتِهِ فَإِنْ وَجَدَ قُوَّةً في صِحَّةٍ فَلْيَقْضِ، أوْ بَسْطَةً في يَدٍ فَلْيُطْعِمْ، وإِلا فَلا شَيْءَ عَلَيهِ وَلا عَلَى أَوْلِيَائِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ إذَا أَخَذَ مَا وَهَبَ أَسْقَطَ مَا أَوْجَبَ[30].

 

ولِذَا فَلا تَلْتَفِتْ لِقَولِ مَنْ قَالَ إِنَّ الوَاجِبَ في هَذِهِ الحَالَةِ يَنتَقِلُ لِغَيرِهِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ ووَرَثَتِهِ، فَإِنَّهُ رَأْيٌ عَارٍ عَنِ الدَّلِيْلِ؛ إِذْ لا يَصُوْمُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ كَمَا لا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وهَكَذَا لا يجِبُ عَلَيهِمُ الإِطْعَامُ إلا إذَا تَصَدَّقُوا عَنْهُ[31]، والقَولُ بِعَدَمِ انْتِقَالِ الفَرْضِ لِلْغَيرِ هُوَ الذِي اسْتَظْهَرَهُ العَلاَّمَةُ أَبُو المُؤْثِرِ البُهْلوِيُّ[32]، واعْتَمَدَهُ مَنْ بَعْدَه مِنْ أَهْلِ العِلْمِ ومِنْهُمُ الإِمَامَانِ الخَلِيْلِيُّ والقَنُّوبيُّ -حَرَسَهُمُ اللهُ بِعَينِ حِفْظِهِ الَّتي لا تَنَامُ-[33].

 

{المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ}: مِنَ المعْلُومِ أنَّ المُوجِبَ لإِطعَامِ المسْكِينِ هُوَ عَدَمُ القُدْرةِ عَلَى صِيَامِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، وعَلَيهِ فَلا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الإِخْرَاجِ عَلَى المُوجِبِ؛ لأَنَّ المُسَبَّبَ لا يَتَقَدَّمُ عَلَى سَبَبِهِ، وذَلِكَ كَأَنْ يُطْعِمَ العَاجِزُ عَنْ صِيَامِ جمِيعِ أَيَّامِ الشَّهْرِ في بِدَايَةِ الشَّهْرِ، والصَّوابُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَومٍ في آخِرِهِ، أَو يُطْعِمَ عَنْ عِدَّةِ أيَّامٍ بَعْدَ مُضِيِّهَا، أو يُطْعِمَ عَنِ الشَّهْرِ كُلِّهِ بَعْدَ أَيَّامِهِ المعْدُودَاتِ، واللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ محِيْطٌ[34].

 

{المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ}: لا مَانِعَ مِنْ إِعْطَاءِ المسْكِينِ الوَاحِدِ فِدْيَةَ أَيَّامٍ مُتَعَدِّدَةٍ، أو فِدْيَةَ الشَّهْرِ كُلِّهِ فيُعْطِيَهِ عَنْ ثَلاثِينَ أو تِسْعَةٍ وعِشْرِينَ يَومًا بِعَدَدِ أَيَّامِ الشَّهْرِ، ولا يُشْتَرَطُ أنْ يُعْطِيَهُ لثَلاثِينَ أوْ تِسْعَةٍ وعِشْرِينَ مِسْكِينًا، فَيَكْفِي إِخْرَاجُهَا ولَوْ لِشَخْصٍ واحِدٍ مَا لمْ يخْرُجْ بِهِ مِنْ حَدِّ الفَقْرِ إِلى حَدِّ الغِنى؛ وذَلِكَ لما عَلِمْتَهُ مِنْ تَعَدُّدِ المُوجِبِ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ بِعَدَدِ الأَيَّامِ، فَكُلُّ يَومٍ مِنْ رَمَضَانَ فَرِيْضَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

 

وهَذَا بخِلافِ الكَفَّارَةِ الوَاحِدَةِ الَّتي يُشْتَرَطُ فِيهَا تَعَدُّدُ المسَاكِينِ؛ لأَنَّ المُوجِبَ والسَّبَبَ فِيهَا وَاحِدٌ، وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ[35].

 

{المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ}: يُجْزِي في الإِطْعَامِ أَنْ يُعْطَى لكُلِّ مَنْ يَقتَاتُ بِالطَّعَامِ مِنْ أَفْرَادِ البَيْتِ صِغَارِهِ وكِبَارِهِ، فيُحسَبُ كُلٌّ مِنْهُم عَلَى حِدَةٍ، ويُسْتَثنى مِنْ ذَلِكَ الرَّضِيْعُ فَإِنَّهُ لا يَقْتَاتُ بالطَّعَامِ[36]. 

 

{المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ}: الأَصْلُ في فِدْيَةِ العَاجِزِ عَنِ الصِّيَامِ الإِطْعَامُ، أمَّا دَفْعُ القِيمَةِ فَلَمْ يَأتِ بِهِ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلا سُنَّةٍ، ولِذَا فَلا يُصَارُ إِلَيهِ عِنْدَ السَّعَةِ وإِمْكَانِ قَبُولِ الفُقَرَاءِ للطَّعَامِ، يَقُولُ البَدْرُ الخَلِيْلِيُّ -رَعَاهُ اللهُ-: " والأَصْلُ دَفْعُ الطَّعَامِ، أمَّا القِيْمَةُ فَهِيَ حَاجَةٌ ثَانَوِيَّةٌ، إِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يتَقَبَّلُ الطَّعَامَ فَلْيَدفَعْ إِلَيهِ قِيمَةَ الطَّعَامِ"، ويَقُولُ شَيخُنا أَبُو عَبدِ الرَّحمنِ القَنُّوبيُّ -يَحْفَظُهُ اللهُ-: "والقَوْلُ بِعَدَمِ الجَوازِ قَولٌ قَوِيٌّ جِدًّا"[37].

 

والقِيمَةُ -في حَالِ إِخْرَاجِهَا- هِيَ قِيمَةُ نِصْفِ الصَّاعِ مِنَ الطَّعَامِ بحَسَبِ سِعْرِ السُّوقِ يَومَ الإِخْرَاجِ، وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ[38].

 

{المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ}: الوَجْبَةُ الوَاحِدَةُ إذَا كَانَتْ مَأْدُومَةً ومُشْبِعَةً تَكْفِي في إِطْعَامِ المسْكِينِ عَلَى القَوْلِ الرَّاجِحِ المُعْتمَد عِندَ الشَّيخَينِ الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ -يحفَظُهُمُ اللهُ-؛ نَظَرًا إِلى إِطْلاقِ القُرْآنِ الكَرِيمِ والسُّنةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالأَصْلُ في الأَمْرِ المُطْلَقِ أَنْ تجزِيَ فِيهِ المرَّةُ الوَاحِدَةُ، ولا دَلِيلَ عَلَى إِيجَابِ الوَجْبَتَينِ إِلا مِنْ بَابِ الاحْتِيَاطِ[39].

 

{المَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ}: إِنِ اخْتَارَ المُفْتَدِي إِخْرَاجَ الطَّعَامِ للْمِسْكِينِ بَدَلَ دَعْوَتِهِ للْوَجْبَةِ فَعَلَيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ الطَّعَامَ نيًّا غَيرَ مَطْبُوخٍ ليَتْرُكَ لَهُ حُرِّيَّةَ  التَّصَرُّفِ في طَهْيِهِ كَيفَمَا يحْلُو لَهُ، يَقُولُ سماحَةُ المُفْتي -أَبْقَاهُ اللهُ-: "..أو بِإِعْطَائِهِ الطَّعَامَ الذِي يَتَوَلَّى بِنفْسِهِ طَبْخَهُ مَعَ مُرَاعَاةِ مَا عَسَى أَنْ يُكَلِّفَهُ مِنْ مَؤُونَةٍ"[40]. 

 

فَتْوَى

 

السُّؤَالُ/ هَلْ يَصِحُّ أنْ يُقَدِّمَ الإِطْعَامَ بِدَايَةَ الشَّهْرِ عَنْ كُلِّ الأَيَّامِ؟

 

الجَوَابُ/ لا، الإِطْعَامُ لا يَكُونُ إِلا بَعْدَ وجُوبِ الصِّيَامِ -بعْدَ حُلُولِ اليَومِ الذِي يَجِبُ صِيَامُهُ-؛ فَإِنَّ الإِطْعَامَ بَدَلٌ عَنِ الصِّيَامِ، ولا يَتَقَدَّمُ البَدَلُ عَن مِيقَاتِ المُبْدَلِ عَنهُ[41].

 

-------------------------

 

[22] - هذا هو الصحيح الراجح عند الشيخين كما تجد بيانه في كتابنا "المُعْتمَدُ في فِقْهِ الكفَّارَاتِ"، والله الموفق.

