قَالَ تَعَالى:{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّه ُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة: ١٨٥

 

 

تَقْرِيْرٌ

 

إنَّ مِنَ المتقرِّرِ لدَى جمِيعِ الأَسْوِيَاءِ أنَّ لِكُلِّ بِنَاءٍ قواعِدَ وأرْكَانًا، لا يَقُومُ بنَاءٌ مُرتَفِعٌ مَشِيدٌ بدُونها، وَهَذَا مَا قَرَّرَهُ مَفْهُومُ امْتِنَانِ الموْلى علَى عِبَادِهِ إذْ { رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } الرعد: ٢...

 

وإذَا كَانَ هَذَا ظَاهِرًا في البِنَاءِ الحِسِّيِّ، فمَا البِنَاءُ المعْنَوِيُّ عنهُ بِبَعِيدٍ، فهَذَا الدِّينُ لهُ أركَانٌ وهَذِهِ الأَركَانُ لهَا أَرْكَانٌ، وسَنعرِضُ في هَذَا البَابِ -بإذْنِ اللهِ- أَرْكَانَ أحَدِ هَذِهِ الأَرْكَانِ وهُوَ رُكْنُ الصَّوْمِ.. فنَقُولُ: إنَّ للصِّيامِ رُكْنَينِ أسَاسِيَّينِ، وهمَا: النِّيَّةُ والإِمْسَاكُ، فهاكَ تفصِيلَ مَا أجملنَاهُ..

 

 

الرُّكْنُ الأول/ النِّيَّةُ:

 

الصَّومُ عبَادةٌ غيرُ مَعقُولَةِ المعْنى، ومهمَا ظَهَرَ للنَّاسِ منْ حِكَمِهِ فَإِنَّ الغَايَاتِ القُصوَى مِنهُ لا يَعْلمُها إِلا الشَّارِعُ الَّذِي قَضَى وكَتَبَ، وفَرَضَ وأوْجَبَ؛ رحمةً بالعبادِ، وتخفيفًا عَليْهمْ، وشفقَةً بهمْ؛ لأنَّهُ العَالِمُ بما يُصلِحُ نفوسَهمْ ويُقِيْمُ أَجسَامَهمْ ظَاهِرًا وبَاطِنًا } أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } الملك: ١٤ .

 

ومِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَانَ الصَّوْمُ معْدُودًا مِنَ العِبَادَاتِ الَّتي لا تُعقَلُ معَانِيهَا، فَوَجَبَ فيهِ اسْتحْضَارُ نيَّةِ العَمَلِ قَبلَ الشُّرُوعِ فيْهِ، وهَذَا هوَ المُعْتَمَدُ عندَ جمهورِ الأُمَّةِ، وبِلا شَكٍّ هُوَ المُعْتَمَدُ -أيضًا- عندَ العلاَّمَتَينِ الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ -حفظهمُ اللهُ-[1]؛ ويؤيِّدُهُ قَولُهُ تَعَالى:{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } البينة: ٥.

 

يقُولُ العَلاَّمةُ القَنُّوبيُّ -عافَاهُ الموْلى-: "ولا صَومَ إلا بنيَّةٍ كمَا هُوَ مَذْهَبُ الأصْحَابِ وجمهُورِ الأُمَّةِ، وهُوَ الصَّوابُ الذِي تَدُلُّ عَلَيهِ الأحَادِيثُ النَّبويَّةُ، مثلُ: "إِنما الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ"، وغَيرِهِ مِنَ الأدِلَّةِ الدَّالةِ عَلَى وُجُوبِ النِّيةِ في كُلِّ عَمَلٍ مِنَ الأَعمَالِ غيرِ مَعقُولَةِ المعْنى، وأمَّا مَعقُولَةُ المعْنى فاخْتَلَفُوا في النِّيةِ، والمشْهُورُ مَعَهُمْ أنَّ النِّيةَ فَضِيلَةٌ لا وَاجِبَةٌ، وهُوَ الحَقُّ"[2].

 

صِفَةُ النِّيَّةِ: فعَلى مُرِيدِ الصِّيَامِ أنْ يَنوِيَ بإمسَاكِهِ عِبَادَةَ الصِّيَامِ، وإِلا لم يجْزِئْهُ إمْسَاكُهُ مهْمَا طَالَ، وإِنِ اسْتغْرَقَ النَّهَارَ كلَّهُ؛ لأَنَّ صِحَّةَ الأَعمَالِ وقَبُولَهَا مَرهُونَةٌ بنيَّاتها، كمَا دَلَّ عَلَيهِ الحَدِيثُ الصَّحِيحُ " إِنما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"[3]، أَيْ إِنَّما صِحَّةُ الأَعمَالِ بالنِّيَّاتِ.

 

ولا يكْفِي أنْ ينْوِيَ العَبدُ مطْلَقَ الصِّيَامِ فَقَطْ بلْ لا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ نَوعِ وحُكْمِ الصِّيَامِ الذِي يَرومُهُ فرضًا أو نفْلاً، فيَسْتَحْضِرَ صِيَامَهُ أنَّهُ فَرضُ رَمَضَانَ مثلاً، أو واجِبُ الكفَّارَةِ، أو سُنَّةُ أيَّامِ البِيْضِ...كما يُعَيِّنُ فرْضَ الظُّهرِ، وسُنَّةَ المغْرِبِ، والعِلمُ عندَ اللهِ.

 

 

فَصْلٌ

 

في تَنبِيهَاتٍ مُتعَلِّقَةٍ بِرُكْنِ النِّيَّةِ

 

{التَّنْبِيهُ الأَوَّلُ}: النيةُ المعتَدُّ بها في صِحَّةِ الصِّيَامِ هيَ التي تكُونُ قَبْلَ الشُّرُوعِ في الإِمْسَاكِ، أيْ قبلَ دُخُولِ الفَجرِ الصَّادِقِ ولوْ بثَوَانٍ، سَواءً كانَ ذلكَ في صَومِ الفَرضِ أو في صَومِ النَّفْلِ، لا فَرقَ  بينَهُما؛ لعُمُومِ حَدِيثِ: " مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلا صِيَامَ لَهُ"[4]، وعَلَى ذَلكَ فَلا يَصِحُّ للإِنسَانِ أنْ يَعزِمَ علَى الصِّيَامِ بعدَ دُخولِ الفجْرِ الصَّادِقِ لكَونِهِ لمْ يَأكُلْ ولمْ يَشْرَبْ قبْلُ فيَقُول: إِني صَائِمٌ[5].

