قَالَ تَعَالى:{.. أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة: ١٨٤  

 

اعلَمْ -أيُّها الطَّالبُ النَّبِيْهُ، وفَّقَكَ الله إلى صَحيحِ العبَادةِ، وجنَّبَكَ مسالِكَ الضَّلالِ والغِوَايَةِ- أنَّ للصَّومِ شروطًا وأركانًا[1] لا يتمُّ الصِّيَامُ إلا بتحقُّقِها والقيَامِ بأدائِها، وكُلُّ ذلكَ مأخوذٌ منْ كتَابِ اللهِ، وسُنَّةِ نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً... 

 

وَنشرعُ -باللهِ مُستعينينَ- أوَّلاً في الحَدِيثِ حَولَ شُروطِ الصِّيَامِ، فنقُولُ: إنَّ الشُّروطَ قسْمانِ:

 

أ‌- شُروطُ وُجُوبٍ: وهيَ العقلُ، والبُلوغُ، والقدرةُ عَلَى الصِّيَام.. 

 

ب‌- شُروطُ صِحَّةٍ: وهيَ -إِجمالاً-: الإسلامُ، والطَّهارةُ منَ الجنَابةِ، والطَّهارةُ منَ الحيْضِ وَالنِّفَاسِ..  

 

 

وَإليكَ تفصيلَ القَولِ في شُروطِ الصِّيَام: 

 

 

فَصْلٌ في شُرُوطِ وُجُوبِ الصِّيَامِ

 

الشَّرْطُ الأَوَّلُ/ العَقْلُ:

 

العَقلُ شرطٌ مِن شُروطِ وُجُوبِ الصِّيَامِ؛ لأنَّ العقْلَ هوَ مَناطُ التَّكليفِ بِأداءِ المأْمُوراتِ واجتنَابِ المنهيَّاتِ، فالمجنونُ لا يَجِبُ عليهِ شَيءٌ مِنَ الأحكَامِ التَّكليفيَّةِ، وكمَا يقولُ العلماءُ: "إذَا أخَذَ اللهُ مَا وَهَبَ العَقْلَ أَسقطَ مَا أَوْجَبَ"[2]، وهذَا كُلُّهُ مأخوذٌ مِن قَولِ سيِّدِنَا رَسُول ِاللهِ صلى الله عليه وسلم: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ "[3]، واللهُ أعلمُ. 

 

وحَدُّ الجُنُونِ المُسْقِطِ للتَّكلِيْفِ أَنْ لا يَعقِلَ صَاحِبُهُ العبَادَةَ مِنْ دُخُولِ وقْتِهَا حَتى خُرُوجِهِ، فَإِنْ أفاقَ وَرُدَّ إلَيهِ عَقْلُهُ في نهَارِ الصِّيَامِ وجَبَ عَلَيهِ الإمسَاكُ وقضَاءُ ذلكَ اليَومِ، وهكَذَا جميعُ الأيَّامِ التي يعْقلُ في نهارِهَا أو يَبقَى معَهُ مُسْكَةٌ مِنْ عَقْلٍ يُدرِك بها حُضورَ الوَاجِبِ، فإِنْ أطَاقَ الصِّيَامَ فَبِهَا ونِعْمَتْ وإِلا أطَعَمَ عنْ كُلِّ يَومٍ مسْكِينًا -كمَا سَيَأتي كشفُهُ قَرِيبًا-[4].

 

 

خِلاَفٌ وَثَمَرَةٌ

 

تَقَدَّمَ مَعَكَ -قَرِيْبًا- أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الصِّيَام عَلَى المُكَلَّفِ حُضُورَ العَقْلِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَلا يَجِبُ الصِّيَامُ عَلَى المُغْمَى عَلَيْهِ وَفَاقِدِ الْوَعْيِ فِي الْحَالِ -طَبْعًا-، وَمِنْ حَيْثُ الْقَضَاءُ لاحِقًا: اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الإِغْمَاءِ أَسَبِيلُهُ سَبِيْلُ الْجُنُونِ أَمْ هُوَ مُجَرَّدُ مَرَضٍ؟ 

 

وَثَمَرَةُ الخْلافِ: مَنْ رَأَى أَنَّ الإِغْمَاءَ جُنُونٌ لَمْ يَرَ عَلَى صَاحِبِهِ قَضَاءَ الصَّومِ الْذِي اِسْتَغْرَقَ وَقْتَهُ وهو فِي الإِغْمَاءِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ فِي سُقُوطِ التَّكَالِيفِ عَنْهُ -إِلا إِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقَد ْ دَخَلَ وَقْتُ الصِّيَامِ، أَوْ أَفَاقَ وَالْوَقْتُ لا زَالَ بَاقِيًا بَعْدَ أَنْ أُغْمِيَ عَلَيهِ قَبْلَ دُخُولِ الوَقْتِ فَعَلَيْهِ فيْ الْحَالَيْنِ الْقَضَاءُ-[5].  

 

وَمَنْ رَآهُ مَرَضًا أَلْزَمَهُ قَضَاءَ جَمِيعِ الأيَّامِ الْتِي فَاتَتْ بِسَبَبِ الإِغْمَاءِ، وَهَذَا الرَّأْيُ أَحوَطُ[6] وَالأَوَّلُ أَرْجَحُ[7].  

 

 

فَتْوَى

 

السُّؤَالُ/ إذَا أُصِيبَ بالجُنونِ قبلَ رَمَضَانَ واستمَرَّ جنُونُهُ إِلى ما بعدَ رَمَضَانَ ثمَّ شُفِيَ، فهَلْ يَلزَمُهُ القَضاءُ؟ 

 

الجَوَابُ/ لا يلزَمُهُ، واللهُ أعلمُ[8].  

 

 

الشَّرْطُ الثَّانِي/ البُلُوغُ:  

 

بلُوغُ سِنِّ التَّكْلِيْفِ -كمَا هُوَ معْلُومٌ- شَرْطٌ لوُجُوبِ الصِّيَامِ وجُمْلَةِ العِبَادَاتِ؛ فَلا تجِبُ العبَادَةُ عَلَى الصَّبيِّ الذِي لمْ تَظهَرْ علَيهِ عَلامَاتُ  البُلُوغِ أو لم يبْلُغْ سِنَّ الاحتِلامِ بإجماعِ أهْلِ العِلْمِ، يقُولُ شَيخُنا محدِّثُ العَصرِ القَنُّوبيُّ-حفظهُ اللهُ-: "..لا وُجُوبَ عَلَى مَنْ لمْ يَبلُغْ بِاتّفَاقِ الأُمَّةِ قَاطِبَةً"[9].  

 

والأصْلُ في هَذَا الاشْتِرَاطِ مَا تقدَّمَ مِنْ قَولِهِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ... وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ"[10]. 

 

ومعَ ذلِكَ يُؤمَرُ وَليُّ أمْرِ الصَّبيِّ أنْ يَترقَّبَ في صَبِيِّهِ القُدْرةَ عَلى الصِّيَامِ، فإِنْ آنسَ منْهُ قوَّةً وطاقَةً عَلَى الصِّيَامِ أمرَهُ بِهِ، ولو أنْ يَصُوْمَ في  البدَايةِ نصفَ النَّهارِ ويَترُكَ الآخِرَ، أو يَصُوْمَ يومًا ويَترُكَ يومًا حَتى إذَا مَا اشتدَّ عُودُهُ واسْتَوى علَى سُوقِهِ أعْجَبَ وليَّهُ حُسْنُ صِيَامِهِ وقِيَامِهِ[11]، فإنَّ الحَالَ كمَا قِيلَ قَدِيمًا..   