 

[23] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص328.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1427هـ، يوافقه 1/10/2006م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1428هـ، يوافقه 22/09/2007م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 26 شوال 1429هـ، يوافقه 10/10/2008م.

 

[24] - فَائِدَةٌ عَرَبِيَّةٌ: لفظة "عجوز" تطلق على الرجل والمرأة؛ لأن صيغة "فَعُول" في العربية يستوي فيها المذكر والمؤنث، ومن أمثلتها أيضا: صبور وشكور، قلتُ: ومنه المثل العربي: "لا عطر بعد عروس" فالمراد بالعروس في مناسبة هذا المثل هو الرجل؛ إذ القائل له هنا هي المرأة كما ذكر ذلك الميداني في موسوعته القيمة مجمع الأمثال، والحمد لله على حسن المقال.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى الزينة والأعراس ص23.

 

الميداني، مجمع الأمثال، عند الأمثال: "لا مخبأ لعطر بعد عروس"، و" كاد العروس يكون ملكًا" ج2 ص158، 211.

 

[25] - ابن المنذر، الإجماع ص16.

 

[26] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص353- 354.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى الوقف والوصية ص74.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 شعبان 1426هـ، يوافقه 2/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 11 رمضان 1429هـ، يوافقه 12/9/2008م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1423هـ، يوافقه 10/11/2002م.

 

[27] - يُنظر: الْبَابُ الثَّالثُ: في شروط الصِّيَام/ فصل في مسائل وتنبيهات مختلفة.

 

[28]- يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1423هـ، يوافقه 10/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1423هـ، يوافقه 22/11/2002م.

 

[29] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص15.

 

[30] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 10 رمضان 1430هـ، 31/ 8/ 2009م.

 

[31] - تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ: الأصل أن لا يَصُوْم أحد عن أحد كما لا يصلي أحد عن أحد؛ بناءً على أنَّ النيابةَ في العبادات -من حيث الأصل- غيرُ صحيحة؛ لأن العبادة أساسها الإخلاص المحض من العبد، إلا ما استثناه الدليل من صوم الولي عن وليه الميت بعد تمكن هذا الأخير من القضاء وتفريطه فيه حتى هلك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ". البُخاري، بَاب: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، رقم الحديث 1816. يُنظر تفصيل المسألة في:

 

الباب الثامن: في مبيحات الإفطار وموجباته/ فصلٌ في مَسَائِلَ وتَنبِيْهَاتٍ مُهِمَّةٍ.

 

[32] - هو  أبو المؤثر الصَّلتُ بنُ خميسٍ الخَروصيُّ، عالم جليل، وفقيه كبير، من قرية بُهْلا، يعد من العلماء البارزين في القرن الثالث الهجري،كان كفيف البصر، وهو واحد من ثلاثة ضرب بهم المثل في عمان فقيل: رجعت عمان إلى أصم وأعرج وأعمى، فكان أبو المؤثر هو الأعمى، وكان من أصحاب المشورة في اختيار الإمام الصلت بن مالك الخروصي سنة 237هـ، ومن المبايعين للإمام عزان بن تميم سنة 278هـ

 

له أجوبة وفتاوى كثيرة تزخر بها كتب الفقه والتاريخ، ومن مؤلفاته كتاب : "الأحداث والصفات"، و"تفسير آيات الأحكام" وقد نسب هذا الكتاب الأخير إلى تلميذه محمد بن الحواري، ولعله نسخه فنسب إليه، توفي سنة 278للهجرة.

 

يُنظر: معجم أعلام الإباضية/ قسم المشرق العربي.

 

[33] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، مكانة بهلا التاريخية. إنتاج: مكتبة مشارق الأنوار.

 

الخَلِيْلِيُّ، التاريخ العماني ج2 ص19.

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص323، 329.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص253.

الجهضمي، من معالم الفكر التربوي عند الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ج1 ص201.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1430هـ، يوافقه 29/ 8 / 2009م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 21 ذو الحجة 1430هـ، 6/ 12/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 رمضان 1422هـ، يوافقه 22/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1424هـ، يوافقه 2/11/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1427هـ، يوافقه 27/9/2006م.

 

[34] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص287.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:10 رمضان 1425هـ، يوافقه 25/10/2004م.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 شعبان 1427هـ، يوافقه 10/9/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص205.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1423هـ، يوافقه10/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/ 9/2008م.

 

[35] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج4 فتاوى: الوقف، والوصية ص76.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:10 رمضان 1425هـ، يوافقه 25/10/2004م.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 شعبان 1427هـ، يوافقه 10/9/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/9/2008م.

 

[36] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 16 شعبان 1427هـ، يوافقه 10/9/2006م.

 

[37] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص353.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1427هـ، يوافقه 1/10/2006م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 25 محرم 1426هـ، يوافقه 6/3/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1423هـ، يوافقه 8/11/2002م.

 

[38]- الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 16 شعبان 1427هـ، يوافقه10 /9 /2006م.

 

[39] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج5 فتاوى: الأيمان، النذور، الكفَّارات ص131.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 شوال 1425هـ، يوافقه 28/11/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، جلسة مراجعة مع فضيلته بمكتب الإفتاء 28 ذي الحجة 1429هـ- 27/ 12/ 2008م.

 

[40] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 شعبان 1427هـ، يوافقه 10/ 9/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 21 رمضان 1430هـ، يوافقه 11/ 9/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 30 رمضان 1430هـ، يوافقه 20/ 9/ 2009م.

 

[41] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 1 رمضان 1426هـ، يوافقه 5/10/2005م.

-----------------------------------------------

فَصْلٌ فيمَنْ يجُوزُ لَهُ الإِفْطَارُ ويجِبُ عَلَيْهِ القَضَاءُ

 

‌أ- المرِيْضُ:

 

وهُوَ المرِيضُ مَرَضًا مُؤَقَّتًا يَشُقُّ عَلَى الإِنْسَانِ مِنْ غَيرِ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ إِلى الهَلاكِ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَكَ تَقْسِيمُ المَرَضِ إِلى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ، فَمَنْ شَقَّ وعَسُرَ عَلَيهِ الصِّيَامُ جَازَ لَهُ الإِفْطَارُ ووَجَبَ عَلَيهِ القَضَاءُ؛ قَالَ تَعَالى:{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﮀ  } البقرة: ١٨٤.

 

‌ب- المُسَافِرُ:

 

يجُوزُ للْمُسَافِرِ الإِفْطَارُ في سَفَرِهِ بِنَصِّ القُرْآنِ الكَرِيمِ -كَمَا تَقَدَّمَ مَعَكَ قَرِيبًا- وبِنُصُوصِ السُّنةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلاةُ وأَتمُّ التَّسْلِيمِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-  قَالَ: "خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى مَكَّةَ عَامَ الفَتْحِ في رَمَضَانَ فَصَامَ حَتى بَلَغَ الكَدِيدَ فَأَفْطَرَ وأَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ"[42]، وعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ فَمِنَّا مَنْ صَامَ ومِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، فَلَمْ يَعِبِ  الصَّائِمَ مِنَ المُفْطِرِ وَلا المُفْطِرَ مِنَ الصَّائِمِ"[43]، وقَدْ أَجمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ مِنْ حَيثُ العُمُومُ[44].

 

والسَّفَرُ الذِي يُسَوِّغُ للإِنْسَانِ الإِفْطَارَ ويُوجِبُ عَلَيهِ القَضَاءَ بَعدَهَا هُو السَّفَرُ الذِي تُقْصَرُ مَعَهُ الصَّلاةُ[45]، فإِذَا ثَبَتَ حُكْمُ السَّفَرِ وَجَبَ القَصْرُ وجَازَ الفِطْرُ -كمَا يَقُولُ الشَّيخَانِ الخَلِيْلِيُّ والقَنُّوبيُّ -حَفِظَهُمَا اللهُ-[46]، وحَدُّ السَّفَرِ الذِي يُبِيحُ للإِنْسَانِ الفِطْرَ هُو فَرْسَخَانِ، وهُوَ مَا يُعَادِلُ اثْني عَشَرَ كيلُو مِتْرًا بمقَايِيسِ العَصْرِ[47]...

