تفسير ما أمر الله في اقتصاد النفقة في حق الله :

 

قوله في السورة التي يذكر فيها بنو إسرائيل(الإسراء:29) حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم { وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ } فهذا مثل ضربه الله , يقول : لا تمسك من البخل عن النفقة في حق الله , فلا تنفق شيئاً , بمنزلة المغلولة يده إلى عنقه لا يستطيع بسطها , ثم قال : { وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ } يعني: لا تبسطها في العطية , فلا يبقى عندك شيء , فإذا سئلت لم تجد ما تعطي { فَتَقْعُدَ مَلُوماً } يعني: يلومك الناس وتلوم نفسك{ مَحْسُوراً } يعني: منقطعاً به قد حسرت من المال ليس عندك منه شيء.

 

قال: وأثنى على من يقتصد في النفقة في الفرقان (الآية:67) قوله { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا } يعني : النفقة في طاعة الله { لَمْ يُسْرِفُوا } في النفقة بغير الحق { وَلَمْ يَقْتُرُوا } يعني: ولم يمسكوا عن النفقة , ولا ينفقون , ولكن اقتصاد { وَكَانَ } يعني : الاقتصاد في النفقة { بَيْنَ ذَلِكَ } بين الإسراف والإقتار { قَوَاماً } .

 

تفسير من يعطى عطية ليعطى أكثر منها:

قوله في سورة المدثر (الآية:6): { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } يقول: لا تعطي عطية لتعطى أكثر من عطيتك.

 

وقوله في سورة الروم (الآية:39):{ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ } يقول: ما أعطيتم من عطية لتزدادوا بذلك في أموال الناس, يعني : لتلتمسوا بها الزيادة من أموال الناس "فلا يربوا عند الله" يعني : فلا تضاعف تلك العطية عند الله ولا تزكوا , وليس فيها [ثواب].

 

ثم قال { وَمَا آتَيْتُمْ } يعني: ما أعطيتم { مِنْ زَكَاةٍ } وغيره يعني:صدقة{ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ } ورضاه { فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ } يعني : فتلك العطية التي تضاعف بواحدة عشرة إلى سبع مائة ضعف فصاعداً.

 

ووجدت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لئن أطعم أخاً لي في الله لقمة أحب إليّ أن أتصدق بدرهم , ودرهماً أعطيه إياه أحب إليّ أن أتصدق بعشرين درهماً".

 

وقال : من أهدى إلى صاحبه هدية , فوصل إليه بها فهو مأجور إذا لم يرد بثوابه منه .

 

وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "تهادوا عباد الله , فإن الهدية تثبت المودة وتذهب [السخيمة]".

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" لو أهدى إليّ كراع , لقبلت , ولو دعيت إلى كراع لأجبت".

 

تفسير موضع القرض مع الصدقة :

قوله في سورة النساء (الآية:114): { لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ } يعني : إلا من تصدق { أَوْ مَعْرُوفٍ } يعني : أو من أمر بالقرض { أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ } يعني : الصدقة والقرض والصلح { ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ } يعني: رضوان الله { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } يعني جزاءً وافراً في الجنة .

 

عن ابن مسعود أنه قال:" لئن أقرض ألف درهم مرتين ثم قبضها وأنتفع بها أحب إليّ من أن أتصدق منها بدراهم" .

 

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" انطلق برجل إلى الجنة فإذا باب مغلق فنادى الذي معه رضوان خازن الجنة , فأجابه آخر : ليس ها هنا خلفه زفير , فنظر الرجل إلى باب الجنة مكتوب " القرض بسبعة عشر , والصدقة بعشرة أمثالها" فقال الرجل لم هذا هكذا؟ قيل : الصدقة ربما وقعت في غني , وإن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاج أو محوج" .