 

{التَّنْبِيهُ الثَّاني}: النِّيَّةُ لا بُدَّ مِنِ اسْتحضَارِهَا عندَ الشُّرُوعِ في الأَعمَالِ والعبَادَاتِ غيرِ معقولَةِ المعْنى كَالصَّلاةِ لا بُدَّ مِنِ استِحضَارِ نيَّتِها عندَ  الدُّخولِ فيهَا أيْ: عندَ تكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ، إِلا الصِّيَامَ فإِنَّهُ  يَكْفِي أنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُبَيَّتَةً ومَوْجُودَةً مِنَ اللَّيلِ أو عندَ الإِفطَارِ ولا يُشتَرَطُ استِحْضَارُها لحْظةَ الشُّرُوعِ في الصِّيَامِ أيْ: عندَ طُلوعِ الفَجرِ الصَّادِقِ؛ لأَنَّ صَاحِبَهُ قدْ يَكُونُ نَائِمًا عنْدَ طُلوعِ الفَجْرِ والوُلُوجِ في العِبَادَةِ، وإِلا لَزِمَ كُلَّ أحَدٍ أنْ يَكُونَ مُسْتَيقِظًا في ذلكَ الوَقتِ حَتى يَنْوِيَ الصِّيَامَ، وهَذَا مِنَ التَّيسِيرِ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ، ومِصْدَاقُهُ في كِتَابِ اللهِ قَولُهُ تَبَارَك وتَعَالى:{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } البقرة: ١٨٥[6].

 

{التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ}: النِّيَّةُ المُعتَبرَةُ في الصِّيَامِ وجمِيعِ العِبَادَاتِ هيَ النِّيَّةُ الجَازِمَةُ بالصِّيَامِ، بِأَنْ يُصْبِحَ المرءُ صائِمًا، ولذَا لا يُعتدُّ بنيَّةِ المتَرَدِّدِ والشَّاكِّ، كَأنْ يَنوِيَ صِيَامَ يومِ الشَّكِّ عَلَى أنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فهُوَ صَائِمٌ لرَمَضَانَ، وإِنْ كَانَ مِنْ غيرِ رَمَضَانَ فهُوَ صَائِمٌ احْتِيَاطًا.

 

يَقُولُ سماحَتُهُ -حَفِظَهُ اللهُ- في الفَتَاوَى: " عَلَى أنَّ الصِّيَامَ عِبَادَةٌ تتَوقَّفُ عَلَى النِّيةِ الجَازِمَةِ، لا عَلَى النِّيَّةِ التي يَترَدَّدُ فِيهَا، فَلا يَكْتَفِي بِصِيَامِهِ لوْ أَصْبَحَ عَلَى ِنيَّةِ الصِّيَامِ"[7].

 

{التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ}: بما أنَّ الصِّيَامَ عِبَادةٌ غَيرُ مَعقُولَةِ المعْنى فَلا بُدَّ مِنْ إفْرادِ وفَرْزِ كُلِّ صِيَامٍ بنيَّةٍ مُستَقِلَّةٍ وإمْسَاكٍ مسْتقِلٍّ، وَلا يجزِئُ المرءَ أنْ يَنوِيَ بإمسَاكِهِ صِيَامَينِ اثنَينِ، كأَنْ يَنويَ بإِمسَاكِهِ ذَلِكَ صيَامَ السِّتةِ منْ شَوالٍ معَ قَضَاءِ مَا عَلَيهِ مِنْ رَمَضَانَ، واللهُ أعلمُ[8]. 

 

{التَّنْبِيْهُ الخَامِسُ}: لا شَكَّ أنَّكَ تُدرِكُ -أخِي القَارِئَ- أنَّ النيَّةَ المُرَادَةَ في الصِّيَامِ وفي غَيرِهِ مِنَ الأَعْمَالِ هيَ قَصْدُ القَلْبِ وعَزمُ الجَوَارِحِ عَلَى أدَاءِ الفِعْلِ، ومعْنَى ذلِكَ أَنَّ النِّيةَ محلُّهَا القَلبُ، أمَّا  التَّلفُّظَاتُ بالنِّيَّاتِ في العِبَادَاتِ فَلا أَصْلَ لها في الكِتَابِ ولا في سُنَّةِ المصْطَفَى الأَوَّابِ، ولا عَنِ التَّابِعِينَ وَالأَصْحَابِ، وهُوَ صلى الله عليه وسلم الأُسْوَةُ وكَفَى بِهِ أسْوَةً لِمَنْ أرادَ عِندَ رَبِّهُ الحُظْوَةَ؛ قَالَ تَعَالى:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } الأحزاب: ٢١[9].

 

ومِنْ أحْسَنِ مَا قِيلَ في هَذَا مَا قَرَّرَهُ البَصِيرُ صَاحِبُ البَصِيرَةِ السَّالميُّ[10] -رَحِمَهُ اللهُ- في قَولِهِ:

 

 

حَسْبُكَ أنْ تَتَّبِعَ المُخْتَارَا *** وَإِنْ يَقُولُوا خَالَفَ الآثَارَا[11]

 

 

ويقُولُ -رَحِمَهُ اللهُ- في مَوضِعٍ آخَرَ:

 

 

لأَنَّمَا النِّيَّةُ بِالفُؤَادِ *** لا  بِالتَّلفُّظَاتِ والتعْدَادِ[12]

 

 

ويقُولُ في مَوضِعٍ ثَالِثٍ:

 

 

وَهِيَّ بالقَلْبِ وباللِّسَانِ *** في قولِ بعضِ النَّاسِ مِنْ عُمَانِ

وأهلُ نَزْوَى عِنْدَهمْ بالقَلْبِ *** وَهْوَ الذِي مَالَ إِليْهِ قَلْبِي[13]

 

 

ومِنَ المعْلُومِ بَينَ عَوَامِّ النَّاسِ أنْفُسِهمْ أنَّهُ لوْ قَالَ أحَدٌ لصَاحبِهِ: "كُنْتُ نَوَيْتُ بالأَمْسِ زيَارتَكَ" لمْ يكُنْ مَعنَى ذَلكَ أنَّهُ ردَّدَ ألفَاظًا مُعيَّنةً تُفِيدُ  هَذَا المقْصِدَ، وإنَّمَا هوَ قصْدُ القَلْبِ فَقَطْ لفِعْلِ ذَلكَ العَمَلِ، فحَصَلَتْ بذَلِكَ النِّيةُ، يقُولُ شَيخُنَا الخَلِيْلِيُّ -أبقَاهُ اللهُ-: " ..هَذَا كلُّهُ يَدلُّنَا عَلَى أَنَّ التَّلفُّظَ باللِّسَانِ لا أَثَرَ لَهُ في النِّيةِ ولا قِيمَةَ لَهُ، إنَّمَا النِّيةُ هِيَ القَصْدُ بِالقَلبِ"[14].