 

 

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتيَانِ مِنَّا *** عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

وَمَا دَانَ الفَتى بحِجًى ولكِنْ *** يُعَوِّدُهُ التَدَيُّنَ أَقْرَبُوهُ

 

 

إضافةً إِلى هَذَا فإنَّ تعويدَ الصِّبيانِ عَلَى الصِّيَامِ المندُوبِ فضْلاً عنِ الوَاجبِ أمرٌ ثبتَ عنْ صَحَابةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ففِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: "أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ"[12].  

 

هَذَا.. وإنْ بدَا مِنَ الصَّبيِّ تهاوُنٌ أو تَقْصِيرٌ بعدَ أنْ أطاقَ الصِّيَامَ وقَدَرَ علَيهِ أرشَدَهُ الوَليُّ إِلى الصَّوابِ وأبَانَ لهُ سَبيلَ الرَّشَادِ بِالحِكْمَةِ والموعِظَةِ الحَسَنَةِ، فإِنْ أبانَ عنْ عنَادِهِ وكَشَفَ عنْ تقَاعُسِهِ  وتهَاوُنِهِ أدَّبهُ بحسَبِ مُقتَضَى المصْلَحَةِ وفي حُدُودِ الطَّاقةِ، فلمْ يُشبِعْهُ ضَربًا ولمْ يُوسِعْهُ سبًّا، بلْ كَانَ الأَمرُ وَسَطًا، ومَنْ لم يَنفَعْهُ قَليلُ الحِكْمَةِ ضَرَّهُ كَثيرُها، وبِالخَاتمةِ فإنَّهُ } لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} البقرة: ٢٧٢.  

 

{تَنْبِيْهٌ}: قيَاسُ الصِّيَامِ عَلَى الصَّلاةِ في سِنِّ تعْلِيمِ الصَّبيِّ وضَربِهِ علَيها قِيَاسٌ غَيرُ صَحِيحٍ، وهُوَ خِلافُ المعمُولِ بهِ عندَ شَيخَيْ العَصْرِ والمِصْرِ -متعَهُما اللهُ بالصِّحَّةِ والعَافِيَةِ-؛ لأنَّهُ قيَاسٌ معَ الفَارِقِ، إذِ القُدْرةُ عَلى الصَّلاةِ لا تَستَلزِمُ أنْ يَكُونَ الصَّبيُّ قادِرًا عَلَى الصِّيَامِ، فمِنهُمْ مَن يقدِرُ علَى الصَّلاةِ ولكنَّهُ لا يَقدِرُ عَلى الصِّيَامِ لكَونِهِ أشقَّ كُلفَةً -كما هوَ مُشَاهَدٌ- لا سِيَّمَا وقتَ اشتِدَادِ الحَرِّ وابتعَادِ القرِّ[13].

 

يقُولُ بدرُ الدِّينِ الخَلِيْلِيُّ -حفظهُ اللهُ-: " وبالنِّسبَةِ إِلى الصِّيَامِ يُؤمَرُ الوَليُّ أنْ يَأمُرَ الصَّبيَّ بالصِّيَامِ عندَما يكُونُ قادِرًا عَلَيهِ، فَالعِبرة ُباِلقُدْرَةِ وليسَتِ العِبرة ُبفَترة ٍزمنيَّةٍ مِنَ العُمُرِ"، والعِلمُ عندَ اللهِ[14]. 

 

 

خِلاَفٌ وَثَمَرَةٌ

 

تعلَّمْ -يا طالِبَ الرَّشَادِ، وقاصِدَ الفَلاحِ في المعَادِ- أنَّ أهلَ الفِقْهِ بالدِّينِ قدِ اختَلفُوا في صِيَامِ الشَّهرِ الكَرِيمِ، هلْ هوَ فَريضَةٌ واحِدَةٌ أو فَرَائِضُ متعدِّدَةٌ بِعَدَدِ أيَّامِ الشَّهرِ، أي تِسْعٌ وعِشْرونَ فَريضَةً أو ثَلاثُونَ فَرِيضَةً بِحَسَبِ مَا تَكُونُ عَلَيهِ أيَّامُ الشهرِ.

 

والقولُ المُعْتَمَدُ في المسْألةِ عندَ الشَّيخَينِ العالِمَينِ أبي خليلٍ الخَلِيْلِيِّ وأبي عبدِ الرَّحمنِ القَنُّوبيِّ -يحفظُهمُ اللهُ- أنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ فرائِضُ مُتعدِّدةٌ، كلُّ يَومٍ فريضةٌ مستقلَّةٌ بنفْسِهَا عَنِ اليَومِ الآخَرِ؛ لأدلَّةٍ مُتعدِّدةٍ، منهَا:

 

‌أ- أنَّ اللهَ عز وجل أباحَ للمَرِيْضِ والمسَافِرِ الفِطرَ والصِّيَامَ في رَمَضَانَ، ثم قَضَاءَ الأيَّامِ التي أفطَرَاهَا فَقَطْ. 

 

‌ب- أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ الرَّجلَ الذِي أفطرَ مُتعمِّدًا بِوَطْءِ زوجَتِهِ أنْ يَقضِيَ يومًا واحِدًا فَقَطْ، ولوْ كانَ فريضَةً واحدَةً لأمرَهُ بقضَاءِ الشَّهرِ كلِّهِ أو مَا فاتَ منهُ عَلَى الأَقلِّ.

 

ج- أنَّ ليَالي الشَّهرِ قاطعَةٌ للصِّيامِ ومُوجِبَةٌ للإِفطَارِ، بخِلافِ الصَّلاةِ فإِنها بجمِيْعِ ركعَاتها فَريضَةٌ واحدةٌ لاتِّصَالِ أعمَالها مِنَ التَّكبِيرِ حَتى التَّسلِيمِ[15].

 

 

وَثَمَرَةُ الخْلافِ: تظهرُ في مسَائِلَ، نَذكُرُ بعضًا منهَا للفَوائِدِ[16]

 

‌أ- إذَا بَلَغَ الصَّبيُّ وسَطَ الشَّهْرِ: فيَصُوْم الحاضرَ والقادمَ منَ الأيَّامِ، وعَلَى القَوْلِ بأنَّهُ فَرِيضَةٌ واحِدَةٌ يَقْضِي مَا فاتَهُ مِنْ أيَّامِ الشَّهرِ أَيضًا، ولوْ أنَّهُ صامَهَا؛ لأنَّهُ قدْ أوقَعَها نافلةً. أمَّا عَلَى القَوْلِ بأنَّهُ فرائِضُ فَلا يَلزَمُهُ قضَاءُ شَيءٍ ممَّا مَضَى لكَونِهِ لم يكُنْ مُكَلَّفًا إِلا اليَومَ الذِي بَلَغَ في نهَارِهِ فعَلَيهِ أنْ يمسِكَ بقيَّتَهُ ويقضِيَهُ بعدَ ذَلِكَ[17].

 

‌ب- إذَا أسْلَمَ المُشْرِكُ وَسَطَ الشَّهْرِ: فيَصُوْمُ الحَاضِرَ والقَادِمَ أيضًا، وعَلَى القَولِ بِأنَّهُ فَريضَةٌ واحِدَةٌ يَقضِي مَا فاتَهُ مِن أيَّامِ الشَّهرِ. أمَّا عَلَى القَولِ بأنَّهُ فرائضُ فلا يَلزَمُهُ قضَاءُ شَيءٍ مما مَضَى إِلا اليومَ الذِي أسلَمَ في نهارِهِ فعَلَيهِ أنْ يُمسِكَ بقيَّتَهُ ويقضِيَهُ بعدَ ذَلِكَ[18]، يقُولُ المحدِّثُ القَنُّوبيُّ -حفظهُ اللهُ-: "والذِي علَيهِ الجُمْهُورُ هوَ أنَّهُ لا بد مِن قَضَاءِ ذلكَ اليَومِ الذِي أسْلَمَ فيهِ المشْرِكُ كمَا أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الإمْسَاكِ فِيهِ، وَهَذَا القَولُ أَقرَبُ إِلى الصَّوَابِ"[19].