 

 

وَهُنَا مَسَائِلُ وتَنْبِيهَاتٌ يحْسُنُ بِكَ -أَخِي، طَالِبَ العِلْمِ والعَمَلِ- أَنْ تُحِيطَ بهَا عِلْمًا بَعْدَ أَنْ تُوسِعَهَا مَعْرِفَةً وفَهْمًا:

 

{المَسْأَلَةُ الأُوْلى}: الإِفْطَارُ في حَقِّ المُسَافِرِ جَائزٌ وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَى رَأيِ جمهُورِ العُلَمَاءِ، وهُوَ المُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّيخَينِ الخَلِيْلِيِّ والقنُّوبيِّ -حَفِظَهُمُ اللهُ-[48]، وهَذَا كلُّهُ خِلافًا للظَّاهِرِيَّةِ القَائِلِينَ بِوُجُوبِ الإِفْطَارِ عَلَى المُسَافِرِ أَخْذًا بِظَاهِرِ الآيَةِ حَتى قَالُوا: "مَنْ صَامَ في سَفَرِهِ كمَنْ أَفْطَرَ في حَضَرِهِ"، أمَّا الجُمْهُورُ فَقَالُوا: إِنَّ في الآيَةِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ [فَأَفْطَرَ]، أيْ } فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ [فأفطر]  فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﮀ{ البقرة: ١٨٤، وكَذَا يُقَالُ أَيْضًا في قَولِهِ عز وجل:{وَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﯖ } البقرة: ١٨٥، وهُوَ أُسْلُوبٌ مَعْهُودٌ في القُرْآنِ الكَرِيمِ كَثِيرًا[49].

 

{المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ}: اِخْتَلَفَ جمهُورُ أَهْلِ العِلْمِ في الأَفْضَلِ في حَقِّ المُسَافِرِ: الصِّيَامُ أَمِ الإِفْطَارُ؟! مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَوَازِ الجَمِيعِ، والرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّيخَينِ -متَّعَهُمَا اللهُ بالصِّحَّةِ والعَافِيَةِ- أَنَّ  أَفْضَلَهُمَا أَيْسَرُهمَا، فعِندَمَا يَكُونُ الصِّيَامُ أَيْسَرَ وأَسْهَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وعِندَمَا يَكُونُ فِيهِ عَلَى المُسَافِرِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ فَالأَفْضَلُ الفِطْرُ، والدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِ هَذَا التَّفْضِيلِ التَّعْلِيلُ الذِي ذُيِّلَتْ بِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ السَّابِقَةُ، وهوَ قَولُهُ تَعَالى:{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } البقرة: ١٨٥[50].

 

{المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ}: تقدَّمَ مَعَكَ -أيُّهَا التِّلْمِيذُ الأَرِيبُ- أَنَّ السَّفَرَ الذِي يُبِيحُ الفِطْرَ هُوَ السَّفَرُ الَّذِي يُشْرَعُ مَعَهُ القَصْرُ، فَبَينَ وُجُوبِ القَصْرِ وجَوَازِ الفِطْرِ تَلازُمٌ وارْتِبَاطٌ، وقَدْ تَقَدَّمَ مَعَكَ -أَيْضًا-  في الجُزْءِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَا الكِتَابِ "المُعْتمَدُ في فِقْهِ الصَّلاةِ" مَا نَصُّهُ[51]:  

 

"..المُعْتمَدُ عِنْدَ المحقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ السَّفَرَ الَّذِي تُجْمَعُ وتُقْصَرُ مَعَهُ الصَّلاةُ هُوَ مُطْلَقُ السَّفَرِ، لا فَرْقَ بَينَ أَنْ يَكُونَ هَذَا السَّفَرُ في طَاعَةٍ أوْ في مَعْصِيَةٍ.."[52]، وبهَذَا تُدْرِكُ أَنَّ الرَّاجِحَ في جَوَازِ الفِطْرِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلْمُسَافِرِ مُطْلَقًا مُطِيعًا كَانَ أو عَاصِيًا؛ فَأَمَّا العَاصِي فَلَهُ عُقُوبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ مَا بَعْدَهَا عُقُوبَةٌ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، فإِنَّا لا نَصْبرُ عَلَى أَلِيْمِ عُقُوبَتِهِ؛ قَالَ تَعَالى:{ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً } الجن: ٢٣ [53].

 

{المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ}: مَنْ بيَّتَ نَيَّةَ الإِفْطَارِ مِنَ اللَّيلِ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ وَهُوَ لا يَزَالُ في بَلَدِهِ فَعَلَيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِهِ ويجَاوِزَ الفَرْسَخَينِ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وَلا يجُوزُ لَهُ الإِفْطَارُ وهُوَ لا يَزَالُ في بَلَدِهِ، أي لا يجُوزُ لَهُ أنْ يُصْبِحَ في بَلَدِهِ مَعَ نِيَّةِ الإِفْطَارِ[54]. 

 

{المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ}: لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ مَهْمَا عَنَّ لَهُ السَّفَرُ بَعْدَ أَنْ يجَاوِزَ الفَرْسَخَينِ، ولَوْ أَصْبَحَ عَلَى نِيَّةِ الصِّيَامِ ولمْ يُبَيِّتِ الإِفْطَارَ مِنَ اللَّيْلِ، وَلا يُشْتَرَطُ لِفِطْرِ المُسَافِرِ وَكذَا المَرِيضِ تَبْيِيتُ نِيَّةِ الإِفْطَارِ مِنَ اللَّيلِ، هَذَا هُوَ المُعْتَمَدُ الرَّاجِحُ عِنْدَ الإِمَامَينِ: إِمَامِ المُفَسِّرِينَ وإِمَامِ المحدِّثِينَ -يحفَظُهُمُ اللهُ-[55]، لِلدَّلالَةِ الوَاضِحَةِ الصَّرِيحةِ مِنْ فِعْلِ الأُسْوةِ الحَسَنَةِ صلى الله عليه وسلم حينَمَا صَامَ هُوَ وأَصْحَابُهُ حَتى بَلَغَ الكَدِيْدَ فَأَفْطَرَ وأَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ وكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالأَحْدَثِ فَالأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الجَزْمِ بِأَنهمْ أَصْبَحُوا صَائِمِينَ وَلم يُبَيِّتُوا الإِفْطَارَ مِنَ اللَّيْلِ[56].

 

{المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ}: مَنْ أَتَى في صَوْمِ سَفَرِهِ مَا يُوجِبُ عَلَيهِ الكَفَّارَةَ المُغَلَّظَةَ أَنْ لَوْ كَانَ في وَطَنِهِ كَالأَكْلِ والشُّرْبِ والجِمَاعِ فَلا كَفَّارَةَ عَلَيهِ إِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الإِفْطَارِ. 

 

أَمَّا إِنْ أَكَلَ أوْ شَرِبَ أوْ جَامَعَ أوِ اسْتَمْنى في نهَارِ رَمَضَانَ مُنْتَهِكًا لحُرْمَةِ الشَّهْرِ غَيرَ مُبَالٍ بِشَعِيرَةِ الصَّوْمِ فَقِيلَ: عَلَيْهِ مَا عَلَى الصَّائِمِ في حَضَرِهِ؛ لأنَّهُ اخْتَارَ الصِّيَامَ ثمَّ انْتَهَكَ حُرْمَةَ صِيَامِهِ هَذَا، وَبِهِ أَفْتى شَيخُنَا الخَلِيْلِيُّ -حَفِظَهُ اللهُ-[57]، وقيلَ: لا تجِبُ الكَفَّارَةُ المغَلَّظةُ عَلَى المُسَافِرِ الَّذِي ارْتَكَبَ مَا يُوجِبُ الكَفَّارَةَ في نهَارِ صِيَامِهِ أَنْ لَو كَانَ في وَطَنِهِ؛ نَظَرًا إِلى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ في الأَصْلِ أنْ يُفطِرَ، وإِلى هَذَا الأَخِيرِ ذَهَبَ شَيخُنا القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ-[58]، وقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا لمْ يَقُلْ ذَلِكَ عَنْ هَوًى، وَإِنما لِكُلٍّ مِنهُمَا نَظَرٌ واعْتِبَارٌ } وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ } البقرة: ١٤٨.

 

{المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ}: مَنْ أَفْطَرَ في حَالَةِ السَّفَرِ في شَهْرِ رَمَضَانَ ثمَّ رَجَعَ إِلى بَلَدِهِ نهَارًا وهُوَ مُفْطِرٌ فَلَيسَ عَلَيْهِ حَرَجٌ إِنْ وَاصَلَ الإِفْطَارَ، يَقُولُ شَيخُنا المفْتي -أبْقَاهُ اللهُ-: "..وَالقَولُ الرَّاجِحُ بِأَنَّهُ لا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ، إذِ الإِمْسَاكُ لا يجْدِيهِ شَيْئًا وَقَدْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا"[59]، وَقَدْ تَقَدَّمَ في ذَلِكَ صَنِيعُ الإِمَامِ جَابِرٍ -رَحِمَهُ اللهُ- مَعَ امْرَأَتِهِ، واللهُ أعْلَمُ[60]. 

 

قلتُ: وقدْ أضافَ شيخُنا القنُّوبيُّ -حفظهُ اللهُ- عندَ المراجَعَةِ بخطِّ قلمِهِ "وَهذَا هُوَ الصَّوَابُ". 