 

{فَائِدَةٌ}: ذَكَرَ بعْضُ العُلمَاءِ بِأَنَّ اللهَ تعَالى لوْ كَلَّفَ النَّاسَ بِعمَلٍ مِنَ الأعْمَالِ بِدُون نِيَّةٍ لَكَانَ ذلكَ مِنَ التَّكْليفِ بِمَا لا يُطَاقُ؛ لأنَّ كُلَّ مُقْدِمٍ عَلَى عَمَلٍ لا بُدَّ لَهُ مِنْ إرَادَةٍ دَاخِلِيَّةٍ هِيَ المُعَبَّرُ عنْهَا بِالنِّيَّةِ القَلبِيَّةِ. 

 

وبذَا تُدْرِكُ -أيُّها الدَّاعِي إِلى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ- أنَّ أَمْرَ النِّيَّاتِ مِنْ أسْهَلِ الأُمُورِ بِخلافِ مَا يظُنُّه كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَذِكْرُهُ هُنَا مِنْ أَجْلِ تَقْرِيرِهِ، وإِلا فَهُوَ تحصِيلُ حَاصِلٍ عندَ كُلِّ عَامِلٍ، وهَذَا خَلْقُ اللَّهِ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ[15]. 

 

 

الرُّكْنُ الثَّانِي/ الإِمْسَاكُ عَنِ المُفطِّرَاتِ:

 

أَجمَعَ العُلمَاءُ مِنْ جمِيعِ الأمْصَارِ والأَعْصَارِ عَلَى أنَّ الإِمْسَاكَ عنِ المُفطِّرَاتِ زمَانَ الصَّومِ رُكنٌ لا بُدَّ منهُ لتَمَامِ الصِّيَامِ، ولا بدَّ منَ الإجمَاعِ في هَذِهِ المسْأَلةِ؛ لأنهُ جاءَ بهَا النَّصُّ القَطعِيُّ في ثبوتِهِ  ودلالتِهِ، وهوَ قَولُ اللهِ سبحانه وتعالى:{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ } -إلى قوله-  } وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } البقرة: ١٨٧ فهَاكَ تفصِيلَها بِإِيضَاحٍ وتِبيَان:

 

------------------------

 

[1] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص 321.

 

القنُّوْبيُّ، قُرة العيْنيْن ص37.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص96.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2003ممذكرة خاصة ص16.

 

[2] - زيادة "وهُوَ الحَقُّ" أضافها الشيخ بقلمه بعد المراجعة ولا توجد في أصل الاقتباس، فلينتبه. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص96.

 

القنُّوْبيُّ، جلسة المراجعة بمكتب فضيلته بتاريخ: 22 ذي الحجة1430هـ ـ 8 /12/2009م.

 

[3] - الربيع، باب: في النية، رقم الحديث 1. والبخاري، باب: بدء الوحي، رقم الحديث 1.

 

[4] - النسائي، باب: ذِكْرُ اخْتِلافِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ حَفْصَةَ فِي ذَلِكَ، رقم الحديث 2294.

 

وروته السيدة حفصة رضي الله عنها بلفظ "مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلا يَصُوْمُ"، وهو حديث صحيح رواه جمع من الأئمة، وقد اختلف العلماء في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو وقفه على السيدة حفصة لكونه ورد بالصيغتين، يقول صاحب قاموس الصوم: "..ثم كُتِبَ لي الاتصال بالحافظ العلامة المحدث سعيد بن مبروك القنوبي -حفظه الله تعالى ورعاه- يوم الخميس من تاريخ 12/ يوليو/ 2005م وأنا بالجزيرة الخضراء وسألته عن الحديث فأجابني قائلا: " الظاهر أن الحديث موقوف"، وعلى العموم ففي المسند المرفوع الصحيح الغنية لأنه هو الذي تقوم به الحجة.. يقول الإمام السالمي -رَحِمَهُ اللهُ-:

 

 

وليس بالمقطوع والموقوف *** تقوم حجة ولا الضعيف

 

 

يُنظر:

 

السالمي، طلعة الشمس ج2 ص49.

 

الطيواني، قاموس الصلاة ص30.

 

[5] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص 321.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص97 .

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص54.

[6] - القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص21.

 

[7] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص315- 316.

 

[8] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص352.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 13 ربيع الثاني 1426هـ، يوافقه 22/5/2005م.

[9] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1430هـ، يوافقه 25/ 8/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1429هـ، يوافقه 5/9 /2008م.

 

الصوافي، إبراهيم بن ناصر. كلُّ ما يهمك عن رمضان. "مادة سمعية مطبوعة" ص26.

 

[10] - نعم هو صاحب البصر والبصيرة وإن كان لا يرى بعينيه كما قال عن نفسه "وأَنَا البَصِيرُ وإِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّني أَعْمَى أَدُب"؛ }فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } الحج: ٤٦.

 

[11] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال في نظم مختصر الخصال ص70.

 

[12] - السَّالِمِي، عبد الله بن حميد. جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام ج1 ص 89.

 

[13] - السَّالِمِي، عبد الله بن حميد. جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام ج4 ص292.

 

[14] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص242.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:10 رمضان 1422هـ، يوافقه 26/11/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 30 شعبان 1423هـ، يوافقه 6/11/2002م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 30 شعبان 1424هـ، يوافقه 26/10/2003م.

 

[15]- يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1430هـ، يوافقه 23/ 8 / 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 28/9/2006م.