 

ج- النِّيَّةُ الوَاجِبَةُ لِلصِّيَامِ: عَلَى القَولِ بأنهُ فريْضةٌ واحِدةٌ تجزِئُ عنْهِ نيَّةٌ واحِدَةٌ أوَّلَ الشَّهرِ. أمَّا عَلَى القَولِ بأنَّهُ فَرَائِضُ مُتعَدِّدَةٌ فقيلَ: لا بدَّ مِنَ النيَّةِ لجَميعِ أيَّامِهِ، وهوَ المُجْزِئُ بالإجمَاعِ[20]، ورخَّصَ البَعْضُ في النِّيَّةِ بِدَايةَ الشَّهرِ مَا لمْ يَقطَعْ صيَامَهُ بفِطْرٍ لسَفَرٍ أو مرَضٍ -مثلاً- فيُجَدِّد النيةَ عندَ عزمِهِ عَلَى الصِّيَامِ مرَّةً أخْرَى، وهَذَا الأَخِيرُ هوُ الأَقْرَبُ للصَّوابِ عندَ محدِّثِ العَصرِ القَنُّوبيِّ -أبقَاهُ اللهُ-[21].

 

د- تكَرُّرُ الكَفَّارَةِ بتَكَرُّرِ الانتِهَاكِ لحُرمَةِ الشَّهْرِ: عَلَى القَولِ بأنَّهُ فرِيضَةٌ واحِدَةٌ تجزِئُهُ كفَّارةٌ واحِدَةٌ عنْ جميعِ الأَيامِ التي انتَهَكَ حُرمَتَهَا، أمَّا عَلَى القَوْلِ بأنَّهُ فرائِضُ مُتعدِّدَةٌ فَالأصْلُ أنْ يُكفِّرَ كفَّارَةً مغَلَّظَةً عنْ كُلِّ يومٍ انتهَكَ حُرمَتَهُ[22].

 

 

الشَّرْطُ الثَّالِثُ/ القُدْرَةُ عَلَى الصِّيَامِ: 

 

لقَولِهِ سبحانه وتعالى:{ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } البقرة: ٢٨٦، ولقَولِهِ تَعَالى:{ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } البقرة: ١٨٤، وقَدْ تقدَّمَ -سَلَفًا- أنَّ هَذِهِ الآيَةَ الأَخيرَةَ محكَمَةٌ، وليسَتْ مَنسُوخَةً، فهِيَ محمُولَةٌ في حَقِّ مَن لا يَستَطِيعُ الصِّيَامَ إلا بِكُلْفَةٍ شَدِيدَةٍ ومَشَقَّةٍ بالِغَةٍ، وأنَّ المقصُودَ بِقَولِه:{ يُطِيقُونَهُ} يَتَكَلَّفُونَهُ -كمَا هوَ رأيُ حَبْرِ الأمَّةِ وتُرْجُمَانِ القُرْآنِ ابنِ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، فمَنْ كانَتْ هَذِهِ حَالَتَهُ فَلا يجِبُ عَليهِ الصِّيَامُ، ولهُ أنْ يَنتَقِلَ حِينَئِذٍ مِنَ الصِّيَامِ إلى الفِدْيَةِ والإِطعَامِ. 

 

ومِن هَؤلاءِ الذِينَ لا يَستطِيعُونَ عَلَى الصِّيَامِ ولا يتوفَّرُ فيهِم شَرطُ القُدرَةِ الشَّيخُ الكَبِيرُ، والمرِيضُ المُزْمِنُ { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ } ص: ٨٨[23].

 

------------------------

 

[1] - فَائِدَةٌ مُهمَّةٌ في الفرقِ بينَ الرُّكنِ والشَّرطِ: تقدمَ سابقًا تعريفُ الشرطِ بأنَّه: ما يلزمُ منْ عدمِهِ العدمُ ولا يلزمُ منْ وجودِه وجودٌ ولا عدمٌ لذَاتِهِ، وهذا الكلام ينطبقُ على الركنِ أيضًا، إلا أنَّ الفارقَ الجوهريَّ بينهما أنَّ الشرطَ يكونُ خارجَ ماهيةِ العبادةِ، والركنَ يكونُ داخلا في ماهيتِها، فمثلا: البلوغُ والطهارةُ شرطٌ للصيام؛ لأنهما يقعانِ خارجَ ماهيةِ الصِّيَام، أما النية والإمساك فهما ركنٌ لأنهما ضمن أعمالِ الصِّيَام التي لا يتم إلا بها. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية سابقا، صيف1421هـ/2000م، مذكرة رقم8 ص2-4.

 

[2] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص329.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1430هـ، 31/ 8/ 2009م.

 

[3] - أبو داود، بَاب: فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا، رقم الحديث 3823.

 

[4] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص251.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1422هـ، يوافقه 24/11/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 21 ذو الحجة 1430هـ، 6/ 12/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1430هـ، يوافقه 23/ 8 / 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1424هـ، يوافقه 10/11/2003م.

 

[5] - أمَّا إن أُغمي عليه بعد دخول الوقت، أي بعد أن أصبح صائما فلا قضاء عليه ولو امتد إغماؤه إلى نهاية الوقت، والحمد لله تعالى.

 

[6] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص106.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1426هـ، يوافقه 5/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 11رمضان 1429هـ، يوافقه 12 / 9/ 2008م.

 

[7] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:10 رمضان 1422هـ، يوافقه 26/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1425هـ/ يوافقه 2004م. مذكرة خاصة ص19.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 19 ربيع الأول 1425هـ، يوافقه 9/5/2004م.

 

[8] - القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الأول ص54.

 

[9] - القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ:  2 رمضان 1426هـ، يوافقه 6/10/2005م.

 

[10] - أبو داود، بَاب: فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا، رقم الحديث 3823.

 

[11] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 4 رمضان 1425هـ، يوافقه 19/10/2004م.

 

[12] - البخاري، بَاب: صَوْمِ الصِّبْيَانِ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ وَيْلَكَ وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ فَضَرَبَهُ، رقم الحديث 1824.

 

[13] - الْقَرُّ: هُوَ الْبَرْدُ وَيَوْمٌ قَارٌّ بَارِدٌ، ورَجُلٌ مَقْرُورٌ أي أَصَابَهُ البردُ.

 

الفيومي، المصباح المنير، مادة  ق ر ر .

 

[14] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص335.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1429هـ، يوافقه 11/9/2008م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة "أ" ص71.

 

الخروصي، كهلان بن نبهان. "أسرار الصِّيَام" ندوة طبية شرعية مع الطبيب أبشر مأمون.

 

[15] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص351.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:10 رمضان 1422هـ، يوافقه 26/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص86.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص521.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1430هـ، يوافقه 23/ 8 / 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1426هـ، يوافقه 14/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1422هـ، يوافقه 21/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 28/9/2006م.

 

[16] - يُنظر:

 

الجيطالي، إسماعيل بن موسى. قواعد الإسلام ج2 ص94- 95.

 

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م مذكرة خاصة ص17.