 

{المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ}: لِلْمُسَافِرِ في شَهْرِ الصِّيَامِ أَنْ يَصُوْمَ ويُفْطِرَ في أَيَّامِ الشَّهْرِ حَسَبَ مَا يَرى مِنْ مَصْلَحَتِهِ ويُقَدِّرُ مِنْ ظُرُوفِهِ مَا دَامَ  مُتَلَبِّسًا بِرُخْصَةِ السَّفَرِ، وعَلَيْهِ فيَجُوزُ لَهُ -عَلَى الرَّأيِ الصَّحِيحِ المُعْتمَد عِنْدَ الشَّيخَينِ- أَنْ يُفْطِرَ بَعْدَ صِيَامِهِ مِنْ رَمَضَانَ، ولا يَنْهَدِمُ مَا مَضَى مِنَ الصِّيَامِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِعْلُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ صَامَ هُوَ وأَصْحَابُهُ حَتى بَلَغُوا الكَدِيدَ فَأَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ، ولمْ يَأْمُرْهُمْ بِقَضَاءِ مَا مَضَى مِنْ أَيَّامٍ قَبْلَ هَذَا الفِطْرِ[61]. 

 

وكَذَا لا يَنْهَدِمُ مَا صَامَهُ بَينَ فِطْرَينِ، كَأَنْ يُفْطِرَ ثمَّ يَصُوْمَ ثمَّ يُفْطِرَ، وقَدْ تَقَدَّمَ -أيضًا- أَنَّ في هَذَا دَلِيلاً عَلَى أَنَّ كُلَّ يَومٍ مِنْ رَمَضَانَ فَرِيْضَةٌٌ مُسْتَقِلَّةٌ، والعِلْمُ عِنْدَ اللهِ[62]. 

 

{المَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ}: السَّفَرُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ يُبِيحُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَنتَقِلَ مِنَ الصِّيَامِ الوَاجِبِ إِلى الإِفْطَارِ، ولا فَرْقَ عَلَى المُعْتمَد عِندَ شَيخِنَا بَدْرِ الدِّينِ -حَفِظَهُ اللهُ- بَينَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الصِّيَامُ أَوْجَبَهُ  اللهُ كصِيَامِ رَمَضَانَ، أو أوْجَبَهُ المرْءُ عَلَى نَفْسِهِ كَصِيَامِ النَّذْرِ والكَفَّارَةِ، خِلافًا لِمَنْ شَدَّدَ في هَذَا الأَخِيرِ فَلمْ يُبِحْ لِلمُكَفِّرِ والنَّاذِرِ الفِطْرَ في السَّفَرِ، ففِي هَذَا نَظَرٌ؛ إذْ لا يَكُونُ مَا أَوْجَبَهُ العَبْدُ أَشَدَّ مما أَوْجَبَهُ رَبُّ العَبْدِ عز وجل، وقَدْ تقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الأَخِيرَ هُوَ القَولُ المُعْتَمَدُ فاشْدُدْ بهِ يَدًا[63].

 

{المَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ}: السَّفَرُ سَبَبٌ لِلْفِطْرِ رُخْصَةً مِنَ اللهِ ورَحمةً، وَلَيْسَ الفِطْرُ سَبَبًا لِلسَّفَرِ، وعَلَيْهِ فَلا يجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَحَايَلَ عَلَى رَبِّه ِ ويخَادِعَ مَوْلاهُ فَيَخْرُجَ مِنْ وَطَنِهِ إِلى حُدُودِ سَفَرِهِ ثمَّ يَرْجِعَ أَدْرَاجَهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُفْطِرَ نهَارَهُ، فَلَيسَ هَذَا شَأْنَ المُؤْمِنِينَ المُخْلِصِينَ بَلْ هُوَ شَأْنُ المنَافِقِينَ المُخَادِعِينَ { يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ  } البقرة: ٩[64].

 

-------------------------

 

[42] - الربيع، باب: في صيام رمضان في السفر، رقم الحديث 308.

 

[43] - الربيع، باب: في صيام رمضان في السفر، رقم الحديث 310.

 

[44] - الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م، مذكرة خاصة ص24.

 

[45] - الخليلي، أحمد. بن حمد. الفتاوى ج1 ص 321، 355.

 

[46] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص350.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1424هـ، يوافقه 28/10/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص94، 98.

 

[47] - أو بالخروج من العمران مع قصد مجاوزة الفرسخين إلا أن يكون العمران ممتدا جدا فيبدأ حساب الفرسخين عند خروجه من بيته أو محلته على المعمول به عند شيخنا القنوبي، وحسب ما تقدم معك في أبواب الصلاة. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 رمضان 1430هـ، 27/ 8/ 2009م.

 

[48] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص 319.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص90- 91.

 

[49] - ومن أمثلة الحذف الذي يدل عليه ويقتضيه السياق حذف كلمة "فضرب" في قوله تعالى:{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ{ الشعراء: ٦٣ أي [فضرب فانفلق].

 

تَنْبِيْهٌ: أما حديث: " لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ" فهو محمول فيما إذا كان ذلك الصِّيَام يشق على الإنسان مشقة بالغة، وينافي مقصد الشارع في التيسير لا التعسير، وفيه مشادة في الدين وعدم قَبول رخصة الله في وقتها التي أرادها الحكيم سبحانه وتعالى، وقد قال تَعَالى:{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } البقرة: ١٨٥.

 

وقد يقول قائل: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيقال له: نعم إن القاعدة العامة تنصُّ على ذلك إلا أن هناك من القرائن ما تدعو إلى مراعاة السبب الوارد من أجله هذا الحديث، فقد قال صلى الله عليه وسلم هذا اللفظ عندما رَأَى أنَاسًا مُجْتَمِعِينَ عَلَى رَجُلٍ فَسَأَلَ عن شأنهِ، فَقَالُوا: رَجُلٌ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَر". النسائي، باب: الْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا قِيلَ ذَلِكَ [الحديث]، رقم الحديث 2225، ومن تلك القرائن التي تدل على ضرورة مراعاة هذا السبب:

 

* أن النبي صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأفطر، والصحابة كانوا يَصُوْمون ويفطرون، ومحال أن يرتكب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ما يتنافى مع البر، وهو الفجور.

 

* قال بعض العلماء إن المراد بذلك أنه ليس من البر الذي بلغ حد الكمال، ولا يعني أن ضده فجور، ومثله قوله تَعَالى:{ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } آل عمران: ٩٢، مع أن الإنسان إذا أنفق في نفقات التبرع من رديء ماله لا يقال بأنه ليس من الأبرار، وأن عمله هذا من الفجور.

 

تنبيه ثان: وفي هذا السياق ينبه شيخنا أبو عبد الرحمن القنوبي -حفظه الله- على عدم ثبوت ذلك اللفظ الذي يكثر ذكره في كتب اللغة " لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ"؛ استشهادا به على "أم الحميرية"، والله المستعان. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص 318.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص91.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية "مذكرة خاصة في الحكم على بعض الأحاديث" ص25.

 

ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، "أمْ".

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج2 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص102- 103.

 

[50] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص217- 319.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1424هـ، يوافقه 28/10/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص93.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 22 جمادى الثانية 1428هـ، يوافقه 8/7/2007م.

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج2 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص99- 100.

 

[51] - يُنظر: البابُ الحادي عشرَ: في صَلاةِ السَّفَرِ/ فَصْلٌ في بَعضِ أحْكامِ السَّفرِ.

 

[52] - وممَّنْ ذهَبَ إِلى هَذَا الرَّأيِ مِنْ محقِّقِي أصحَابِنا ابنُ بَرَكةَ وأبُو سَعيدٍ الكُدَمِيُّ والإِمامُ السَّالميُّ وقُطبُ الأئِمَّةِ في زِيَاداتِ المدَوَّنَةِ، والشَّيخُ إبراهيمُ بنُ سعيدٍ العَبريُّ المفتي السَّابقُ للسَّلطنةِ، وهُو الَّذِي رجَّحَهُ الحَافِظُ القَنوبيُّ -حفظه الله- في بعضِ إجَابَاتِهِ وعَجِيبِ مُصَنَّفَاتِهِ. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، قُرة العيْنيْن ص47.

 

القنُّوْبيُّ، الرأي المعتبر ص 85.

 

[53]- يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص93.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى- القسم الأول، ص54.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "أ" ص71.

[54] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص59- 96.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الثالث ص32.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1422هـ/ يوافقه 2001م. مذكرة خاصة ص30.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية بروي سابقا، صيف1421هـ/2000م، رقم المذكرة9 ص11.

 

[55] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص 321.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص207.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "أ" ص72.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص49.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية بروي سابقا، صيف1421هـ/2000م، رقم المذكرة9 ص11.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1427هـ، يوافقه 27/9/2006م.

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج2. "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[56] - الربيع، باب: في صيام رمضان في السفر، رقم الحديث 308، 309.