 

[16] - تكرار الفعل بعد كلام فاصل هو ما يعرف عند أهل اللغة بـ"التغلب على طول الفصل"، وهو من المباحث التي تدرج تحت باب الإطناب، وتكرار الفعل "أنزل" في الأعلى هو من هذا الباب، و"للتغلب على طول الفصل" شواهد من الكتاب ومن لغة العرب. يُنظر:

 

الهاشمي، أحمد بن إبراهيم. جواهر البلاغة ص209.

--------------------------------------------

فَصْلٌ في بِدَايَةِ وَقْتِ الإِمسَاكِ

 

تَفَقَّهْ -أخِي، أُعِنْتَ علَى الصِّيَامِ والقيَامِ- أنَّ بدَايةَ يَومِ الصِّيَامِ الإمسَاكِ أوَّلَ ما فُرِضَ كَانَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاءِ، فَإِذَا مَا صَلَّى المرْءُ العِشَاءَ أوْ نَامَ قبْلَهَا حَرُمَ علَيهِ الأَكْلُ والشُّربُ، ووَجَبَ في حَقِّهِ الإِمْسَاكُ.

 

فَجَاءَ صَاحِبُ البركَاتِ والموَافَقَاتِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بعْدَ المغْرِبِ فَأَرَادَ امْرَأَتَهُ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ نِمْتُ، فَظَنَّ أَنَّهَا تتعَلَّلُ فَقَطْ، فَوَاقَعَها.. وجَاءَ رَجُلٌ آخرُ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَرَادَ الطَّعَامَ فَقَالُوا لَهُ: انتَظِرْ  حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا فَنَامَ فأصْبَحَ مُواصِلاً صِيَامَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا أنزَلَ اللهُ -تَيسِيرًا لِلأُمَّةِ المرْحُومَةِ، ورَفْعًا لِلْحرَجِ عَنْهَا- أَنْزَلَ[16] قولَهُ تَعَالى:{... فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ }  البقرة: ١٨٧[17]. 

 

فصَارَ الإِمْسَاكُ لِلصِّيامِ بعْدَ ذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ الفَجرِ الصَّادقِ.. وهنَا عِنْدِي لَكَ تَنْبِيْهٌ... 

 

[تَنْبِيْهٌ]

 

الفجرُ فجْرانِ، فجرٌ كاذبٌ وفجرٌ صَادِقٌ، فَالفَجْرُ الكاذبُ: هوَ الذي يطلعُ مستطيلاً متجهًا إلى الأعلى في وسَطِ السَّماءِ، ثم تعقبُهُ ظُلْمةٌ، ويقابِلُهُ الفَجْرُ الصَّادِقُ: وهوَ البياضُ المنتشرُ ضَوْؤُهُ مُعْتَرِضًا في الأفُقِ، والأوَّلُ: لا يَتَعَلَّقُ بهِ شيءٌ منَ الأحكامِ، فحكمُه حكمُ الليلِ، والثَاني: هوَ الذي تتعلقُ بهِ الأحكامُ الشَّرعيةُ كلُّها مِنْ بدءِ الصَّوْم، ودخولِ وقتِ الصبحِ، وانتهاءِ وقتِ الوِتْرِ[18]، وهنا عندي لك لطيفة...

 

[لَطِيْفَةٌ]

 

رُوِيَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أنهُ اخْتَلَفَ عَبْدَاهُ في طُلُوعِ الفَجْرِ وعَدَمِهِ، فَاسْتَمَرَّ ابْنُ عبَّاسٍ في أَكْلِهِ، وقَالَ لهمَا: "عِنْدَمَا تَتَّفِقَانِ فَأخْبرَاني"، وهَذَا يُؤَكِّدُ مَا سَنُنَبِّهُ علَيهِ حَولَ "الإِمْسَاكِيَّاتِ" قَرِيبًا -بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى-[19]. 

 

 

فَصْلٌ في نهَايَةِ وَقْتِ الإِمْسَاكِ

 

لا يخفَى عَلَى مُسْلِمٍ وَفِيٍّ أنَّ يَومَ الصِّيَامِ الإمسَاك ينتَهِي بِتَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمسِ، وهُوَ أوَّلُ اللَّيلِ؛ والدَّلِيلُ مِنَ الكِتَابِ قَولُهُ تَعَالى:{ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ }  البقرة: ١٨٧، ومِنْ سُنَّةِ النَّبيِّ الأوَّابِ  قولُهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ"[20]، أيْ سواءً أَكَلَ أو لمْ يَأكُلْ.

 

وتحقُّقُ غُرُوبِ الشَّمسِ لا يَكُونُ إِلا باكْتِمَالِ سُقُوطِ قُرْصِهَا في الأُفُقِ الغَرْبيِّ؛ وَلِذَا فَلا عِبرَةَ بما قَدْ يحْجُبُها قَبلَ الغُرُوبِ مِنْ مُرتَفَعَاتِ الجِبَالِ،  ومَشِيدَاتِ البِنَاءِ، وكَثِيفَاتِ السُّحُبِ، ويَكُونُ الصَّائِمُ بِالغُرُوبِ قدْ أفْطَرَ وأَتمَّ يَومَ صَومِهِ فَلا يُلْهِيهِ الاسْتِبَاقُ لِكَثْرةِ الأَكْلِ والشُّرْبِ عَنِ الاسْتِبَاقِ لِلْقيَامِ بالذِّكْرِ والشُّكْرِ[21]. 

 

{تَنْبِيْهٌ}: وفي الجَانِبِ المُقَابِلِ لا يَنبَغِي لِلأَئِمَّةِ والمؤَذِّنِينَ مُعَاجَلَةُ المصَلِّينَ باِلإِقَامةِ بعدَ الأذَانِ، وهَذَا أَمرٌ ينبَّهُ عَلَيهِ أكثرَ بينَ أذَانِ المغْرِبِ وإقاَمَتِهِ لا سِيَّمَا في شَهْرِ رَمَضَانَ عِندَ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِسُنَّةِ  "تعْجِيلِ الإِفْطَارِ"، فمِنَ الأخْطَاءِ مَا يَفعلُهُ بعْضُ النَّاسِ مِن الإِقَامةِ بعْدَ أذَانِ المغْربِ مبَاشَرةً بحُجَّةِ ضِيقِ وقْتِ صَلاةِ المغْربِ المبَالَغِ فِيهِ، بحَيْثُ لا يتَمَكَّنُ مَنْ سَمِعَ النِّداءَ أنْ يُفطِرَ في بَيتِهِ ويلْحَقَ بالجمَاعَةِ إلا وهُمْ في الصَّلاةِ، والحقِيقَةُ أنَّ وَقتَ المغرِبِ مَا لم يَدْخُلْ وقْتُ صَلاةِ العِشَاءِ[22].