 

[17]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 25 شعبان 1425هـ، يوافقه 10/10/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 2001م الموافق 1422هـ. مذكرة خاصة ص30.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 28/9/2006م.

 

[18] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص351.

 

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة ص17.

 

[19]- يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص521.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 28/9/2006م.

 

[20] - ابن المنذر، الإجماع ص15.

 

[21] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص243.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص173.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية بروي سابقا، صيف1421هـ/2000م، رقم المذكرة6 ص1.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1422هـ، يوافقه 21/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1430هـ، يوافقه 23/ 8 / 2009م.

 

[22] - تنبيهان:

 

الأول/ على القول الأول: تجزئه كفارة واحدة عن جميع ما اجترح في أيام الشهر ما لم يكن قد كفَّر سلفا، فإن كفر ثم عاد مرة أخرى فعليه كفارة أخرى.

 

الثاني/ على القول الثاني: رخص له بعض العلماء -حتى على هذا القول بأنه فرائض- برخصة تبذل لمن نصح في التوبة واستقام على الطريقة وهي أن كفارة واحدة تجزِئه عن الجميع، ولو كان انتهاكه في رماضين متعددة، وهذا أوسع الأقوال، وهي رخصة تبذل للتائب الآيب المنيب، ولكنَّ "هَذَا مِنْ مَكْنُونِ العِلْمِ لا يُعلَنُ بِهِ في قَومٍ جُهَّالٍ". يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 17 رمضان 1422هـ، يوافقه 3/12/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1426هـ، يوافقه 8/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الأول ص56.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 28/9/2006م.

 

وزارة الأوقاف والشؤون الدينية. بحوث ندوة تطور العلوم الفقهية في عمان خلال القرن الثالث الهجري "الإمام محمد بن محبوب أنموذجا"، ص132.

 

[23] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج4 فتاوى: الوقف والوصية ص74.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 شعبان 1426هـ، يوافقه 2/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 11 رمضان 1429هـ، يوافقه 12/9/2008م.

---------------------------------------------

فَصْلٌ في شُرُوطِ صِحَّةِ الصِّيَامِ

 

الشَّرْطُ الأَوَّلُ/ الإِسْلامُ: 

 

لقدْ تكرَّرَ لدَيكَ -أيُّها الطَّالبُ الحافِظُ، حفظكَ اللهُ مِن الظُّلمِ العَظيمِ الذِي هوَ الشِّركُ- أنَّ الإسلامَ شَرطُ صِحَّةٍ لجميعِ العبَاداتِ وليسَ شَرطًا لوُجُوبها، وعلَيهِ فَإنَّ هذِهِ العبادةَ واجبةٌ عَلَى جميعِ  المُكلَّفِينَ مُسلمينَ أو غيرَ مسْلِمِينَ، وإنْ كانتْ لا تصحُّ إلا منَ المسلمينَ[24]؛ قَالَ تعَالى:{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } آل عمران: ٨٥، بلْ لا يخفَى عليكَ أنَّ هَذِهِ الطَّاعَاتِ لا تُقبَلُ ولا تُرفَعُ عندَ اللهِ عز وجل إلا منَ المسلمينَ المؤمنينَ الموفِّينَ المتَّقينَ؛ بصَريحِ قَولِهِ جل جلاله:{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } المائدة: ٢٧.  

 

ولا يخفَى عليكَ -أيُّها الخبيرُ- أنَّ هذَا القَولَ مُعتمَدٌ عَلَى الرَّأي المشهورِ المُعْتمَد، وهوَ أنَّ المشْركِينَ مخَاطَبُونَ بفُروعِ الشَّرِيعَةِ كمَا أنهمْ مخَاطَبُونَ بأُصولِهَا -كمَا تقدَّمَ ذِكْرُ أدلَّتِهِ سَلَفًا-[25]، واللهُ يتَولى شَرْحَ الصُّدُورِ.

 

{تَنْبِيْهٌ}: بناءً عَلَى أنَّ المشركينَ مخاطبونَ بفُروعِ الشَّريعةِ فيَنبغي للمُسلِمِ في هذِهِ الحالةِ أنْ يتجنَّبَ تقديمَ الطَّعامِ لهمْ في نهَارِ رَمَضَانَ؛ لأنَّهُم مُتعبَّدُونَ بِالصِّيامِ وإنْ كَانَ الصِّيَامُ لا يَصِحُّ مِنهُم إلا بِالإسْلامِ فالإسْلامُ شَرْطُ صِحّةٍ فَقَطْ وليْسَ شرْطَ وُجُوبٍ، واللهُ المستعانُ[26]. 

 

الشَّرْطُ الثَّاني/ الطَّهارةُ مِنَ الجَنَابَةِ:

 

الأصلُ في هذَا الاشتراطِ مَا جَاءَ في صَريحِ الحَديثِ الصَّحيحِ عنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَصْبَحَ مُفْطِرًا"[27]، وهوَ المرويُّ عنْ جملةٍ منْ أصْحابِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والتَّابعينَ لهمْ بإحسَانٍ. 

 

إضافةً إِلى أنَّ هَذَا الاشتراطَ مؤيَّدٌ بالنَّظرِ؛ ذلكَ لأنَّ الجنابةَ حَدَثٌ أكبرُ كالحَيضِ والنِّفاسِ، وكمَا لا يَصِحُّ صِيَامُ الحَائِضِ والنُّفَسَاءِ كذَلكَ الجُنُبُ لا يَصحُّ صيامُهُ[28]، وعلَيهِ فمَنْ تعمَّدَ أنْ يُؤخِّرَ الغُسلَ ليُصبِحَ عَلَى جَنابةٍ فسدَ صومُهُ ووجَبَ علَيهِ الإمسَاكُ أوَّلاً، ثم قضاءُ يومِهِ، هَذَا بعدَ التَّوبةِ للْمَولى جَلَّ وَعَلا، واللهُ } يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ } الشورى: ٢٥[29]. 

 

 

وَمجنِبٌ أَصْبَحَ عَامِدًا فَقَدْ *** أَصْبَحَ مُفْطِرًا عَلَى القَوْلِ الأَسَدْ[30]

 

 

{تَنْبِيْهٌ}: لقد علمتَ -أيُّها الفَقِيْهُ الحَاذِقُ- أنَّ مَن ترَكَ الغُسلَ مِنَ الجنَابَةِ في لَيلهِ مُتعمِّدًا حَتى أصبحَ فعلَيهِ التوبةُ والقضاءُ، إلا أنَّ الكفَّارةَ تُدرَأُ عنهُ عَلَى الصِّحيحِ الرَّاجِحِ لشُبهَةِ الخِلافِ في المسْألَةِ؛ فالكَفَّارَةُ تجبُ فيمَا أُجمِعَ عَلَى أنَّهُ ناقِضٌ لا فيمَا اختُلفَ فيهِ -كمَا سيَأتي بإذْنِ الوَاحِدِ الأَحَدِ-[31]. 

 

وهذَا الحُكمُ حكَاهُ الإمَامُ الرَّبيعُ عنْ جملةٍ مِنْ علمَاءِ السَّلفِ، قَالَ: "عَنْ أَبي عُبَيدَةَ عَنْ عُروَةَ بْنِ الزُّبَيرِ والحَسَنِ البِصْرِيِّ وإبرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وجمُلةٍ مِنْ أصحَابِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُونَ: "مَنْ أصْبحَ جُنبًا أصْبَحَ مُفطرًا" ويَدْرَؤُونَ عنهُ الكَفَّارَةَ"[32]. 