 

[57] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 26 رمضان 1424هـ، يوافقه 21/11/2003م.

 

[58] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص206.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 رمضان 1425هـ، يوافقه 11/11/2004م.

 

[59] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص320.

 

[60] - يُنظر: الْبَابُ الثَّالثُ: في شروط الصِّيَام/ فَصْلٌ في شُرُوطِ وُجُوبِ الصِّيَامِ.

 

[61] - الربيع، باب: في صيام رمضان في السفر، رقم الحديث 308، 309.

 

[62] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1424هـ، يوافقه 28/10/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص97.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 9 رمضان 1426هـ، يوافقه 13/10/2005م.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص103- 104.

 

[63] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص326، 351.

 

[64] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 8 رمضان 1430هـ، يوافقه 29/ 8 / 2009م.

-----------------------------------------------------

فَصْلٌ فيمَنْ يجِبُ عَلَيْهِ القَضَاءُ والكَفَّارَةُ

 

‌أ- المُفَرِّطُ في قَضَاءِ رَمَضَانَ:

 

لَقَدْ عَلِمْتَ -أَخِي، وفَّقَكَ المَوْلى لِلمُسَارَعَةِ في طَاعَتِهِ- أَنَّ العَابِدَ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَقْطَعُ صِيَامَهُ، ويَعْذِرُهُ عَنِ القِيَامِ بَأَدَائِهِ في الحَالِ مِنَ المرَضِ والسَّفَرِ وَالأَعْذَارِ الشَّرعيَّةِ الأُخْرَى كَالحَيْضِ والنِّفَاسِ والحَمْلِ والرَّضَاعِ بِالنِّسْبَةِ لبَنَاتِ حَوَّاءَ، فيُعْفَى المُكَلَّفُ عَنِ الصِّيَامِ في ذَلِكَ الحَالِ إِلا أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِأَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيهِ مِنْ أَيَّامٍ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ العَارِضِ وقَبْلَ مجِيْءِ رَمَضَانَ القَادِمِ..

 

فَإِنْ دَاهمَهُ الشَّهْرُ الكَرِيمُ ولمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ القَضَاءِ لاسْتِمْرَارِ العُذْرِ أو لِطُرُوءِ عُذْرٍ آخَرَ كنِسْيَانٍ -مَثَلاً- فَلْيَصُمِ الحَاضِرَ ولْيَقْضِ الفَائِتَ بَعْدَ ذَلِكَ ولَيْسَ عَلَيهِ شَيْءٌ آخَرَ بَعْدَهَا[65].

 

أمَّا مَنْ فَرَّطَ في القَضَاءِ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ حَتى جَاءَهُ الشَّهْرُ الكَرِيمُ فَعَلَيْهِ مَعَ صِيَامِ الحَاضِرِ وقَضَاءِ الفَائِتِ أَنْ يَتُوبَ إِلى اللهِ تَعَالى أوَّلاً مِنْ تَضْيِيعِ الوَاجِبِ، وَعَلَيْهِ كَذَلِكَ أنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَومٍ فَوَّتَ قَضَاءَهُ مِسْكِينًا عَلَى الرَّأْيِ المُفْتى بِهِ عِنْدَ شَيخِنَا الخَلِيْلِيِّ -حَفِظَهُ اللهُ-؛ لحَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَاهُ الدَّارَ قُطْني مَرْفُوعًا والبُخَارِيُّ مَوْقُوْفًا[66].

 

بَينَمَا ذَهَبَ شَيخُنا القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ- إِلى عَدَمِ إِيجَابِ الإِطْعَامِ فَوْقَ وَاجِبِ التَّوبَةِ[67]؛ لأَنَّ الحَدِيْثَ لَدَيهِ لا يَثْبُتُ لَهُ سَنَدٌ ومَا دَامَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ مُعْتَمَدٌ، والأَصْلُ في أَمْوَالِ المُسْلِمِينَ العِصْمَةُ، فَلا إِيجَابَ إِلا بِدَلِيْلٍ شَرْعِيٍّ، وقد سَبَقَهُ إِلى القَولِ بهذَا الرَّأْيِ مِنْ أصْحَابِنَا الإِمَامُ أَبُو سَعِيدٍ الكُدَمِيُّ -رَحِمَه اللهُ-، يقُولُ الإِمَامُ السَّالمِيِّ:

 

 

وَفِيهِ قَوْلٌ أَنَّهُ لا يجِبُ *** وَهُوَ إِلى أَبي سَعِيدٍ أَعْجَبُ[68]

 

 

إِلا أَنَّ الإِطْعَامَ أَحْوَطُ عندَ الجَمِيعِ وفِيهِ خُرُوجٌ مِنَ الخِلافِ، والخُرُوجُ مِنَ الخِلافِ هُوَ مجْمَعُ السَّلامَةِ وَمَطْلَبُ أَهْلِ الحَقِّ والاسْتِقَامَةِ، وبِالله التَّوْفِيْقُ.

 

‌ب- المُنْتَهِكُ لحُرْمَةِ الشَّهْرِ:

 

اِعْلَمْ -أيُّها المُتَفَقِّهُ في الدِّينِ، عَصَمَكَ اللهُ مِنَ الحُرَمِ والمحَارِمِ- أَنَّ مِنْ تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا المُؤْمِنُ وِفْقَ شِرْعَتِهِ عز وجل مُلْتَزِمًا أَمْرَهُ، مجْتَنِبًا نهْيَهُ، وَاقِفًا عِنْدَ حُدُودِهِ، مُبْتَعِدًا عَنْ حمَاهُ، فَإِنَّ لِلْمَعْصِيَةِ شُؤْمًا وظُلْمَةً في القَلْبِ كَمَا أَنَّ لِلطَّاعَةِ نُورًا ونجَاةً وبُرْهَانًا، ولِذَا فَإِنَّكَ دَائِمًا مَا تجِدُهُ

 

 

قَدْ أَخَذَ الجَانِبَ عَنْ حمَى الرِّيَبْ *** فَلا يحُومُ حَوْلهَا وَلا كَرَبْ

سَمَتْ بِهِ هِمَّتُهُ فَلا يَرَى *** إِلا المَعَالي مَكْسَبًا وَمَتْجَرا[69]

 

 

هَذَا، وإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الإِثمِ أَنَّ يَأتيَ العَبْدُ الضَّعِيفُ إِلى رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ -كَالصِّيَامِ- فيَنْتَهِكُ حُرْمَتَهُ ويُفْطِرُ نهَارَهُ بِأَكْلٍ أوِ شُرْبٍ أو  جِمَاعٍ أوِ اسْتِمْناءٍ، فَإِذَا مَا فَعَلَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ مَا بَقِيَ مِنْ أَنْفَاسِهِ بِالمتَابِ قَبْلَ المَمَاتِ، فَإِنَّ اللهَ يُمْهِلُ ولا يُهْمِلُ، وهَوُ سبحانه وتعالى يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مَهْمَا عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ وكَثُرَ حُوبُهُ.  

 

فَإِذَا مَا تَابَ وَأَنَابَ ورَجَعَ واسْتَغْفَرَ شُرِعَ في حَقِّهِ وجُوبًا قَضَاءُ ذَلِكَ اليَومِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ المُعْتمَد عنْدَ عُلمَائِنَا كالمشَايِخِ السَّالميِّ -رَحِمَهُ اللهُ- والخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ -حَفِظَهُمُ اللهُ-[70]؛ لأَنَّ صِيَامَ ذَلِكَ اليَومِ الذِي انْتَهَكَهُ قَدْ فَسَدَ وأَصْبَحَ دَينًا عَلَيهِ للهِ يجِبُ قَضَاؤُهُ، بَل " دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ"[71].

 

وَلا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ مَا سَبَقَ مِنْ أَيَّامِ الشَّهْرِ -عَلَى الصَّحِيْحِ الرَّاجِحِ عِنْدَ المشَايِخِ الأَجِلاَّءِ السَّالميِّ والخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ-؛ لأَنَّهُ فَرَائِضُ مُتَعَدِّدَةٌ لا فَرْضٌ وَاحِدٌ، فَلا يُؤَثِّرُ فَسَادُ اللاَّحِقِ في صِحَّةِ السَّابِقِ[72]..

 

 

لأَنَّهُ فَرَائِضٌ لا فَرْضُ *** فَلا يَعُمُّ الصَّومَ فِيْهِ نَقْضُ[73]

 

 

وعَلَيْهِ مَعَ قَضَاءِ ذَلِكَ اليَومِ الَّذِي انْتَهَكَ حُرْمَتَهُ أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةً مُغَلَّظَةً، وهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لمْ يجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ، فَإِنْ لمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، هَكَذَا عَلَى التَّرْتِيْبِ المذْكُورِ كمَا هُو المُعْتَمَدُ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّيخَينِ الخَلِيْلِيِّ[74] والقَنُّوبيِّ[75] -رعَاهُمُ اللهُ-، وأُحِيلُكَ إِلى تَفْصِيلِ ذَلِكَ في كِتَابِنَا: "المُعْتمَدُ في فِقْهِ الكَفَّارَاتِ" فَقَدْ أَعْطَيتُكَ سَيْفًا قَاطِعًا إِنْ كُنْتَ بِهِ ضَارِبًا[76].