 

وفي فَتْوَى لسَماحَةِ شَيخِنَا الخَلِيْلِيِّ -متعَنا الله بحيَاتِهِ- حَولَ الانتِظَارِ بَينَ أذَانِ المغْرِبِ وإقَامَتِهِ في رَمَضَانَ أجَابَ سماحتُهُ : " في شهر رَمَضَانَ علَى الإمَامِ أنْ يَتَحَرَّى الزَّمَنَ، وأنْ يَنظُرَ إلى الظَّرْفِ الذِي يَتَّسِعُ لجمَاعَةِ المسْجِدِ أنْ يُفطِرُوا، وألاّ يُعْجِلَهُم عَنْ إفْطَارِهِمْ.. هَكَذَا يَنبَغِي لهُ أنْ يَبقَى بعْضَ الدَّقَائِقِ في انتظَارِهِمْ حَتى يَتَمَكَّنُوا مِنْ قَضَاءِ وَطَرِهِم مِنَ الإفطارِ.. حَتى ولوِ امْتَدَّتْ إِلى عَشْرِ دَقَاِئقَ"[23].

 

بَلْ يُوسِّعُ شيخُنا القَنُّوبيُّ -رعَاهُ اللهُ- أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ: " وينْبَغِي لإِمَامِ المسْجِدِ أنْ يُراعِيَ النَّاسَ، فَلا بَأْسَ مِنْ أنْ يتَأَخَّرَ -مثَلاً- عَشْرَ دقَائِقَ أوْ رُبعَ سَاعَةٍ أو أكْثَرَ مِنْ ذلكَ بِقَلِيلٍ مُراعَاةً لِلنَّاسِ.. كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ يَظُنُّونَ أنَّ وقْتَ المغْرِبِ مُضَيَّقٌ جِدًّا بلْ قدْ قَالَ بِذلكَ بَعْضُ أهلِ العِلْمِ وَلَكِنَّ الصَّوابَ بِخِلافَ ذَلكَ، واللهُ -تبَارَكَ وتعَالى- أعْلَمُ"[24].

 

 

قدْ آنَ لِلصَّائِمِ وَقْتُ فِطْرِهِ *** لَطَالما أَرْمَضَ بِالصَّوْمِ الحَشَا[25]

 

 

[لَطِيْفَةٌ]

 

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ } البقرة: ١٨٧ عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَمْ يَسْتَبِينَا لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَضَحِكَ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ"[26].

 

 

فَصْلٌ

 

في تَنْبِيهَاتٍ وَمَسَائِلَ مُتعلِّقَةٍ بِرُكْنِ الإِمْسَاكِ

 

{المَسْأَلَةُ الأُوْلى}: يَخرُجُ بِقَيدِ "الإِمْسَاكِ" في تَعْرِيفِ الصِّيَامِ مَا لا يمكِنُ الاحْتِرَازُ مِنهُ ممَّا قدْ يَلِجُ إلى الجَوفِ مِنْ غَيرِ قَصْدٍ، كَمَا لوْ دَخَلَتْ  ذُبابَةٌ في الحَلقِ، أو وَصَلَ غُبارٌ أو دَمٌ إِلى الجَوفِ بِغَيرِ اخْتِيارٍ، فهذا معفوٌّ عنهُ في الشَّرْعِ ولا يَنقُضُ الصِّيَامَ، عَمَلاً بالقَاعِدَةِ الفِقْهِيَّةِ " الشَّيءُ إذَا ضَاقَ اتَّسَع"، وصدَقَ القَائِلُ:{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } الحج: ٧٨[27].

 

{المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ}: المعتَبرُ في الإِمسَاكِ وَالإِفطَارِ هوَ نفسُ طلوعِ الفَجرِ وغُروبِ الشَّمسِ بنصِّ الكِتَابِ العَزيزِ، وَليستِ العِبرةُ بالأذانِ؛ لأنَّ  الأذَانَ مجرَّدُ علامةٍ عَلَى دُخُولِ الوَقْتِ، وَقدْ يتقدَّمُ عَلَى الوَقتِ وقَدْ يتأَخَّرُ[28].

 

إلا إذَا كَانَ المؤَذِّنُ أمِينًا ومُلتَزِمًا بِالأَذَانِ في الوَقْتِ المحدَّدِ للطُّلُوعِ والغُرُوبِ فيُمْكِنُ أن يُعتَمَدَ عَلَى أذَانِهِ صِيَامًا وإِفْطَارًا؛ كمَا ثَبَتَ في السُّنةِ أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إذَا سمعْتُم بِلالاً فَكُلُوا، وإِذَا سمِعْتُمُ ابنَ أمِّ مَكْتُومٍ فَكُفُّوا"[29]، وَفي بعْضِ الرِّوَايَاتِ زيَادةٌ "وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلا أَعْمَى لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ أَصْبَحْتَ"[30].

 

{المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ}: كما تقَدَّمَ معَكَ -عَزِيزِي القَارِئَ- أنَّ المُعْتَبرَ في الصِّيَامِ هُوَ طُلُوعُ الفَجْرِ الصَّادِقِ، أمَّا تِلْكَ الإِمْسَاكِيَّةُ التي تُقَدَّمُ قبلَ الفَجرِ بِعَشْرِ دَقَائِقَ تَقريبًا فَلَيْسَتْ هِيَ إلا مِنْ بَابِ  الاحْتيَاطِ، وإلا فَلا حَرَجَ أنْ يُمْسِكَ الصَّائِمُ عندَ طُلوعِ الفَجرِ أو بِأَذَانِ الأَمِينِ كما قَالَ الحَبِيبُ صلى الله عليه وسلم: "..وإذا سَمِعْتُمُ ابْنَ أمِّ مَكْتُومٍ فَكُفُّوا"[31].