 

{مَسْأَلَةٌ}: مَنْ أجنَبَ في اللَّيلِ ولم يَنتبِهْ في نومِهِ حَتى استيقَظَ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ فَلا قضَاءَ ولا شَيءَ علَيهِ إلا المسَارعةَ للغُسْلِ.

 

وكَذَا مَن نامَ في النَّهارِ وأجْنبَ فعلَيهِ المبَادَرَةُ بِالاغتسَالِ فورَ مَا ينْتبِهُ، وليسَ لهُ التَّأخُّرُ إلا لضَرُورةٍ كتَسخِينِ مَاءٍ أو تَبريدِهِ مثلاً، والأَحسَنُ لهُ أنْ يَتيمَّمَ في انتظَارِهِ هَذَا إِنْ كَانَ سَيَطُولُ حَتى يَسخُنَ الماءُ البَارِدُ أو يَبرُدَ السَّاخِنُ، واللهُ أعلمُ[33]. 

 

يَقُولُ سماحَةُ شَيخِنَا المُفْتي -عَافَاهُ اللهُ-: "والرَّاجِحُ أنَّهُ لا قضَاءَ عَلَيهِ؛ لأَنَّهُ أصبَحَ جُنُبًا عَلَى غَيرِ عَمدٍ، وليسَتِ الجَنابَةُ بأشَدَّ مِنَ الأكلِ، مَعَ أنَّ الأكْلَ مِنْ غَيرِ عَمدٍ لا يَنقُضُ الصَّوْمَ"، ويقُولُ شَيخُنا القَنُّوبيُّ -عافاهُ اللهُ-: " وهَذَا القَولُ هُوَ الصَّحِيح"[34].

 

الشَّرْطُ الثَّالِثُ/ الطَّهَارةُ مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ: 

 

الطَّهَارةُ منَ الحَيضِ ويُعرَفُ بالدَّوْرَةِ الشَّهريَّةِ والنِّفَاسِ شَرطٌ لصِحَّةِ الصِّيَامِ، فالحَائِضُ والنُّفَسَاءُ لا يَصِحُّ ولا يُشرعُ في حقِّهِمَا الصِّيَامُ، بلْ يُمنَعَانِ منهُ في الحَالِ[35] ويؤمَرانِ بالقَضَاءِ في المآلِ[36] بنَصِّ السُّنةِ وإِجماعِ الأُمَّةِ، أمَّا السُّنَّةُ فمِنْهَا قَولُ السَّيدَةِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: " كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ نَطْهُرُ فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصِّيَامِ وَلا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلاةِ"[37].

 

وأمَّا الإِجمَاعُ فقَدْ حَكَاهُ غيرُ واحِدٍ مِنْ فُحُولِ العِلمِ، منهُمُ التِّرمِذِيُّ، فقَدْ قَالَ بعدَ روَايتِهِ للحَدِيثِ السَّابِقِ: "..وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لا نَعْلَمُ بَيْنَهُمُ اخْتِلافًا أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ"[38]. 

 

ومنهُمُ العلاَّمَةُ إِمَامُ السُّنةِ -أبقَاهُ اللهُ- إذْ يَقُولُ: ".. فيَحْرُمُ عَلَيهِمَا[أي الحائض والنفساء] الصِّيَامُ ويَجِبُ عليهِمَا القَضاءُ بِنَصِّ السنّةِ الصَّحيحةِ الثَّابتَةِ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وبِإجمَاعِ الأمّةِ"[39]. 

 

{تَنْبِيْهٌ وتحْذِيرٌ}: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ"، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُل؟ِ"، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: " فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟"، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: " فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا"[40].

 

 

فَتْوَى

 

السُّؤَالُ/ سماحَةَ الشَّيخِ: هُناكَ دَعَواتٌ تَقُولُ بأنَّ المرْأَةَ لا تُطالَبُ بتَركِ الصَّلاةِ والصِّيَامِ في فَتْرةِ الحَيضِ أوِ النِّفاسَ؛ نَظرًا لِعدَمِ وجُودِ نَصٍّ صَريحٍ مِنَ القُرْآنِ، وأنَّ مَا جَاءَ في السُّنَّةِ لا يَثبُتُ، فمَا هُوَ الضَّابِطُ في أَخْذِ الأحكَامِ مِنَ السُّنةِ إذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ صَرِيحٌ في القُرآنِ الكَرِيمِ؟

 

الجَوَابُ/ هَذَا كَلامُ الجَهَلَةِ الذِينَ لا يُفَرِّقُونَ بينَ البَعْرةِ والتَّمرةِ، ولا يفرِّقُونَ بينَ الضَّبِّ والنُّونِ، ولا بينَ الذِّئْبِ والحَمَلِ، ولا بينَ النَّاقةِ والجَمَلِ، ومَا أحْرَى كَلامَهُ بِأنْ يُنسَفَ ولا يُعوَّلَ عَلَيهِ، إذِ الأُمَّةُ مُجمِعَةٌ بأنَّهُ لا يَجُوزُ للحَائِضِ أنْ تُصَلِّيَ وَلا أنْ تصُومَ..

 

والذِينَ يُرِيدُونَ أنْ يَحصُرُوا الإِسْلامَ في القُرآنِ وحدَهُ مِنْ غَيرِ تَعوِيلٍ علَى السُّنةِ هم هَادِمُونَ للقُرآنِ، همْ كَافِرُونَ بِالقُرآنِ وحْدَهُ.. لأَنَّ اللهَ تَعَالى أمرَنَا بِالرُّجُوعِ إِلى النَّبيِّ -علَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ- وطَاعَتِهِ، ولا تكُونُ طاعتُهُ إلا باتِّبَاعِ سُنَّتِهِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيهِ، واللهُ أعلمُ[41].

 

 

فَتْوَى أُخْرَى

 

السُّؤَالُ/ سماحةَ الشَّيخِ: هلْ يجُوزُ أنْ تَستَعمِلَ المرأَةُ حُبوبَ مَنعِ الحَيضِ في شَهرِ رَمَضَانَ؟ 

 

الجَوَابُ/ قدْ جَعَلَ اللهُ لهنَّ مخرَجًا وهوَ القَضَاءُ، فَلا ضَرُورةَ لاستِعمَالِ حُبوبِ منْعِ الحَيضِ، وفي هذِهِ الحُبوبِ مَا لا يخفَى مِنَ المضَارِّ، واللهُ أعلمُ[42]. 

 

{تَذْكِيرٌ}: النِّفاسُ مَقِيسٌ عَلَى الحَيضِ في كَثيرٍ مِن أحْكَامِهِ كالامتِنَاعِ عَنِ الصَّلاةِ والصِّيَامِ والمباشَرَةِ بينَ الزَّوجَينِ؛ لأنَّهُ -كمَا يَقُولُ الفُقهاءُ- حَيضٌ طَالَتْ أيَّامُهُ[43]، يقُولُ شَيخُ الفقهِ والأَدَبِ السَّالميُّ رضي الله عنه:  

 

 

وفي النِّفَاسِ قَالَتِ الأَعْلامُ ***حَيْضٌ وَلَكِنْ زَادَتِ الأَيَّامُ[44]

 

 

أما الاسْتحَاضَةُ، فهِيَ -كمَا جَاءَ في الحدِيثِ- دمُ عِرْقٍ نجِسٌ ينقضُ الوُضوءَ، أَيْ إِنَّها كالدَّمِ الخَارِجِ مِنَ الجُرُوحِ أو كَدَمِ الرُّعَافِ[45]؛ ولذَا فَلا تُعطَى الاسْتِحَاضَةُ أحْكَامَ الحَيضِ والنِّفاسِ، فهيَ مجرَّدُ حدَثٍ أصْغَرَ[46] ..وَهُنَا عِنْدِي لَكَ فَائِدَةٌ..