 

فَتْوَى

 

السُّؤَالُ/ اِمْرَأَةٌ بَلَغَتِ السَّبْعِينَ مِنْ عُمُرِهَا ولمْ تَصُمْ رَمَضَانَ لمدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً ظَنًّا مِنْهَا أَنَّ الحَامِلَ والمُرْضِعَ لا تَصُومُ، فَمَاذا عَلَيْهَا في هَذَا السِّنِّ؟

 

الجَوَابُ/ عَلَيْهَا أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ، وأَنْ تَقْضِيَ مَا أَضَاعَتْهُ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ، وعَلَيْهَا عَلَى الأَقَلِّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لمْ تَسْتَطِعْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ فَإِنْ لمْ تَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وإِنْ عَجَزَتْ عَنْ صِيَامِ الأَشْهُرِ الَّتي أَضَاعَتْهَا فَلْتُطْعِمْ عَنْ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينًا، واللهُ أَعْلَمُ[77].

 

[ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ]: الكَفَّارَةُ المُغَلَّظَةُ تجِبُ فيَمَا أُجمِعَ عَلَى أنهُ نَاقضٌ لِلصِّيامِ، لا فِيَمَا اختُلِفَ فيهِ، ومَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ المعَاصِيْ فتُدْرَأُ عَنْهَا الكَفَّارةُ لشُبهَةِ الخِلافِ، وَلكِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ[78].

 

 

فَصْلٌ فيمَنْ لا يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَلا قَضَاءٌ وَلا كَفَّارَةٌ

 

تَعَرَّفْ -أَصْلَحَ اللهُ لي وَلَكَ الشَّأْنَ- أَنَّ هُنَاكَ صِنْفًا مِنَ النَّاسِ لا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ وَلا الإِطْعَامُ، وهُمْ مَنْ فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ وجُوبِ الصِّيَامِ مِمَّنْ ذُكِرَ سَلَفًا كالصَّبيِّ الَّذِي لمْ يَبْلُغِ الحُلُمَ، والمجنُونِ الذِي لا يُدْرِكُ التَّكْلِيْفَ، وَلا يَعْرِفُ دُخُولَ الشَّهْرِ وخُرُوجَهُ، والمُغْمَى عَلَيْهِ حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ فِيْهِ مِنْ خِلافٍ[79]؛ قَالَ الرَّسُولُ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ"[80]، والحَمْدُ للهِ عَلَى تمَامِ المنَّةِ[81].

 

 

-------------------------

 

[65] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص355.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 رمضان 1425هـ، يوافقه 12/11/2004م.

 

[66] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص352.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص278.

 

الخَلِيْلِيُّ، كيف تستثمر رمضان! "مادة سمعية"، إنتاج: مركز مشارق الأنوار للإنتاج الفني والتوزيع.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 25 شعبان 1425هـ، يوافقه 10/10/2004م.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1427هـ، يوافقه 26/9/2006م.

 

[67] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1426هـ، يوافقه 6/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص204.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "أ" ص69.

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1425هـ/ يوافقه 2004م. مذكرة خاصة ص20.

[68] - السالمي، عبد الله بن حميد. جوهر النظام ج1 ص148.

 

[69] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص166.

 

[70] - المعمري، عبد الله بن سعيد. من فقه الصِّيَام "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[71] - مسلم، بَاب: قَضَاءِ الصِّيَامِ عَنْ الْمَيِّتِ، رقم الحديث 1936.

 

[72] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص351.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1422هـ، يوافقه 26/11/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1425هـ، يوافقه 20/10/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص86.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص521.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1430هـ، يوافقه 23/ 8 / 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1426هـ، يوافقه 14/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 28/9/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 شوال 1428هـ، يوافقه 28/10/2007م.

 

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م، مذكرة خاصة ص26.

 

[73] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص71.

 

[74] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى، ج1 ص253-256.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 25 محرم 1426هـ، يوافقه 6/3/2005م.

 

[75] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص199.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الخامس ص46.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص20.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1425هـ/ يوافقه 2004م. مذكرة خاصة ص9.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1427هـ، يوافقه 4/10/2006م.

 

[76] - فَائِدَةٌ: حدثنا شيخُنا الحافظُ سعيدُ بنُ مبروكٍ القنوبيُّ أنَّ الإمام السالمي -تغمده الله بواسع رحمته- زار بلدة الحمراء، فسأل أحدَ طلبة العلم هناك، ماذا تقرأ؟ فأجاب الطالبُ: أقرأ "جوهر النظام" فقال الشيخُ -رَحِمَهُ اللهُ-:" لقد أعطيتُكَ سيفًا قَاطِعًا إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا".

 

[77] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص280.

 

[78] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص337.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقة: 4 من رمضان1424هـ، يوافقه 30/10/2003م.

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص206.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 رمضان 1425هـ، يوافقه 11/11/2004م.

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1426هـ، يوافقه 20/10/2005م.

 

[79] - يُنظر: الْبَابُ الثَّالثُ: في شروط الصِّيَام/ فَصْلٌ في شُرُوطِ وُجُوبِ الصِّيَامِ.

 

[80] - أبو داود، بَاب: فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا، رقم الحديث 3823.

 

[81] - القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 15 رمضان 1424هـ، يوافقه 10/11/2003م.

--------------------------------------

فَصْلٌ

 

في مَسَائِلَ وتَنبِيْهَاتٍ مُهِمَّةٍ

 

{المَسْأَلَةُ الأُوْلى}: مَنْ أَفْطَرَ شَيْئًا مِنْ رَمَضَانَ ووَجَبَ في حَقِّهِ القَضَاءُ لَكِنَّهُ لمْ يَسْتَطِعْ عَلَيْهِ فَلا يُكلَّفُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، ويُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينًا إِنِ اسْتَطَاعَ؛ إذِ الميسُورُ لا يَسْقُطُ بِالمعْسُورِ[82]، فَإِنْ لمْ يَسْتَطِعْ عَلَى الإِطْعَامِ فَاللهُ أَوْلى بِعُذْرِ عِبَادِهِ الضُّعَفَاءِ، وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا[83].

 

{المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ}: عَلَى مَنْ أَفْطَرَ شَيْئًا مِنْ رَمَضَانَ ووَجَبَ عَلَيْهِ القَضَاءُ أَنْ يُسَارِعَ إِلى ذلكَ القَضَاءِ؛ لأَنَّهُ لا يَدْرِيْ مَتى يَنْزِلُ بِسَاحَتِهِ المنُونُ؛ ولأَنَّ القَضَاءَ دَيْنٌ وَاجِبٌ للهِ، "ودَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ"[84] كمَا قَالَ صَاحِبُ المنَّةِ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ صلى الله عليه وسلم، إِلا أَنَّهُ لا يَلْزَمُ -عَلَى الصَّحِيْحِ عِنْدَ الشَّيخَينِ[85]- أَنْ يَكُونَ هَذَا القَضَاءُ بَعْدَ الفِطْرِ مُباشَرةَ، بَلْ يمكِنُ لِلإِنسَانِ أنْ يُؤَخِّرَ القَضَاءَ لحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ كَمَا كَانَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ تُؤَخِّرُ قَضَاءَ مَا أَفْطَرَتْهُ مِنْ رَمَضَانَ إِلى شَعْبَانِ لِيُوَافِقَ صِيَامُهَا صِيَامَ النَّبيِّ [86] صلى الله عليه وسلم. 

 

وفي هَذَا -أَيْضًا- دَلِيْلٌ عَلَى جَوَازِ التَّطوُّعِ بِالصِّيَامِ مِمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ؛ إِذْ لا يُعْقَلُ أَنْ تَبْقَى الصِّدِّيقَةُ ابْنَةُ الصِّدِّيقِ في بَيْتِ النُّبُوَّةِ مَعَ خَلِيْلِ اللهِ وخَلِيْلِهَا تُشَاهِدُهُ يَقْضِي سَحَابَةَ أَيَّامِهِ صَائِمًا وهِيَ لا تُشَارِكُهُ الصِّيَامَ طَوَالَ العَامِ حَتى يَأْتيَ شَعْبَانُ بحُجَّةِ أَنَّ عَلَيْهَا قَضَاءَ شَيْءٍ مِنْ رَمَضَانَ.