 

يقُولُ شَيخُنا أبو عَبْدِ الرَّحمنِ القَنُّوبيُّ -وفَّقهُ اللهُ-: " والمُعْتمَدُ عَلَيهِ هُوَ طُلوعُ الفَجرِ.. أمَّا تِلْكَ الإمسَاكِيَّةُ التي قَبْلَ عَشرِ دَقَائِقَ، التي تُوضَعُ في التَّقَاوِيمِ فلا يَجِبُ عَلى الإِنْسَانِ أنْ يَعْتَبِر بِهَا..ول ا أصْلَ لِذَلِكَ في سُنّةِ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-"[32].

 

{المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ}: مما تقدَّمَ تُدْرِكُ -أيُّها الدَّرَّاكَةُ الخَبيرُ- أنَّهُ يجِبُ الإِمْسَاكُ الفَوْرِيُّ عَلَى مَن سمعَ أذَانَ الفَجرِ في وَقْتِهِ الشَّرعِيِّ، ولا يَصِحُّ لهُ أنْ يَرفَعَ مَا في كَفِّهِ أو يَبلَعَ مَا في فِيْهِ فضْلاً عَنْ أنْ يُواصِلَ مَطعَمَهُ ومَشْرَبَهُ حَتى يَنتَهِيَ المؤذِّنُ كمَا يَفْعَلُ بعْضُ الجَهَلَةِ، والعِيَاذُ باللهِ مِنَ الجَهْلِ. 

 

أمَّا مَا يُروَى منْسُوبًا إِلى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: " إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْه"[33]، فلا يُمْكِنُ  أنْ يَثبُتَ بَلْ حَقُّهُ الرَّدُّ لمعَارَضَتِهِ القَطْعِيَّ مِنَ الكِتَابِ العَزِيزِ { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }  البقرة: ١٨٧ فقدْ نَاطَتِ الآيةُ الكَرِيمةُ الأَكلَ والشُّربَ بِأمْرٍ ظَاهِرٍ مُنضَبِطٍ، وهوَ تَبَيُّنُ الفَجرِ، فَلا يَسُوغُ الأَكْلُ والشُّربُ مَعَ تَبَيُّنِهِ وبُزُوغِهِ، وأنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الصَّحَابةَ رضي الله عنهم قدْ رَدُّوا كَثِيرًا مِنَ الرِّواياتِ الَّتي رَوَاهَا مَن رَواها مِنَ الصَّحابَةِ أنفسِهمْ عِندَما شَمُّوا مِنْهَا رَائِحَةَ مُخَالَفَةِ القُرآنِ الكَرِيمِ[34]. 

 

هَذَا إِضَافةً إلى مَا تقَدَّمَ لدَيكَ مِنْ أَمرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالكَفِّ إذَا سُمِعَ النِّدَاءُ " وإذَا سمِعْتُمُ ابْنَ أمِّ مُكتُومٍ فَكفُّوا"[35]، فأَضِفْ هَذَا إِلى ذَاكَ تَنَلْ رُشْدَكَ وهُدَاكَ[36]. 

 

{المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ}: مَن أَكَلَ أو شَرِبَ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ ظَنًّا مِنهُ أنَّ الفَجرَ لمْ يَطلُعْ بعدُ فَلا إِثم عَلَيهِ باتِّفَاقِ الجَمِيعِ، واخْتَلفُوا في وُجُوبِ القَضَاءِ عَلَيهِ، والأَرْجَحُ عِندَ شَيخِنا الخَلِيْلِيِّ -حفظه الله- عَدَمُ الوُجُوبِ. 

 

والدَّلِيلُ علَى هَذَا الرَّأيِ هُوَ اسْتِصْحَابُ الأَصْلِ السَّابِقِ، وهُوَ بقَاءُ اللَّيلِ، وإِنْ كَانَ في الإِعَادَةِ احْتِيَاطٌ وبُعْدٌ عَنِ الخِلافِ، يَقُولُ العَلاَّمَةُ  الخَلِيْلِيُّ: " وَالإِعَادةُ أَحْوَطُ، وعَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ أرْجَحُ"،  ويقُولُ في مَوضِعٍ آخَرَ: " ورَأْيُ الفَرِيقِ الأوَّلِ أقوَى حُجَّةً، ورَأْيُ الفَريقِ الثَّاني أَحْوَطُ"[37]. 

 

{المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ}: مَن أفْطَرَ بِأَكْلٍ أو شُرْبٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وهُوَ يَظُنُّ أنَّ الشَّمسَ قَدْ غَرَبَتْ وهِيَ لمْ تَغْرُبْ بعدُ فعَلَيهِ القَضَاءُ؛ اسْتِصْحَابًا للأَصْلِ السَّابِقِ، وهُوَ بقَاءُ النَّهَارِ واسْتِمْرَارُ الصِّيَامِ، وهَذِهِ المسْألَةُ نَظِيرَةٌ للمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ في دَلِيلِهَا الأُصُوليِّ، واللهُ أعلمُ[38]. 

 

{المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ}: التَّعَبُّدُ بِالصِّيَامِ نِيْطَ بِالمَكَانِ الذِي يُوجَدُ فِيهِ الإِنْسَانُ، كَمَا تقَدَّمَ مَعَكَ في ثُبُوتِ الشَّهْرِ ومثلُهُ يُقَالُ في صِيَامِ اليَومِ، فلوْ  انتَقلَ الإنسَانُ أوْ سَافَرَ مِن مَكَانٍ لآخَرَ في يَومِ صِيَامِهِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ حَسَبَ تَوقِيتِ البَلَدِ الَّتي انتقَلَ إلَيهَا إِنْ كَانَ هنَالِكَ فَارِقٌ زَمَنيٌّ في غُرُوبِ الشَّمسِ؛ فالمُسْلِمُ مخَاطَبٌ بِالصِّيَامِ والإِفطَارِ بحسَبِ المكَانِ الذِي هُوَ فِيْهِ[39]. 