 

 

فَائِدَةٌ

 

في الفَرْقِ بَينَ الحَيْضِ وَالاسْتِحَاضَةِ

 

1- الحيضُ حدثٌ أكبرُ يُوجِبُ تَرْكَ الصَّلاةِ والصِّيَامِ والجِمَاعِ، الاستِحَاضَةُ حدثٌ أصغرُ لا يُوجِبُ إلا الوُضُوءَ. 

 

2- الحَيضُ دمٌ دَورِيٌّ طَبيعيٌّ مُعتَادٌ، الاسْتِحاضَةُ دمُ مرَضٍ غيرُ مُعتَادٍ.

 

3- الحَيضُ يخرُجُ مِنْ قعْرِ الرَّحِمِ، الاسْتحَاضَةُ مِن عِرقٍ خَارجَ الرَّحِمِ.

 

4- الحيضُ أسْوَدُ ثَخِينٌ، الاسْتحَاضَةُ أحمرُ رقيقٌ.

 

5- الحَيضُ ذُو رائِحَةٍ كَرِيهَةٍ، دمُ الاستحَاضَةِ لا رَائِحَةَ لهُ[47].

 

{تَنْبِيْهٌ}: بعدَ أنْ علمتَ وجُوبَ الإفطَارِ في حقِّ الحَائِضِ والنُّفساءِ فاعْلَمْ أنهُ ذكرَ بعضُ أهلِ العِلْمِ أنَّ الحَائضَ تخفِي فِطْرَهَا أكْلاً أو شُربًا عَنِ النَّاسِ لئَلاَّ تُبِيحَ البراءَةَ مِن نفسِهَا، أمَّا النُّفسَاءُ فليسَ علَيهَا أنْ تخفِيَهِ لاشتِهَارِ عُذرِهَا عِنْدَ الجَمِيعِ. 

 

ومَهمَا يكُنْ مِنْ أمْرٍ، أعلنَتِ المرأةُ فطرَها عندَ الآخَرينَ أو أخفتهُ مراعاةً لِحُرمَةِ الشَّهرِ وتجنُّبًا للشُّبُهاتِ فَلا يجُوزُ للطَّرَفِ الآخَرِ أنْ يَبرَأَ مِن امْرأةٍ رآهَا تأْكُلُ أوْ تَشْرَبُ في نهارِ رَمَضَانَ؛ لأنَّ النِّسَاءَ مظنَّةُ العُذرِ، ومَن بَرِئَ بمجرَّدِ الظَّنِّ فقدْ ظَلَمَ نفسَهُ وتعَدَّى حُدُودَ ربِّهِ، وهَذَا مِنَ الظَّنِّ الذِي قَالَ عنهُ ربُّنا تبَاركَ وتَعَالى:{ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } الحجرات: ١٢، واللهُ المُستَعانُ[48].

 

{مَسْأَلَةٌ}: لا يخفَى عَليكَ -أخِي طَالِبَ العِلْمِ، يَسَّر اللهَ لكَ عِلْمَ الدِّمَاءِ- أنَّهُ إذَا طهُرَتِ المرأَةُ في النَّهَارِ فعَلَيهَا قَضَاءُ ذلكَ اليَومِ، وكذَا إنْ حَاضَتْ في النَّهَارِ ولوْ قَبلَ غُرُوبِ الشَّمسِ بقَليلٍ فسَدَ صَومُها -ولها أجْرُ مَا صَامَتْهُ- وعَلَيهَا مَعَ ذَلكَ القَضَاءُ سواءً أَكلتْ أمْ لَمْ تَأكُلْ، واللهُ أعلمُ وأحكَمُ[49].

 

{مَسْأَلَةٌ أَخِيرةٌ}: إذَا عَرَضَ عَلَى المرأَةِ الحَيضُ في نهارِ الصِّيَامِ فإِنها تُفطِرُ ولا تُؤمَرُ بالإِمسَاكِ وقدْ أتَاها مَا قَطَعَ حَبْلَ صِيَامِها، فلَهَا أنْ تَأكُلَ وتشْرَبَ..[50]

 

وكذَا إنْ طَهُرَتْ في نهارِ الصِّيَامِ فَلا يجِبُ علَيها الإمْسَاكُ علَى الصَّحيحِ المُعْتمَد عندَ الشَّيخَينِ -متَّعَ اللهُ المسلِمِينَ بحيَاتهمَا-؛ وذَلكَ لأَنها أصْبحَتْ عَلَى فِطْرٍ، والصِّيَامُ لا يَبدأُ مِنْ مُنتَصَفِ النَّهارِ، فَلا حَرَجَ عَلَيْهَا إنْ وَاصَلَتْ فطرَها[51]، يَقُولُ إمَامُ السُّنةِ والأصُولِ -يَحْفَظُهُ اللهُ-: " والقَولُ بأنَّ مَن أَصبَحَ مُفْطِرًا بِعُذْرٍ شَرعِيٍّ يَجُوزُ لهُ مَا يَجُوزُ للمُفطِرِ هُوَ القَولُ الصَّحِيحُ؛ إذْ إنَّني لَم أَجِدْ دلِيلاً مِنْ كتَابِ اللهِ ولا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ- يَدُلُّ عَلَى مَشرُوعيَّةِ الإمسَاكِ"[52].. وهنَا عِندِي لكَ لطِيفَةٌ..

 

{لَطِيْفَةٌ}: يُرْوَى أنَّ إِمَامَ المذْهَبِ الإباضِيِّ جَابِرَ بَنَ زَيدٍ العُمَانيَّ -رضِيَ اللهُ عنهُ-[53] رَجَعَ مِن سَفَرِهِ في نهارِ رَمَضَانَ وكَانَ مُفْطِرًا، ولمَّا وصَلَ مَنزِلَهُ وَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ طَهُرَتْ مِن حَيضِهَا في ذلِكَ النَّهَارِ فَواقَعَها في نهارِ رَمَضَانَ، وَاللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ[54].

 

واحفَظْ -أيُّهَا الطَّالِبُ المُجِدُّ- ما يقُولُهُ الشَّيخُ السَّالِمِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- في بعْضِ أحْكَامِ الصِّيَامِ،،،        

 

 

فـ"مَنْ حَفِظَ المتُونَ حَازَ الفُنُونَ"

 

 

وَكُلُّ مَنْ أَفْطَرَ صَدْرَ يَومِهِ *** مِنْ سَبَبٍ يُبِيْحُ تَرْكَ صَومِهِ

وزَالَ آخِرَ النَّهَارِ خُيِّرا *** مَا بَينَ أنْ يمسِكَ أوْ أنْ يُفْطِرا[55]

 

 

------------------------

 

[24] - كالجنب تجب عليه الصلاة ويجب عليه الصِّيَام مع أن جميع ذلك لا يصح منه، ولذا فهو مطالب بتحصيل شرط الصحة أوَّلاً، وهو الاغتسال والطهارة من الحدث لتصح عبادته، وهكذا المشرك تجب عليه الصلاة ويجب عليه الصِّيَام مع أن جميع ذلك لا يصح منه، فيطلب منه أوَّلا الدخول في الإسلام، وبالله التمام.

 

[25] - يُنظر: المُعْتمَدُ في فِقْهِ الصَّلاةِ/ البابُ الثالثُ: في شُرُوط ِالصَّلاةِ، الشَّرطُ الأولُ: الإِسْلامُ.

 

[26]- الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

[27] - الربيع، باب: ما يفطر الصائم ووقت الإفطار والسحور، رقم الحديث 318.