 

يقُولُ أبُو خَلِيْلٍ الخَلِيْلِيُّ -أبقَاهُ اللهُ-: "ومِنْهُمْ مَنْ قَالَ: "لا مَانِعَ مِنَ التَّطَوُّعِ مِمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ"، وهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، ويَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أمَّ المؤْمِنِينَ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- كَانَتْ تُؤَخِّرُ قَضَاءَهَا إِلى شَهْرِ شَعْبَانَ مُرَاعَاةً لِكَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم يَصُوْمُ غَالِبَ شَعْبَانَ.. وَلا يُعْقَلُ أَنْ تَبْقَى عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- طَوَالَ أَيَّامِ العَامِ لا تَصُومُ تَطَوُّعًا، مَعَ حِرْصِهَا عَلَى الفَضْلِ، ومَعَ كَوْنِهَا في بَيْتِ النُّبُوَّةِ"، واللهُ أَعْلَمُ[87]. 

 

{المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ}: اِخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ أَفْطَرَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ، هَلْ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ في القَضَاءِ أوْ لا يَلْزَمُهُ؟ والذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا -رِضْوَانُ اللهِ تَعَالى عَلَيْهِمْ- أَنَّ التَّتَابُعَ في القَضَاءِ وَاجِبٌ في حَالِ القُدْرَةِ[88]، وهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الفَتْوَى عنْدَ شَيخِنَا المُفْتي -أَبْقَاهُ اللهُ-، يَقُولُ سماحَتُهُ مُصَرِّحًا: " وَلَكِنَّ القَولَ الرَّاجِحَ الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ أَنَّ رَمَضَانَ يُقْضَى مُتَتَابِعًا.. هَذَا القَولُ الذِي نَعْمَلُ بِهِ ونَعْتَمِدُهُ"[89]، وهُوَ الَّذِي أَيَّدَهُ أَيْضًا شَيْخُنا الغَارِبيُّ -حفِظَهُ اللهُ- في بَعْضِ بحُوثِهِ[90]. 

 

أمَّا العَلاَّمَةُ القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ- فَقَدْ رَأَى عَدَمَ وُجُوبِ أوِ اشْتِرَاطِ التَّتَابُعِ في قَضَاءِ رَمَضَانَ؛ لأَنَّ جمِيْعَ مَا رُوِيَ في هَذِهِ المسْأَلَةِ مما يُوجِبُ التَّتَابُعَ أو يجِيزُ التَّفْرِيْقَ لمْ يَثْبُتْ عَنهُ صلى الله عليه وسلم والرُّجُوعُ إِلى الأَصْلِ يَقْتَضِي بَراءَةَ الذِّمَّةِ مِنَ الوُجُوبِ[91]. 

 

والحَاصِلُ أَنَّ في المسْأَلَةِ -كمَا يُقَالُ- إِطَالَةً لا تَتَّسِعُ لهَا هَذِهِ العُجَالَةُ، وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا، وأَدِلَّةٌ هُوَ آخِذٌ بهَا، فمَنْ عَمِلَ بِأَيِّ الرَّأْيَينِ فَلا يُعَنَّفُ أو يُشَدَّدُ عَلَيْهِ -لا سِيَّمَا إِنْ رَكِبَتِ المرْءَ ضَرُورَةٌ-، إِلا أَنَّ القَدْرَ المُتَّفَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ الجَمِيْعَ أَنَّ مَنْ تَابَعَ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الخٍلافِ، وَكَانَ في مَنْطِقَةِ الأَمَانِ والسَّلامِ، والسَّلامَةُ في الدِّينِ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ، فالتَّتَابُعُ في القَضَاءِ أَسْلَمُ وأَحْزَمُ.. فـَ:

 

 

شمِّرْ وكُنْ في أُمُورِ الدِّينِ مُجتَهِدًا *** وَلا تَكُنْ مِثْلَ عِيرٍ قِيْدَ فانْقَادا

 

 

فَإِني:

 

 

أُحِبُّ فَتًى مَاضِي العَزَائِمِ حَازِمًا *** لِدُنْيَا وأُخْرَى عَامِلاً بِالتَّشَمُّر ِ

وأَمَّا أَخُو النَّوْمَاتِ لا مَرْحَبًا بِهِ*** وَلا بِالجَثُومِ الرَّاكِدِ المُتَدَثِّرِ[92]

 

 

{المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ}: مَنْ أَفْطَرَ شَيْئًا مِنْ رَمَضَانَ لَشَيْءٍ مِنَ الأَعْذَارِ كمَرَضٍ أوْ سَفَرٍ ثمَّ تُوُفيَ خِلالَ أَيَّامِ الشَّهْرِ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلا عَلَى وَارِثِهِ، وكَذَا إِنْ خَرَجَ الشَّهْرُ واتَّصَلَ بِهِ العُذْرُ حَتى تُوُفِّيَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ القَضَاءِ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلا عَلَى وَارِثِهِ -أَيْضًا-؛ لأَنَّهُ لمْ يَتَعَينْ في حَقِّهِ وجُوبُ الصِّيَامِ، ولمْ يَأْتِ يَومٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنَ القَضَاءِ وفَرَّطَ في القَضَاءِ، وَفي هَذَا يَقُولُ الإِمَامُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "مَنْ مَاتَ في رُخْصَةِ اللهِ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ"[93].

 

أمَّا مَنِ انقَطَعَ عُذْرُهُ وتمكَّنَ مِنْ قَضَاءِ يَومِهِ أوْ أَيَّامِهِ وفَرَّطَ فِيْهَا وقَصَّرَ حَتى عَاجَلَهُ الحِمَامُ قَبْلَ القَضَاءِ فَيَنْبَغِي لِوَارِثِهِ أَنْ يَصُوْمَ عَنْهُ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم في حَدِيْثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ"[94]، وفي الفَتَاوَى القَيِّمَةِ لسَمَاحَةِ المُفْتي -رَعَاهُ اللهُ-: " إِنْ مَاتَا في عُذْرِهِمَا [أيْ المُسَافِرُ والمَرِيْضُ] فَاللهُ أَوْلَى بعُذْرِهِمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ، وَلا يَنْتَقِلُ هَذَا إِلى الوَرَثَةِ؛ لأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ القَضَاءُ"[95].

 

ويُضِيفُ شَيخُنا القَنُّوبيُّ -عَافَاهُ اللهُ-: " مَنْ مَاتَ لَهُ قَرِيْبٌ وَتَمَكَّنَ مِنَ القَضَاءِ وَلَكِنَّه فَرَّطَ في ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ الذِي يُقْضَى عَنْهُ؛ كَمَا ثَبَتَ في الحَدِيثِ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ"، وهُوَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ ثَابِتٌ عَنِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ علَيهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ-، وهُوَ شَامِلٌ لِكُلِّ صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَى الإِنْسَانِ.. يَشْمَلُ صَومَ رَمَضَانَ ويَشْمَلُ النَّذْرَ والكَفَّارَاتِ عَلَى الرَّأْيِ الصَّحِيْحِ"[96].

 

وطَرِيقَةُ الصَّوْمِ: أَنْ يَصُوْمَ وَرَثَتُهُ عَنْهُ بحَسَبِ نَصِيْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنَ الإِرْثِ، ويَكُونُ صِيَامُهُمْ مُتَتَابِعًا[97]، بحيْثُ يُفْطِرُ الأَوَّلُ ويَصُوْمُ الثَّاني بَعْدَهُ مُبَاشَرَةً مِنْ غَيرِ انْقِطَاعٍ في الصِّيَامِ، ويُفَضَّلُ تَقْدِيمُ المَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ في الصِّيَامِ؛ وذَلِكَ لما يَعْرِضُ لِلنِّسَاءِ مِنْ مَوَانِعَ وأَعْذَارٍ شَرْعِيَّةٍ تمنَعُهَا مِنَ الصِّيَامِ، إِلا إذَا تَبرَّعَ أَحَدُهُمْ أو بَعْضُهُمْ بِالصِّيَامِ عَنِ الجَمِيْعِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ[98].

 

 

فَتْوَى

 

السُّؤَالُ/ امْرَأَةٌ دَخَلَ عَلَيْهَا شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ وَهِيَ نُفَسَاءُ فتُوُفِّيَتْ فِيْهِ، فَهَلْ عَلَى ورَثَتِهَا شَيْءٌ ؟ 

 

الجَوَابُ/ لا يَلْزَمُ وَرَثَتَهَا شَيْءٌ، لأنَّهُ لَمْ يَأْتِ الوَقْتُ الذِي تُطَالَبُ فِيْهِ بِالقَضَاءِ، فَلا يَلْزَمُ الوَرَثَةَ شَيْءٌ، نَعَمْ هُنَاكَ حَدِيْثٌ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ  تَعَالى عَنْهَا- كَمَا جَاءَ في الصَّحِيحَينِ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ"[99] ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنَ القَضَاءِ ولَمْ يقْضِ بَعْدُ، واللهُ أعلَمُ[100].