 

يَقُولُ سماحَةُ بَدْرِ الدِّينِ الخَلِيْلِيُّ -بَارَكَ اللهُ فيهِ، ومتَّعَنَا بحيَاتِهِ-: " فَالأَصْلُ إذًا في الصَّوْمِ أنْ يَبدَأَ بانشِقَاقِ الفَجْرِ إِلى غُرُوبِ الشَّمْسِ في البَلدِ الذِي فيهِ الإِنسَانُ الصَّائِمُ لا في بَلَدٍ آخَرَ، لأَنَّ اللَّيلَ  والنَّهارَ يتعَاقَبَانِ عَلَى الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ باسْتِمْرَارٍ، فهُمَا يَلُفَّانِ علَيْها، وَلا يُمكِنُ أنْ تَمُرَّ لَحظَةٌ إِلا وفِيهَا جُزْءٌ مِنَ اللَّيلِ أو جُزْءٌ مِنَ النَّهَارِ في بُقْعَةٍ مِنْ بقَاعِ هَذِهِ الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ"، هَذَا.. } وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ } الأحزاب: ٤[40]. 

 

{المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ}: الإِمسَاكُ والإِفْطَارُ لرَاكِبِ الطَّائِرَةِ يكُونُ بحسَبِ طُلُوعِ الفَجْرِ وغُرُوبِ الشَّمْسِ في الطَّائِرَةِ لا حَسَبَ طُلوعِ الفَجْرِ وغُرُوبِ الشَّمْسِ في الأَرْضِ الَّتي أَسْفَلَ الطَّائِرَةِ، وإذَا سَأَلْتَ عَنْ ذَلِكَ أَهْلَ الملاحَةِ الجَوِّيَّةِ فقَدْ سَقَطْتَ علَى خَبِيرٍ، وَلنْ تُعْدَمَ حِينَهَا جَوَابًا وَسَدَادًا[41].

 

{المَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ}: الأَصْلُ في الصِّيَامِ أنْ يَكُونَ جمِيْعَ النَّهَارِ؛ لِقَولِهِ  تَعَالى:{ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } البقرة: ١٨٧، ويُسْتَثْنى مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا بَلَغَ طُولُ النَّهَارِ وقِصَرُ اللَّيْلِ حَدًّا لا يمكِنُ أنْ يُطَاقَ مَعَهُ الصِّيَامُ، كَمَا هُوَ الوَاقِعُ في بَعْضِ دُوَلِ أُوُرُوبَّا الشَّمَاليَّةِ، إذ يَمتَدُّ النَّهَارُ لسَاعَاتٍ طَوِيلَةٍ، وفي بَعْضِهَا لمدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. 

 

وكَذَا الشَّأْنُ في عَكْسِ هَذِهِ المسْأَلَةِ إِنْ بَلَغَ طُولُ اللَّيْلِ وقِصَرُ النَّهَارِ حَدًّا لا يمكِنُ للصَّائِمِ أنْ يحِسَّ فِيهِ بِأنَّهُ صَائِمٌ، أَيْ لا يحِسُّ بالرَّغْبَةِ المعْتَادَةِ في الطَّعَامِ والشَّرَابِ، وهُوَ في غَيْرِ حَالاتِ الصِّيَامِ يَحْتَاجُ فِيْهِ إِلى تَنَاوُلِ الطَّعَامِ والشَّرَابِ، بِحَيثُ تَفُوتُ حِكْمَةُ الصِّيَامِ. 

 

والمخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أنْ يُلجَأَ إِلى تَقْدِيرِ الصِّيَامِ بِالسَّاعَاتِ؛ وذَلِكَ باتِّبَاعِ أَقْرَبِ بَلَدٍ يتَيسَّرُ فِيهِ صَومُ النَّهَارِ كِلِّهِ، أو يُنظَرَ إِلى وَقْتِ الصِّيَامِ ووَقْتِ الإفْطَارِ في الـمَنطِقَةِ الَّتي تَقَعُ بالقُرْبِ مِنْ خَطِّ  الاسْتِوَاءِ عَلَى نَفْسِ خَطِّ الطُّولِ مِنْ هَذِهِ الجِهَةِ الَّتي يُتَعَبَّدُ فيهَا بِالصِّيَامِ، } يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } النساء: ٢٨[42].

 

------------------------

 

[17] - أبو داود، بَاب: كَيْفَ الأَذَانُ، رقم الحديث 426.

 

[18] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص323.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1422هـ، يوافقه 20/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1425هـ، يوافقه 16/10/2004م.

 

[19] - يُنظر:

 

السالمي، جوهر النظام ج1 ص145.

 

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م، مذكرة خاصة ص19.

 

[20] - البخاري، بَاب: مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ، رقم الحديث 1818.

 

تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ "للتذكير": جاء في الجزء الأول من كتاب: المعتمدُ "..هذا، وقد نبَّهَ على مثل هذه اللطيفةِ شيخُنا بدرُ الدِّين الخليلي -حفظه الله- في تفسيره لآيات الصِّيَام، وذلك في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم:" إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس فقد أفطر الصائمُ"، قال -فيما معناه-: زاد بعضُهم في آخر الحديث: "أكل أو لم يأكلْ" ظنًّا منه أنه من الحديث وليس هو كذلك، بل هي زيادة مدرجة لبيان معنى الحديث فقط، والعلم عند الله تعالى" المعتمدُ في فقه الصلاة ص275/ط1، ص283/ ط2.

 

فإذن هذه الزيادة "أكل أو لم يأكل" وإن كانت مدرَجةً في ذيل الحديث وليستْ من لفظِهِ فلا يعني ذلك عدمَ صحتِها في نفسِها، بل هو تقييد صحيح لا غبار عليه، وإن توهم بعض الناس أنه من جملة الحديث، فنسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجب التنبيه عليه، والله المستعان. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى على أسئلة من الشرق الإفريقي ص4.

 

القنُّوْبيُّ، دروس في أصول الفقه/ صيف 2002م الموافق 1423هـ. مذكرة خاصة ص86.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص76.

 

[21] - القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص58.

 

[22] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 29 رجب 1423هـ، يوافقه 6/10/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 2003ممذكرة خاصة ص18.

 

[23]- الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 1 رمضان 1424هـ، يوافقه 27/10/2003م.

 

[24]- القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 14 رمضان 1424هـ، يوافقه 9/11/2003م.

 

[25] - البهلاني، ناصر بن سالم. ديوان أبي مسلم ص347.

 

[26] - يُنظر:

 

البخاري، بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} البقرة: ١٨٧، رقم الحديث 1783.