 

[28] - هذه المسألة اختلف فيها الفقهاء من قديم الزمان، وسبب هذا الخلاف هو التعارض الواقع بين رواية أبي هريرة المذكورة أعلاه، ورواية السيدتين عائشة وأم سلمة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلامٍ ثُمَّ يَصُوْمُ، والكلُّ صَحيحٌ لا غُبارَ في ثبوته إلا أنَّ المعتمدَ عند أصحابنا رضي الله عنهم في هذه المسألة هو الأخذ بما دل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَصْبَحَ مُفْطِرًا"، وهو ما انتصر له الإمامان الخليلي والقنوبي -حفظهم الله- في غير موضع من فريد أجوبتهم، وفي المقابل يُحمل حديث السيدتين عائشة وأم سلمة على أنه منسوخ؛ وذلك للاعتبارات الآتيَةِ:

 

أولها: إنْ تعارض دليلان مختلفان أحدهما فيه شغل للذمة كحديث أبي هريرة والآخر فيه براءة للذمة كحديث عائشة وأم سلمة فإنه يقدَّم ما فيه شغل للذمة على الذي فيه براءة للذمة؛ لأن براءة الذمة هي الأصل قبل ورود الدليل الآخر، فإذا ورد الدليل الشاغل للذمة كان الشغل هو الأصل، وحُمِل ما عارضه على الأصل السابق قبل التعبد بشغل الذمة، فصار شغل الذمة أمرا متيقَّنا منه، ومن قواعدهم السائرة أن اليقين لا يرفعه إلا يقين مثله.

 

ثانيها: أنَّ دعوى نسخ حديث أبي هريرة تحتاج إلى دليل؛ إذ الأصل في تعارض دليلين يدل أحدهما على مشروعية حكم، والآخر على عدمه أن يقدم ما دل على المشروعية في العمل؛ لأن الدليل الآخر استصحب الأصل، وقد ثبت رفع حكم الأصل بالدليل الناص على مشروعية الحكم، ولم يثبت أن ذلك الحكم نسخ بعد مشروعيته، والنسخ لا يكون بمجرد الاحتمال، فكيف يُرفع هذا الحكم بما يحتمل أن يكون وروده موافقا للبراءة الأصلية!!

 

ثالثها: أن الجنابة حدث أكبر، وقد دلت الأدلة الشرعية على أن هذه العبادة الخالصة الصوم تتنافى مع الحدث الأكبر، فالحائض والنفساء لا يجوز في حقهما الصِّيَام بالإجماع، وما ذلك إلا لتلبسهما بالحدث الأكبر، فالنظر والقياس الشرعي المستقر يقتضي إلحاق الجنابة بهما.

 

رابعها: حديث عائشة وأم سلمة فعليٌّ، بينما حديث أبي هريرة قولي، والقول مقدم على الفعل -كما هو معلوم عند الجمهور-؛ لأن الفعل يحتمل احتمالات منها احتمال كونه خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، أما القولي فينتفي عنه هذا الإيراد، لا سِيَّمَا وأن حديث أبي هريرة جرى مجرى القاعدة التي تشمل جميع أفراد الأمة " مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَصْبَحَ مُفْطِرًا".

 

خامسها: إنْ تعارَضَ الدَّليلُ المحرِّم والدليل المحلِّل قدم المحرم على المحلل، كما هي القاعدة الفقهية المشهورة "المحرِّم مقدم على المحلل".

 

سادسها: أنَّ حديث أبي هريرة فيه احتياط وسلامة في الدين وخروج من الخلاف باتفاق الجميع، والأخذ بالمجمع عليه أولى من المختلف فيه، والسلامة في الدين لا يعدلها شيء.

 

ولشيخنا العلامة إمام السنة والأصول -حفظه الله- جواب مطول ذكر فيه الأدلة وإيراداتها وما يجاب عليها، وذكر كذلك مرجحات الرأي المعتمد الذي اتفق عليه الأصحاب -رضوان الله تعالى عليهم-، فحسن مراجعته في أجوبته المجموعة باسم "فتاوى إمام السنة والأصول"، ومن قصد البحر استقل السواقيا، واللهُ يقولُ الحقَّ، وهوَ يهْدِي السَّبيلَ. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص346- 347.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1426هـ، يوافقه 11/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 صفر 1427هـ، يوافقه 5 /3 /2006م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 جمادى الأولى 1428هـ، يوافقه 20/05/2007م.

 

القنُّوْبيُّ، الإمام الربيع بن حبيب: مكانته ومسنده ص207.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص101- 104.

 

القنُّوْبيُّ، "جوابٌ مطوَّلٌ: مطبوعٌ ومتداولٌ" لدى الكاتب نسخة منه ص99.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 13 رمضان 1422هـ، يوافقه 29/11/2001م

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/9/2008م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 14 رمضان 1430هـ، يوافقه 4/ 9 / 2009م.

 

الجيطالي، إسماعيل بن موسى. قواعد الإسلام ج2 ص83- 84.

 

[29] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص345.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص104.

 

[30] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص70.

 

[31] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص337.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 19رمضان 1428هـ، يوافقه 01/10/2007م.

 

[32] - الربيع، باب: ما يفطر الصائم ووقت الإفطار والسُّحور، رقم 318.

 

[33] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 21 شوال 1430هـ، يوافقه 11/ 10/ 2009م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:20 رمضان 1426هـ، يوافقه 24/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية بروي سابقا، صيف1421هـ/2000م، رقم المذكرة 5 ص11.

 

[34] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص345، 346.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص105.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 13 رمضان 1422هـ، يوافقه 29/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية بروي سابقا، صيف1421هـ/2000م، رقم المذكرة 5 ص13.

 

[35] - يُنظر: المُعْتمَدُ في فِقْهِ الصَّلاةِ: الحكمُ الوَضعيُّ، و البَابُ الأوَّلُ: في الطَّهَارةِ/ فَصْلٌ في تَقْسِيمِ الطَّهَارَةِ.

 

[36] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 9 صفر 1426هـ، يوافقه 20/3/2005م.

 

[37] - الترمذي، بَاب: مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ الْحَائِضِ الصِّيَامَ دُونَ الصَّلاةِ، رقم الحديث 717.

 

[38] - الترمذي، بَاب: مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ الْحَائِضِ الصِّيَامَ دُونَ الصَّلاةِ، رقم الحديث 717.

 

[39] - يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 شوال 1425هـ يوافقه 21/11/2004م.

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 ربيع الثاني 1429هـ، يوافقه 13/4/2008م.

[40] - البخاري، بَاب: تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ، رقم الحديث 293.

 

تَنبِيهٌ مُهِمٌّ: قضية المرأة في الإسلام يتخذها دعاة تحرير المرأة -كما يسمَّون- قديما وحديثا بوقًا يرقصون على أنغامه الصاخبة، زاعمين أن الإسلام امتهن المرأة ولم يعطها حقوقها الكاملة، متخذين مثل هذا الحديث ذريعة لتبرير مقالة سوئهم..

 

وفي حقيقة الأمر -وقبل كل شيء- فالحديثُ الشريفُ ليس فيه حديثٌ عن امتهان أو انتقاص للمرأة، وإنما غاية ما فيه تحذيرٌ ونُصْحٌ للمَرْأَةِ لتنجوَ بنفسها من عذاب الله وتسلك الطريق الأقوم والأهدى في تعاملها مع أسرتها لئلا ينجرف بها طبعها في مهاوي الردى، وهذا النُّصحُ لابنةِ حواء حقٌّ من حقوقها المشروعة التي كفلها لها ديننا العظيم.