 

{المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ}: التوسعُ في الصِّيَام عَنِ الغَيرِ وأَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ أمرٌ لمْ يَأْتِ بهِ دَلِيْلٌ لا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَلا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، ولمْ  يَكُنْ مَعْهُودًا عِنْدَ الرَّعِيْلِ الأَوَّلِ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ وذَلِكَ لأَنَّ الصِّيَامِ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ خَالِصَةٌ كالصَّلاةِ، فَلا يَسُوغُ -مِنْ حَيْثُ الأَصْلُ- أَنْ يَصُوْمَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، كمَا لا يَسُوغُ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَصِيَامُ أَحَدٍ عَنْ آخَرَ أَمْرٌ خَارِجٌ عنِ القِيَاسِ، فَلِِذَلِكَ يُقتَصَرُ بِهِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ السَّابِقُ وهُوَ صِيَامُ الوَليِّ عَنْ مُوَرِّثهِ فَقَطْ -كمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا-. 

 

يقُولُ البَدْرُ الخَلِيْلِيُّ -حَفِظَهُ اللهُ-: " لمْ أَجِدْ دَلِيلاً في السُّنَّةِ عِلَى جَوَازِ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى النِّيَابَةِ في الصِّيَامِ عَنِ الميِّتِ، وَإِنَّمَا تَرَخَّصَ في ذَلِكَ أَصْحَابُنَا مِنْ أَهْلِ المشْرِقِ، وَلا أَقْوَى عَلَى الأَخْذِ بهَذِهِ الرُّخْصَةِ؛ لِعَدَمِ الدَّلِيْلِ عَلَيْهَا، فَلِذَلِكَ لا أَرَى إِبَاحَةَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ وَلا لامْرَأَةٍ"[101]. 

 

وعَلَيْهِ فَمَنَ عَجَزَ عَنِ الصِّيَامِ في حَيَاتِهِ أَو أَوْصَى بِصِيَامٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلا يُؤَجَّر عَنْهُ بَلْ يَصُوْمُ عَنْهُ وَليُّهُ أوْ يَكتَفِي بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ عَنْ كُلِّ يَومٍ[102].

 

{تَنْبِيْهٌ}: ومَعْنى ذَلِكَ أَنَّ قَضَاءَ الصِّيَامِ لمنْ قَدَرَ عَلَيْهِ في حيَاتِهِ يُعَدُّ مِنْ دُيُونِ اللهِ تعَالى الَّتي يَنْبَغِي لِلوَرَثَةِ قَضَاؤُهَا عَنْ هَالِكِهِمْ بَعْدَ ممَاتِهِ  سَوَاءً أَوْصَى بِهِ الهَالِكُ أوْ لمْ يُوصِ، وَلا فَرْقَ بَينَ مَا كَانَ وَاجِبًا في المَالِ كَحُقُوقِ العِبَادِ أو مَا كَانَ وَاجِبًا في الذِّمَّةِ كقَضَاءِ الصِّيَامِ، فَكُلٌّ يجِبُ قَضَاؤُهُ، وكُلٌّ يُخْرَجُ مِنْ أَصْلِ المَالِ لا مِنَ الثُّلُثِ -عَلىَ القَوْلِ المُعْتمَد عِنْدَ الشَّيخَينِ[103]-. 

 

والدَّلِيْلُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ هُوَ الحَدِيْثُ الصَّحِيْحُ الصَّرِيْحُ: " فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ"[104] بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مَعَكَ مِنَ النَّصِّ النَّبَوِيِّ الشَّرِيْفِ:  " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ"[105] وَكَفَى بِهِ حُجَّةً ودَلِيْلاً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ الحَقَّ لِنَفْسِهِ مَنْهَجًا وَسَبِيْلاً، فَالزَمْ غَرْزَهُ وإِنْ عَزَّ في السَّلَفِ نَاصِرُهُ، وَ: 

 

 

حَسْبُكَ أنْ تَتَّبِعَ المُخْتَارَا *** وَإِنْ يَقُولُوا خَالَفَ الآثَارَا[106]

 

 

{قَاعِدَةٌ}: قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: مَنْ أَوْصَى بِصِيَامٍ جَازَ العُدُولُ عَنِ الصِّيَامِ إِلى الإِطْعَامِ، ومَنْ أَوْصَى بِإِطْعَامٍ لَمْ يَجُزِ العُدُولُ عَنِ الإِطْعَامِ إِلى الصِّيَامِ، والحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ[107].

 

-------------------------

 

[82] - الندوي، علي بن أحمد. القواعد الفقهية ص320- 322.

 

[83] - القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ:  26 ربيع الثاني 1428هـ، يوافقه 13/05/2007م.

 

[84] - مسلم، بَاب: قَضَاءِ الصِّيَامِ عَنْ الْمَيِّتِ، رقم الحديث 1936.

 

[85] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص334.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "أ" ص55.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص56.

 

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م، مذكرة خاصة ص26.

 

[86] - البخاري، بَاب: مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ، رقم الحديث 1814.

 

[87] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص334.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص255.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 رمضان 1424هـ، يوافقه 23/11/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

 

[88] - الجيطالي، إسماعيل بن موسى. قواعد الإسلام ج2 ص67.

 

[89] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص350، 351.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص275.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1422هـ، يوافقه 17/11/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:20 ربيع الثاني 1429هـ، يوافقه 27/04/2008م.

 

[90] - الغاربي، محمد بن راشد. حكم التتابع في قضاء شهر رمضان ص3- 13.

 

[91] - يلخص العلامة القنوبي -حفظه الله- وجهة نظره قائلا: " أمَّا ما استدل به القائلون بشرطِيَّة التتابع من:

 

*    الأحاديث التي تُروَى عن النبِي صلى الله عليه وسلم فإنَّ ذلك لَم يثبت عندي.

 

*    والقراءة الشاذَّة لا يُمكن الاحتجاج بِها في هذه القضية لأمرٍ يَطُولُ ذِكره.

 

*    والقياس الذي ذكرُوه ليس بصحيحٍ عندي". يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص201.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "ب" ص7.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص45.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 رمضان 1427هـ، يوافقه 22/10/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 26 ربيع الثاني 1428هـ، يوافقه 13/05/2007م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 شوال 1428هـ، يوافقه 28/10/2007م.

 

[92] - من رائية الصَّلاة لأبي نصر فتح بن نوح المغربي -رحمه الله-، مُلحقة بدعائم ابن النضر العُماني ص203.

 

[93] - الجيطالي، إسماعيل بن موسى. قواعد الإسلام ج2 ص108.

 

[94] - البُخاري، بَاب: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، رقم الحديث 1816.

 

[95] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1426هـ، يوافقه 19/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:30 شعبان 1427هـ، يوافقه 24/9 /2006م.

 

[96] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1422هـ، يوافقه 23/12/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1423هـ، يوافقه 22/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 9 شعبان 1424هـ، يوافقه 5/10/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

 

[97] - بناءً على القول باشتراط التتابع في القضاء، وهو الأحوط. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 23 جمادى الثانية 1423هـ - يوافقه 1/9/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الخامس ص17.

 

[98] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص323.

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج4 فتاوى: الوقف والوصية ص73.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص283.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 شوال 1424هـ، يوافقه 21/12/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1425هـ/ يوافقه 2004م. مذكرة خاصة ص16.

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص110.

 

[99] - البُخاري، بَاب: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، رقم الحديث 1816.

 

[100] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 23 رمضان 1425هـ، يوافقه 7/11/2004م.

 

[101] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص322، 328.

 

[102] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص222.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكَامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج4 فتاوى: الوقف والوصية ص73، 78، 79.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1421هـ، يوافقه 3/12/2000م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:10 شوال 1426هـ، يوافقه 13/11/2005م.

 

[103] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص286.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى الوصية والوقف ص22، 32، 126.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص282.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 11 رمضان 1426هـ، يوافقه 15/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 19 رمضان 1429هـ، يوافقه 20/9/2008م.

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "أ" ص66.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 13 شوال 1427هـ، يوافقه 5/11/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 21 رمضان 1429هـ، يوافقه 22/9/2008م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 ربيع الثاني 1429هـ، يوافقه 4/5/2008م.

 

المعولي، المُعْتمَدُ في فِقْهِ الكَفَّارَاتِ ص7.

 

[104] - مسلم، بَاب: قَضَاءِ الصِّيَامِ عَنْ الْمَيِّتِ، رقم الحديث 1936.

 

[105] - البُخاري، بَاب: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، رقم الحديث 1816.

 

[106] - السالمي، عبد الله بن حميد. جوهر النظام ج3 ص46.

 

[107] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص324.

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج4 فتاوى: الوقف والوصية ص76، ص204.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 25 محرم 1426هـ، يوافقه 6/3/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 جمادى الثانية 1425هـ، يوافقه 15/8/2004م.