 

أبو داود، بَاب: وَقْتِ السُّحُورِ، رقم الحديث 2002م.

 

[27] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص341، 343.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 رمضان 1427هـ، يوافقه 21/10/2006م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1428هـ، يوافقه 16/9/2007م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1429هـ، يوافقه 5/9/2008م.

 

الصوافي، إبراهيم بن ناصر. كل ما يهمك عن رمضان. "مادة سمعية مطبوعة" ص10.

ابن المنذر، الإجماع ص16.

[28] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص263.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 23 رمضان 1425هـ، يوافقه 7/11/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1423هـ، يوافقه22/11/2002م.

 

[29] - الربيع، باب: ما يفطر الصائم ووقت الإفطار والسحور، رقم الحديث 323.

 

[30] - البخاري، بَاب: شَهَادَةِ الأَعْمَى، رقم الحديث 2462.

 

[31] - الربيع، باب: ما يفطر الصائم ووقت الإفطار والسحور، رقم الحديث 323.

 

[32] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1422هـ، يوافقه 21/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1425هـ، يوافقه 16/10/2004م.

 

[33] - أبو داود، بَاب: مَنْ سَمَّى السَّحُورَ الْغَدَاءَ، رقم الحديث 2003.

 

[34] - نعم كان الصحابة رضي الله عنهم يرُدُّون كلَّ رواية تتعارض مع القطعي مِنَ القرآن الكريم، حينما لا يُمكنُ الجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع التي ذكرناها سابقا في الجزءِ الأوَّلِ من المعتمد/ مبحث: "أَوْجُهُ بَيَانِ السُّنَّةِ للقُرْآنِ الكريمِ"، وهذا المنهج منهجٌ معروفٌ ومتبعٌ لديهم، ولذلك أمثلة كثيرة، كما فعلت السيدة عائشة رضي الله عنها حين ردَّت على ابن عمر في قضية تعذيب الميت ببكاء أهله عليه مستدلة بقوله تَعَالى:{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } الأنعام: ١٦٤، وفي قضية اعتماره  صلى الله عليه وسلم في رجب، وكما صنع ابنُ عباسٍ { بحديث الحكم بن عمرو الغفاري في تحريم ذوات الناب من السباع والمخالب من الطير رواه البخاري، باب: لحوم الحمر الإنسية، رقم الحديث 5103.

 

وعمومًا فإن هذا المنهجَ أرشد إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَهُ فيما رواه الربيع بسنده المتصل الصحيح عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد  عن ابن عباس } عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني"رواه الربيع، رقم 41،  هذا كما قلنا عند وقوع التعارض والاختلاف وتعذُّرِ إمكان الجمع، أمَّا عند إمكان الجمع بوجه من الوجوه المعتبرة التي ذكرناها سابقا فلا يُصار إلى الرد كما هو متقرر ومعلوم.

 

قال النور السالمي -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث: "...وهذا في ما وقع فيه الاختلاف بين الأمة؛ بدليل قوله:"إنكم ستختلفون من بعدي"فأما المتفق عليه أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحتاج إلى عرض، بل يجب العمل به وإن خالف ظاهر الكتاب؛ لأنه إما ناسخ أو مخصص..إلخ" فحذار كلَّ الحذر من التسرع في ردِّ أقوال المعصوم صلى الله عليه وسلم قبل التأمل والنظر من قبل أهل العلم والبصر؛ قَالَ تَعَالى:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } النحل: ٤٤. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، الإمامُ الربيعُ بنُ حبيبٍ: مكانته ومسنده ص116- 118.

السَّالمي، شرح الجامع الصحيح ج1 ص66.

المُعْتمَدُ في فِقْهِ الصَّلاةِ ط2 ص28- 31.

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة ص20.

 

[35] - الربيع، باب: ما يفطر الصائم ووقت الإفطار والسحور، رقم الحديث 323.

 

[36] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1426هـ، يوافقه 8/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1427هـ، يوافقه 2/10/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1422هـ، يوافقه 21/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 23 رمضان 1428هـ، يوافقه5 /10/2007م.

 

الصوافي، إبراهيم بن ناصر. كل ما يهمك عن رمضان. "مادة سمعية مطبوعة" ص23.

 

[37] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص325.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:10 رمضان 1425هـ، يوافقه 25/10/2004م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 12 رمضان 1426هـ، يوافقه 16/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1423هـ، يوافقه 22/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 13 رمضان 1424هـ، يوافقه 8/11/2003م.

 

[38] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1425هـ، يوافقه 30/10/2004م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:30 شعبان 1427هـ، يوافقه 24/9/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 9 رمضان 1423هـ، يوافقه 15/11/2002م.

 

مكتب الإفتاء/ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية. هذا هو الصوم "منشورة مختصرة" ص13.

 

[39] - يتبين الفارق الزمني في الطلوع والغروب بين البلد المنتقَل منها والمنتقَل إليها أكثر ما يتبين في حال الانتقال عن طريق الطيران؛ ذلك أن المسافر جوا باتجاه الشرق يقصر نهاره وتمضي ساعات يومه سريعا؛ لأنه يسير عكس مسير الشمس، أما من يتجه جهة الغرب فيطول نهاره حتى إنه ليحس أن الوقت لا يمضي إلا قليلا؛ لأنه يسير مع مسير الشمس، وفي هذه الحالة للصائم أن يأخذ برخصة الإفطار في السفر.

 

لَطِيْفَةٌ: قلتُ وفي سفرنا للولايات المتحدة باتجاه الغرب مرَّ بنا يومٌ زماني كامل، فصلينا في الطائرة خمس صلوات، بينما في رجوعنا باتجاه الشرق مرَّ بنا يومان زمانيان، فصلينا في الطائرة عشر صلوات، مع أن زمن الرحلة في الذهاب والإياب واحد، أي أنه استغرق ستًّا وثلاثين ساعة تقريبا، والحمد لله مسخر الوسائل والأسباب. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1428هـ، يوافقه 15/9/2007م.

 

[40]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص310.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1425هـ، يوافقه 25/10/2004م.

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1423هـ، يوافقه 22/11/2002م.

[41]- القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ:  6 رمضان 1423هـ، يوافقه 12/11/2002م.

 

[42] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص320.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص327.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1427هـ، يوافقه 1/10/2006م.