 

ثم إن في الحديث وصفا لطبيعة المرأة البشرية التي تتميز بها عن شقيقها ورفيق دربها الرجل، والتي لا يستطيع أن ينكرها أحد؛ لحقيقة:{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى } آل عمران: ٣٦، فلا يشك أحد -مثلا- أن العاطفة تغلب الجنس اللطيف أكثر من الرجل، وهذا ما أثبتته إحدى الباحثات الفرنسيات، حيث أكدت أن المرأة في حال هياجها وانفعالها تغطِّي العاطفةُ جميعَ عقلها فلا يبقى معها منطق أو تفكير، ومع ذلك فإن هذه القوة العاطفية عند المرأة أمر ركبه الله فيها ومنحها إياها رحمة منه سبحانه وتعالى لتكون النصف الثاني المكمل للرجل، ولتكون المرأة للرجل ولأولاده الكنف الدافئ والسكن الروحي والأمان الداخلي، ولولا هذه العاطفة الجياشة في المرأة لما كان للمرأة تلك الصفات الضرورية لبقاء الحياة العائلية سليمة معافاة.

 

ومن ناحية أخرى فقد جعل الله شَهَادَةَ المَرْأَةِ في الأمور المالية نصف شهادة الرجل؛ لأن اهتمام المرأة بشؤون الأموال والمبايعات -في العادة- أقل من الرجل؛ لذا كانت مظنة النسيان والذهول، وهذا طبعُ كلِّ من لم يكن كثير الاهتمام بأمر من الأمور، وما يؤكدُ هذا المعنى أن شهادة المرأة قد جُعلت في بعض المواضع عن شاهدين اثنين لا سِيَّمَا في القضايا الخاصة التي تتعلق بالولادة والرضاع..

 

أمَّا أمانة القِوَامَةِ التي حمُلها الرجلُ فهي تكليف وليست تشريفا؛ جعلها الله تعالى بيد الرجل لأن الرجل أقوى بطبعه من المرأة من الناحيتين النفسية والجسدية، فمن الناحية الجسدية هو أقدر على تسيير أمور الحياة وتنظيم شؤونها ومواجهة لأوائها ومصارعة أحداثها، ومن الناحية النفسية فهو أضبط انفعالا من المرأة، فلا يتسرع في حلِّ رباط العلاقة الزوجية المقدس لأتفه سبب وأدنى انفعال كما لو كان ذلك بيد المرأة؛ وإلا فهو راع ومسؤول أيَّما سؤال عن رعيته عند الله تعالى.

 

أما من حيث الثَّوَابُ والعقَابُ فالكلُّ فيه سواء لا فرق فيه بين رجل ولا امرأة، فمن أحسن أثيب وأجر، ومن أساء فعلى نفسها جنت براقش؛ قَالَ تَعَالى:  }فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} آل عمران: ١٩٥، وقال:{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } النساء: ١٢٤، وفي موضع ثالثٍ:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } النحل: ٩٧ وعندما تستقيم المرأة على أمر ربها، ويكون فخرها بدينها لا بنسبها وتبرجها حينئذ تكون أكملت وظيفتها وسعدت في حياتها ووقع أجرها على الله، ولذا فقد امتدح القرآن الكريم كثيرا من النساء، وجعلهن سيدات العالمين، كامرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وهكذا وُجِدَ في تاريخ الإسلام من النساء مَن تعدل في حكمتها وعلمها وفضلها آلاف الرجال، وما كانت أنوثتهن ضائرة شيئا أبدا..

 

 

وَلَوْ كَانَ النِّسَاءُ كَمَنْ ذَكَرْنَا *** لَفُضِّلَتِ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ

فمَا التَّأْنِيثُ لاسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ *** وَلا التَّذْكِيرُ فَخْرٌ لِلْهِلالِ

 

 

[41]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 ربيع الأول 1426هـ، يوافقه 17/4/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 ربيع الثاني 1429هـ، يوافقه 13/4/2008م.

 

[42] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص355.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1426هـ، يوافقه 8/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 19 ربيع الأول 1425هـ، يوافقه 9/5/2004م.

 

[43] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الأساس في أحكام الحيض والنفاس ص48.

 

القنُّوْبيُّ، جلسة إفتاء2 "مادة سمعية"، إنتاج: مكتبة وتسجيلات الهلال الإسلامية.

 

المعمري،من فقه الصِّيَام ج2 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[44] - السالمي، عبد الله بن حميد. جوهر النظام ج2 ص367.

 

[45] - الربيع، باب: جامع النجاسات، رقم الحديث 151. وباب: في المستحاضة، رقم الحديث555.

 

[46] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص331.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1422هـ، يوافقه 18/11/2001م.

القنوبي، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الرابع ص59.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1424هـ، يوافقه 31/10/2003م.

 

[47] - تَنبيهَانِ:

 

الأول: هذه الأوصاف لدم الحيض والاستحاضة إنما هي بالنظر إلى أغلب النساء، وقد تتخلَّف عنها في بعض النساء؛ تبعا لطبيعة الجسم.

 

الثاني: الاستحاضة وغيرها من الأحداث الصغرى كخروج البول والمذي والودي لا توجب الوضوءَ على الفور، وإنما عند إرادة الصلاة أو عند إرادة أداء ما يُشترَط له الوضوء من جملة العبادات. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص331، 339.

 

الخَلِيْلِيُّ، الأساس في أحكام الحيض والنفاس ص54- 55.

 

[48] - يُنظر:

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص96.

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج1 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[49]- الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 12رمضان 1426هـ، يوافقه 16/10/2005م.

 

[50] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 21 شوال 1430هـ، يوافقه 11/ 10/ 2009م.

 

[51]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص339، 349.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1422هـ، يوافقه 18/11/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 شعبان 1425هـ، يوافقه 19 /9 /2004م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 24 رمضان 1427هـ، يوافقه 18/10/2006م.

 

[52]- أما مَن فسد صومه من غير عذر بأي سبب من الأسباب المتقدمة، فعليه الإمساك بقية يومه، ولا يجوزُ لهُ الأكلُ والشُّربُ ومواصَلةُ الإِفْطَارِ بحجة أن صيامه لذلك اليوم قد انتقض وأنه سيقضيه بعد ذلك، بل إنه إذا أَكَل أو شَرب أو وَاصل إفطاره فهو آثِم بِهَذه الزيادةِ زيادةً على إثْمِه السَّابق، نعوذ بالله من الجهل ووخيم عواقبه. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص264، 272.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 12 رمضان 1422هـ، يوافقه 28/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 18/10/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/9/2008م.

 

[53] - هو الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي الأزدي العماني مولدا البصري مسكنا، ولد -تقريبا- سنة 18هـ بقرية "فرق" من أعمال ولاية "نزوى"؛ ونشأ في أحضان عائلةِ علمٍ وروايةٍ، سافر إلى البصرة والحجاز والتقى بكثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقل عنهم علما غزيرا حتى قال: "أدركت سبعين بدريا فحويت ما عندهم إلا البحر الزاخر"، ويعني بالبحر عبد الله بن عباس ، وقال عنه شيخه ابن عباس: "عجبا لأهل العراق كيف يحتاجون إلينا وفيهم جابر بن زيد، لو قصدوا نحوه لوسعهم علما"، وقال ابن حجر العسقلانيُّ أيضا: "ثقة فقيه".. يُنظر:

 

معجم أعلام الإباضية/ قسم المشرق العربي

 

[54] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص320.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1422هـ، يوافقه 20/11/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 صفر 1429هـ، يوافقه 24/02/2008م.

 

الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة ص24.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص104.

 

[55] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص70.